خليل النظامي يكتب .. البطالة والفقر ملفات علمية لا متفجرات وقنابل


شدني اليوم بشكل كبير التصريح الذي خرج به وزير العمل الدكتور معن القطامين حول البطالة خلال انعقاد الجلسة الرقابية في مجلس النواب، حيث قال "أن البطالة قنبلة موقوته آمل ان لا تنفجر في وجوهنا، مشيرا الى ان نسبة البطالة وصلت الى حوالي 24%، مؤكدا ان حلها يتطلب تظافر جميع الاطراف، معزيا ارتفاعها لـ فشل عدد من الحكومات السابقة".

تصريح القطامين اليوم لم يخرج عن دائرة التشخيص التي اتبعها قبله معظم من استلموا وزارة العمل وملف البطالة ممن سبقوه في الحكومات السابقة، والوصف الذي اطلقه القطامين على مشكلة البطالة اخرجه من دائرة المنهجية "العلمية" التي تعتبر معيار رئيسي للحديث وتشخيص واقع البطالة، وادخله في دائرة المنهجية "العشوائية" في وصف مشكلة بحجم مشكلة البطالة، وهذا امر ليس بـ الغريب عن معظم الوزراء ممن تسلموا ملف البطالة في معظم الحكومات السابقة، فما الجديد فيما جاء به القطامين.

وفي المقابل، سبق تصريح الوزير القطامين حديث له عبر احد وسائل الاعلام حول عدد المتعطلين عن عمل في الأردن الذي اوضح فيه أن عدد المتعطلين يبلغ تقديريا حوالي 400 الف متعطل، الأمر الذي يؤشر هنا الى أن الحكومة ومسؤولي ملف البطالة يعملون وفق معيار "النسبية والتقدير"، وليس لديهم اي قواعد بيانات رقمية واحصائية حقيقية تعكس واقع حال وعدد المتعطلين عن عمل في الاردن بشكل دقيق، الأمر الذي يؤكد ان كل ما سيتم رسمه من خطط وبرامج وقرارات تتعلق بـ البطالة في اروقة الرابع سيكون نجاحها أمر نسبي لا أمر حتمي النجاح.

الى ذلك، وتأكيدا على أن الحكومة ووزارة العمل ايضا تعمل وفق نظرية النسبية والمكيال التقديري للملفات التي تعمل عليها، ملف العماله الوافدة خاصة المخالفين منهم لـ قانوني العمل والإقامة، حيث لغاية هذه اللحظة لا يوجد قاعدة بيانات حقيقية تعكس واقع حال اعداد العمالة الوافدة الموجودة وتعمل على الاراض الاردنية وتفصيلاتها من حيث الاقامة والمهن التي يعملون بها وتصاريح العمل الحاصلين عليها، اذ ما زالت التصريحات تتوالى حول هذا الملف من قبل الحكومة بـ منهجية التقدير، مع العلم ان حل مشكلة البطالة مرتبط بشكل مباشر بضبط وتنظيم سوق العمل.

وفي السياق نفسه ايضا، لا انسى هنا الحديث عن ملف عاملات المنازل الهاربات، واللواتي لا يوجد احصائية متوفرة بشكل دقيق في اروقة الحكومة ومؤسساتها عن هذه الشريحة توضح تفاصيل تواجدهن على الاراض الاردنية والمهن اللواتي يعملن بها، هذا اذا علمنا ان اي مواطن بامكانة التجول في جبل عمان شارع "مانيلا" والخروج بأكثر من الف عاملة هاربة بكل بساطة، ولكن يبدو ان هناك خلل في عمليات الرقابة لدى وزارة العمل او تحديات جسام تقف بينهم وبين تطبيق قانون العمل بشكله الصحيح لضبط وتنظيم سوق العمل الاردن.

نستنتج من هذا كله، أن الحكومة ما زالت تعمل وفق آلية عمل الحكومات السابقة، ولم تحاول أن تأتي بشيء جديد، خاصة أن ملف مثل ملف البطالة وملف العمالة الوافدة وملف التشغيل مرتبطات ببعضهن البعض بشكل مباشر، ولا يمكن اتخاذ اي قرارات او تنفيذ اية برامج وتوجهات في هذه الملفات دون اجراء دراسات علمية حقيقية ورقمية احصائية توضح حقيقية واقع حال بيئة كل من هذه الملفات، فـ هذة ملفات علمية منهجية وليست ملفات يمكن ان تتخذ فيها القرارات على معيار نسبي، او بناء على تقديرات معظمها مستوحاه من الخيال وغير دقيقة، الأمر الذي يؤكد حتمية فشل اية برامج او خطط او توجهات لحل مشكلة البطالة والاختلالات الحاصلة في سوق العمل المحلي.

وحول مسألة تظافر جميع الجهود لـ حل مشكلة البطالة الذي صرح به وزير العمل القطامين، اعتقد ان هذا التصريح اصبح مستهلك جدا من قبل كل الحكومات السابقة، وهو مؤشر بنفس الوقت ودعوة للقطاع الخاص والمواطنين ايضا بما فيهم المتعطلين عن عمل للمساهمة في حل مشكلة البطالة جنبا الى جنب مع الحكومة، ولكن بنفس الوقت تبقى جملة التساؤلات المطروحة معلقة تبحث عن اجابات، فـ ماذا فعلت وزارة العمل وحكومة الدكتور بشر الخصاونة بـ فلسفة وسياسة التشغيل التي كان عنوانها "الاعتماد على الذات"، وماذا عن الاتفاقيات التي وقعتها الحكومة مع باقي القطاعات والنقابات بهدف التشغيل وتوفير فرص عمل، هل من نتائج ومتابعة وتقييم، وماذا عن الصناديق التي ما زالت برامجها المتعلقة بالتشغيل غير واضحة المعالم، وماذا عن منهجية التدريب التي لم تنتهي يوما بـ التشغيل، وماذا عن الاستحواذ شبة الكامل للعمالة الوافدة على المهن التي اصبح بمقدور وثقافة المواطن الاردني العمل فيها، حيث نرى ونلاحظ ان ثقافة العيب اندثرت ولم تعد موجوده، والكثير من الاسئلة تبقى معلقة ويستوجب الاجابة عليها من خلال اجراء الدراسات والمسوحات الاحصائية والرقمية الحقيقية لا الدراسات العشوائية المنسوخه او المقدرة تقدير على معيار نسبي.