القدرة على الارغام ... لتحقيق المصالح والاهداف !!!

  المهندس هاشم نايل المجالي

من اهم الوسائل التي تستخدمها الولايات المتحدة الامريكية لمعاقبة واضعاف اي دولة تعترض المصالح الامريكية او تعارض قراراتها هو اسلوب وسياسة القوة الناعمة ، التي تعتبر في مقدمة السياسات الامريكية بدلاً من استخدامها لسياسة الحروب العسكرية ، التي كانت تتبعها من قبل ، حيث ان استخدام القوة الناعمة تمكنها من الانتصار وتحقيق اهدافها دون ان تطلق رصاصة واحدة ، وتكمن هذه السياسة في وقف الدعم المالي والعيني المخصص لتلك الدولة ومحاربتها اقتصادياً باسلوب الخنق الاقتصادي اي الخنق البطيء ، من خلال الاملاءات على تلك الدولة لاتخاذ قرارات بحق شعبها من خلال البنك الدولي وغيره ، وفرض على الدول الاخرى الداعمة لتلك الدولة وقف مساعداتها والمنح المخصصة لها ، اي انها تحاصرها من كافة الجوانب ، وهذه تعطيها قدرة على الارغام على تلك الدولة لارضاخها وتركيعها من خلال هذه العقوبات المالية ، ودعم المعارضة السياسية اللاعنفية في داخل وخارج تلك الدولة ، بالاضافة الى تسريب العديد من المعلومات واشكال الفساد واصحابه من المتنفذين ، حتى يتم تفكيك البنية السياسية والاجتماعية والاقتصادية لتلك الدولة ، مع استغلال كافة وسائل الاعلام المرئي والمسموع ، بالاضافة الى وسائل التواصل الاجتماعي والاعلام العالمي ، كذلك دعم تصعيد الحراكات الداخلية المحلية وانصارها الخارجيين الذين يتولون تزويدهم بالمعلومات واساليب الفتن لخلق فوضى داخلية ، واجبار القوى الامنية لتلك الدولة لقمع هذه الحراكات وبالتالي زعزعة الامن والاستقرار الداخلي وخلق فوضى بالاسواق .

كل ذلك لارغام اي دولة تواجه قرارات الولايات المتحدة للاذعان لمصالحها ، والموافقة على قراراتها لتحقيق الارادة الامريكية بصورة او باخرى ، فهذا الاسلوب شكل من اشكال القوة غير العسكرية ، ويستخدم وسائل الحنكة للسياسة الامريكية لارغام واجبار الدول المعارضة للسياسة الامريكية من اجل جعلها تمتثل للرغبات الامريكية ، فهي في بعض الدول العربية استطاعت تغيير الانظمة وتدخلت بالصراعات الداخلية ، فهي تمتلك كافة الوسائل المساعدة لذلك فهي في هذه السياسة تعزل تلك الدولة عن اي مساندة او دعم من اي دولة اخرى ، وتلحق الاذى الاقتصادي فيها وكما يقال تلوي ذراعها بالوسائل غير العسكرية ، يضاف الى ذلك السياسة الامريكية لمساندة خصوم تلك الدولة ودعمهم اعلامياً ومالياً لمضاعفة نشاطهم ، وتغذيتهم بالمعلومات واية افلام او كلام مدبلج ومزور ، فهي تملك كافة الوسائل التي تخدم مصالحها بكل اقتدار ، فهي قادرة على خلق التوتر والعنف والحدة المتزايدة داخلياً لخلق صدامات في مواقع مختلفة داخل الدولة ، وتوسيع قاعدتها بتخطيط مسبق وتحت مظلة حرية الرأي والتعبير والديمقراطية .

وكما شاهدنا عندما طردت السفيرة الامريكية من احدى الدول العربية حيث انها كانت تتدخل في الديناميكيات الداخلية للدولة والمجتمعات فهو بالنسبة للولايات المتحدة امر مبرر اتخاذه ، كذلك كانت تقدم دعماً مالياً لبعض الفضائيات وبعض الصحف اليومية وتحميها من اي تغول عليها ، وفتح قنوات اتصال مع النخب الساخطه المعارضة للنظام ، فهي قادرة على اختراق وسائل الاتصالات والتصنت ووسائل التواصل الاجتماعي والتلاعب فيها باسماء وهمية .

فهي حرب الكترونية وبالتالي تكسر الارادات وتضعف الدولة وبالتالي تتمكن الولايات المتحدة من صنع قراراتها بكل نعومة ، لانها تصبح مقرونة بالدعم المالي ، وفك الحصار الاقتصادي ، وتوعز لبقية الدول المانحة للدعم بالافراج عن مخصصاتها المالية الداعمة للمشاريع التنموية بتلك الدولة ، اي ان امريكا وحلفاءها والدول المأمورة بأمرها تقوم بكل براعة بسياسة الارغام لتحقيق مصالحها مع اضعاف المستهدف من الدول المعارضة وهذه السياسة تحقق لها النصر دون اللجوء للقوة العسكرية .

هذه احدى السياسات الحديثة التي تستخدمها ضد اي دولة تعارض قراراتها ، فهل سيكون الشعب اوعى من ان ينجر في تلك الألاعيب  والاساليب ويكون اسلوبه اكثر حكمة في طرح مطالبه باسلوب العقلانية مع المحافظة على امن واستقرار وطنه ، ومواجهة المفسدين والمغرضين واصحاب الفتن ، بدلاً من الصدام والدخول في متاهات تفاقم الامر سوءاً اكثر انعكاساتها خطيرة .//

 

hashemmajali_56@yahoo.com