الشرطي الذي أدان سيارة الملك !!

د. عصام الغزاوي

 

في منتصف الخمسينات، تعرضت سيارة جلالة الملك الحسين طيب الله ثراه، لحادث سير بسيط في منطقة جبل عمان، مما تطلب إستدعاء رقيب السير المختص محمد خليل البوريني- ابوعصام على دراجته لتخطيط الحادث، وكان معروفاً بالنزاهة والإستقامة والحيادية، بعد معاينة ملابسات الحادث ادان في تقريره سيارة جلالة الملك .

وعندما شاهد رئيسه التقرير نصحه بتغييره ولكنه رفض ذلك قائلاً له انه حالف يمين على اداء عمله بنزاهة وأمانة وترك تقرير الحادث أمامه وقال له هذا ما شاهدته والتقرير ارفعه لكم وانتم احرار .

 بعد ايّام عندما شاهد الملك الحسين والذي كان دوما مثالا يحتذى بطيب الخلق والتواضع تقرير الحادث فأعجبته حيادية التقرير ودقته العدلية وأمر بمنح ابو عصام وساما ومكافأة مالية على نزاهته وقيامه بعمله بامانة، طبعاً هذا التقدير الملكي سبب العداوة والحسد له ممن يعادون التميز والنجاح، فعملوا على نقل ابو عصام تعسفياً الى المفرق عام 1967، ليكون اول رقيب سير في المدينة، وهناك اصبح يمضي وقته بدون عمل لقلة حركة السيارات في المفرق، وذات يوم أُستدعي ابو عصام لمعاينة حادث بين القطار المار بالمفرق وشاحنة صغيرة " ترك" يقودها شخص سوري يعمل بتجارة الاغنام، وكتب في تقرير الحادث ان المسؤولية تقع على القطار  الامر الذي لم يعجب مرة اخرى مسؤوليه وهذه المرة لم يكافئوه بل قاعدوه بعد خدمة 26 سنة برتبة عريف ..

صرامة هذا الرجل واستقامته، جلبت له المتاعب حتى بعد تقاعده، حين افتتح اول مدرسة في المدينة لتدريب السواقة في المفرق، اضطر الى اغلاقها بعد بضع سنوات، بسبب إستمرار نمطه الاخلاقي الثابت في الإستقامة والنزاهة، وعمل سائقاً على خط (المفرق - الزرقاء) وهو الذي اقترح الغاء 5 سيارات مقابل الاستبدال بباص، النظام الذي اسهم في تقليل الزحام ودعم الركاب من صغار الموظفين والجنود ذوي الدخل المحدود.

رحم الله ابا عصام رمز الاستقامة والحيادية وصاحب السيرة العطرة.

الحادثة ذكرها الاستاذ عبدالله شاهين "ابو طراوة". //