يلينا نيدوغينا تكتب :جلالة الملك والمقدسات

جلالة الملك والمقدسات
يلينا نيدوغينا
 احتفلنا في الأردن قبل أيام بالأعياد الميلادية في أجواء من الفرح والحبور والسرور، لكن أخواتنا وإخوتنا في فلسطين المحتلة احتفلوا بها في ظروف قاسية للغاية، تطغى عليها أصوات أزيز الرصاص القاتل والقنابل وأنين الشهداء، حيث تستمر صور الجرحى والموتى تتلاحق كل يوم أمام سمع وبصر العالم أجمع بكل دوله الشرقية والغربية، الرأسمالية والنامية والإشتراكية، وبرغم هذا كله لم يعد العالم يُحرّك ولو أصبعاً من أصابعه العشرة لانقاذ شعب صغير حكمت عليه الصهيونية بالموت، وعلى أرضه بأن تصطبغ دون توقف بدماء الفداء القاني الطاهر.
 وحده جلالة الملك عبدالله الثاني المعظم يبقى الوحيد الذي يُذكّر العالم بمآسي شعب فلسطين، ويُعلن بدون توقف ولا كلل ولا ملل أن على العالم التحرك لإحقاق العدالة ونشر السلام الشامل والكامل في أرض السلام، أرض الديانات السماوية والانبياء والاخلاق الحميدة العلية. 
 تقف الصهيونية حجر عثرة كبيرة أمام توحيد ووحدة شعبي الأردن وفلسطين، لأنها تتطلع إلى ترجمة أيديولوجيتها التوسعية في كل الأرض العربية المقدسة سماوياً من الماء إلى الماء، ومن الجبال إلى الصحراء. لقد سقطت ورقة التوت عن هذه الصهيونية منذ زمن بعيد، ولكن للأسف الشديد جداً ما زال العالم "المتحضر" يَغض النظر عن الجرائم اليومية والبشعة التي يقترفها صهيون على أرض فلسطين التي قدّسها الله وأقام فيها مبعوثيه لتكريسها للسماء ورسالاته على مدى الأزمان وعلى مدار الدهور.
 تكمن المشكلة في أن الصهيونية ورجالاتها الأغنياء يسيطرون على مفاصل السياسة العالمية واقتصاداتها وقراراتها، وهم الذين يتناوبون على وضع المخططات لاستباحة البقية الباقية من فلسطين، ممعنين حتى في سرقة حضارتها وثقافتها وتحويلها إلى يهودية صهيونية، فحتى "خبز الشراك"، والفلافل، والحمص، والتبولة، وورق الدوالي، والمحاشي، والمسخن، وقطائف رمضان، والملوخية، صارت على اختلافها يهودية في مطاعم الكيان الغاصب وفي دول العالم، حيث السلطان الصهيوني طاغٍ. 
 وفي مظهر احتلالي بشع لثقافة الطعام العربية، شارك "الكيان" عام 2000 في "اليوم العالمي للمفتول" بصفته طبقًا إسرائيليًا !!!. وقالت الأنباء أنذاك، أنه في إحدى زيارات الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة، بان كي مون، إلى مدينة تل الزهور الفلسطينية (أبيب)، "قدّم له وزيرًا صهيونيًا طبقًا من (الشكشوكة) بصفته طبقًا إسرائيليًا أيضًا، علّق عليه بان كي مون - بلغة عبرية - صريحة وبكل صفاقة أنه "لذيذ جدًا"!
 في الأعياد الميلادية الأخيرة، كما في كل الأعياد السابقة، أكد جلالة الملك المعظم أن المسلمين والمسيحيين في الأردن أسرة واحدة متضامنة، تعمل من أجل مصلحة الوطن وتقدمه وازدهاره، وأن لكنائس القدس الحق في الحفاظ على مقدساتهم وممتلكاتهم وممارسة شعائرهم بحرية ودورهم القوي.. وقال جلالته أيضاً: "دفاعي عن حقوق المسلمين والمسيحيين في القدس واجب وإرث هاشمي"، كما أكد الملك حرصه على التواصل مع رؤساء الكنائس في الأردن والقدس وممثلي الأوقاف والهيئات المقدسية الإسلامية، في بيت الأردنيين، وقال "كل الدعم والتقدير مني”.
 الوصاية الهاشمية على المقدسات في المحتل صهيونياً وإمبريالياً من الأرض الفلسطينية، أرض كنعان العربية، هو الركن الذي نركن إليه بثبات، فجلالة الملك يحمل إرثاً هاشمياً نابعاً من الدين والتاريخ ورسالة الهاشميين الأفذاذ لحماية الأرض والانسان ومسلميها ومسيحييها، وصوت جلالته دولياً هو المسموع على أعلى المستويات العالمية، ويؤخذ بالاعتبار والمتابعة، فدور الأردن محوري ومبدئي ولا تراجع فيه، ويقف في مواجهة العدوان والاستيطان والشر، والاستعمار الصهيوني لن ينسى بل هو يستذكر كل يوم صمود الجيش العربي الأردني وصور الفداء التي اجترحها في كل معارك الحرية والتحرّر على أرض فلسطين من شمالها إلى كل بقعة فيها، وكذلك أمر بطولات هذا الجيش في معركة الكرامة الخالدة التي سنحتفل قريباً بذكرى النصر ال53 فيها، حيث ربطت القيادة الصهيونية عسكرييها بالجنازير إلى دباباتهم والطيارين العسكريين إلى طائراتهم خشية هروبهم من حقول المعارك التي سطّر فيها الجندي الأردني أروع صور البطولة والفداء.