عمر كلاب يكتب:جواسيس بيننا فماذا فعلتم ؟
عمر كلاب
جواسيس بيننا فماذا فعلتم ؟
لم تثبت مؤسسات المجتمع المدني حضورها الوطني باستثناء مؤسسات قليلة لا تتجاوز عدد اصابع اليد الواحدة , فمعظمها دكاكين استرزاق لاصحابها , على غرار دكاكين الحارات القديمة او البقالات , التي كانت تحمل لافتة مطبوع عليها اسم البقالة ملحوقا بجملة " لصاحبها فلان الفلاني " , وظهرت هذه النماذج من المؤسسات بعيد معاهدة وادي عربة على وجه الحصر وتكاثرت بأرنبية عجيبة في زمن الليبراليين الجدد وحظيت بدعمهم وبدعم الولايات المتحدة ضمن برنامج الشرق الاوسط الجديد ومشاريع دمقرطة المجتمعات النامية , علما بأن امريكا اكثر دولة راعية للانظمة الرجعية والدكتاتورية في العالم .
فكرة التمويل الاجنبي فكرة مُلتبسة ويشوبها الغموض من حيث المقاصد والاهداف , وغالبية هذه المؤسسات ودكاكينها تتعاطي مع قضايا ثانوية واشكالية ولا تحتل اولوية في المجتمعات المحلية والعربية , ويمكن اعتبارها خنادق امامية لاختراق المجتمعات العربية وتفصيلها حسب القياسات الغربية دون ادنى مراعاة للظرف الاجتماعي والاقتصادي , فالظواهر الناشئة في المجتمعات الغربية هي ظواهر تنتمي لمجتمعاتها وحاصل جمع افرازات الحداثة والاتمتة وانعاكاستها على السلوك البشري , من مظاهر الازياء والتقليعات الى ظواهر المثلية والهويات الفرعية ومفردات الجندرية والحقوق الدينية وغيرها .
قابل ذلك صمت رسمي مريب ليس بحكم تشاطر التمويل بحكم ان معظم الدول النامية والعالم العربي والاردن جزء منها محكوم لاشتراطات البنوك الدولية وصناديقها , ولكنه اخذ شكل الاذعان لرغبات وتوجيهات الغرب ومؤسساته الرسمية سواء بالمضامين التي تبحث فيها وتناقشها تلك البرامج وبالضرورة اذعان من تلك المؤسسات لرغبات الممول فلا يوجد تمويل بريء على الاطلاق , باستثناء تمويل الامراض والمؤسسات الخيرية المعروفة على المستوى الدولي , فحتى تمويل اللاجئين خاضع لاعتبارات سياسية واجندات اقليمية ودولية ورأينا كيف يتم التفاعل مع لاجئ وتجاوز كل هموم وامال والام لاجئ اخر , وقد كشف الربيع العربي بأحداثه ومجرياته حجم الدور المشبوه لتلك المؤسسات ومدى ارتباطاتها بسفارات الغرب المعادية لكل قضايا وامال الشارع العربي .
امس استشاط نشطاء المجتمع المدني حسب التوصيف السائد ضد كلمة نائب تحت القبة وسم هذه المؤسسات باوكار التجسس وهو وصف قاس لا يجوز تعميمه جزافا دون دليل ثابت وخاصة وان القائل ينتمي الى المدرسة القانونية بحكم عمله وخبرته .
ليس المطلوب اصدار الاحكام وتعميمها بقدر ما هو المطلوب مراجعة هذه المؤسسات وانظمتها المالية وانظمتها الداخلية وملاحقة التجاوزات من قبل مراقبة الشركات وفرز الغث من السمين ، قبل تعميم الاحكام ، ناهيك عن ضرورة تقديم هذه الملفات الى القضاء للتحقيق والتحقق وليس فقط اصدار الاحكام تحت القبة .
Omarkallab@yahoo.com