الجيش الذي يُقهر
بلال العبويني
زادت تصريحات رئيس أركان جيش الاحتلال الاسرائيلي "غادي أيزنكوت" التي أدلى بها لصحف عبرية، من مؤشرات قرب اندلاع مواجهات عسكرية مباشرة بين القوات الموالية للحكومة السورية، "الإيرانية وحزب الله"، وبين القوات الإسرائيلية، والأمريكية ربما.
لكن أيزنكوت، ركز في تصريحاته على أن الحرب التي يتوقعها ستكون ساحتها لبنان، لتدمير "كل ما يقع تحت استخدام حزب الله.. من بيروت حتى آخر نقطة في الجنوب.."، وفق ما قال.
يعترف رئيس أركان الحرب الإسرائيلي أن "إيران وحزب الله يشكلان خطرا حقيقيا"، ولعل محاولات الحكومة السورية وحلفائها السيطرة على مزيد من الأراضي في الجنوب السوري، هو أكثر ما يقلق الاحتلال الإسرائيلي، الذي حاول في كل المباحثات المتعلقة بالمنطقة الاشتراط بابتعاد القوات الإيرانية مسافة 30 كيلو مترا على الأقل داخل الأراضي السورية.
ذلك، لأن الاحتلال الإسرائيلي يدرك جيدا أن اقتراب تلك القوات من الحدود الفاصلة بين سوريا وفلسطين المحتلة يعني أنها أصبحت تحت مرمى النيران، وهو الأمر الذي يقلقها كثيرا وسيشكل لها تحديا أمنيا كبيرا، من المستحيل احتماله أو التعايش معه.
من المعلوم، أن لبنان ساحة مفتوحة، وقد سبق وخاضت قوات الاحتلال على أراضيها ومن أجوائها حروبا عدة، وبالتالي لديها إحداثيات وقاعدة بيانات يمكن الاستناد عليها في حربها المقبلة، وهذا ما قاله أيزنكوت صراحة.
وبالتالي، فإن الاعتقاد الإسرائيلي يكمن في أن اندلاع حرب كبيرة في لبنان من شأنه أن يضعف قدرات حزب الله بضرب معاقله، وبالتالي إضعاف النفوذ الإيراني في سوريا ولبنان، بما يسمح بإبعاد خطرهما على الأقل عن الجنوب السوري.
بيد أن هذا الاعتقاد قد لا يكون في محله مطلقا، وتحديدا ما تعلق بحديث أيزنكوت عن "تراجع قوة حزب الله بما فقده من مقاتلين منذ بدء الأزمة السورية"، ذلك أن العكس هو ما قد يكون عليه حزب الله الذي لا يخوض حروبه كجيش نظامي، وهذا من أسباب قوته، عندما نؤشر إلى مدى الخبرة الكبيرة التي قد يكون اكتسبها خلال السنوات السبع الماضية من أسلوب حرب العصابات، التي أعجزت آلة الحرب الإسرائيلية من ذي قبل.
في العام 2006 حقق حزب الله انتصارا عظيما على الاحتلال الإسرائيلي، ودمر مقولة "الجيش الذي لا يُقهر"، ومنذ ذلك الوقت إلى اليوم، ليس بمقدور أحد تقييم القوة التي أصبح عليها الحزب ومدى التسليح الذي حاز عليه ونوعيته تحديدا من إيران، التي تقول تقارير غربية إنها أنشأت مصانع لانتاج الصواريخ في سوريا ولبنان، وهي المصانع التي تحدثت عنها أيضا تقارير إسرائيلية محذرة من خطورتها.
إن صدق أيزنكوت في تصريحاته، فإن الحرب ستكون من نوع مختلف هذه المرة مع حزب الله، ذلك أن إيران لن تقدم السلاح فحسب، بل إنها ستقدم المقاتلين الذين سيقاتلون جنبا إلى جنب مع مقاتلي حزب الله، وستكون الحرب مفتوحة في جنوب سوريا ولبنان وستكون الأراضي المحتلة في شمال فلسطين تحت مرمى النيران، بل وهدفا لتسلل مقاتلي حزب الله للسيطرة على المستوطنات القريبة من الحدود اللبنانية، كما قال أيزنكوت نفسه.
على كل، ما أدلى به رئيس أركان الحرب الإسرائيلي، لا يمكن التسليم به تحديدا ما تعلق بحرب لبنان وقطاع غزة، بيد أن المواجهات في جنوب سوريا مع القوات الموالية للحكومة السورية لا أظنها بعيدة، فكل المؤشرات تدل على قرب اندلاعها سواء صدق ترامب وسحب قواته من سوريا أم ظلت على حالها.//