ريم البنا .. الموت حول فنجان الميرمية

 

وليد حسني

بالأمس ماتت الفنانة الفلسطينية ريم البنا بعد صراع امتد لسنوات مع السرطان، واجهت مرضها بشجاعة، وانتظرت نهايتها، وكتبت قبل وفاتها وتحديدا في الخامس من شهر اذار الجاري

 

"وأنا بين حد سيفين ..

 

في غيبوبة التأمل ...

 

أتدرّب على نهاية ساخرة .. "

 

كانت ترى نفسها في الآونة الأخيرة عبئا على كل شيء، على الطب، والمشافي، والوطن، وعلى الجسد،وعلى الأصدقاء، وعلى الأنفاس الضيقة..الخ.

 

عبء على الأنفاس الضيقة ...

 

عبء على ليل لا يحتمل أرق مألوم ..

 

عبء على الهواء وورد الشبابيك الذي لا أصل ..

 

عبء على درب الأحلام الذي لم تعد تطأه قدماي ...

 

عبء على الحب الذي يجعلنا كريشة طائشة خفيفة ...

 

عبء على الومضة مهما لمعت ...

 

عبء على العبء ..

 

في ذات اليوم ، في الخامس من شهر اذار الجاري وقبل تسعة عشر يوما على وفاتها كتبت ريم تقول..

 

بالأمس .. كنت أحاول تخفيف وطأة هذه المعاناة القاسية على أولادي ..

 

فكان علي أن أخترع سيناريو ..

 

فقلت ...

 

لا تخافوا .. هذا الجسد كقميص رثّ .. لا يدوم ..

 

حين أخلعه ..

 

سأهرب خلسة من بين الورد المسجّى في الصندوق ..

 

وأترك الجنازة "وخراريف العزاء" عن الطبخ وأوجاع المفاصل والزكام ... مراقبة الأخريات الداخلات .. والروائح المحتقنة ...

 

وسأجري كغزالة إلى بيتي ...

 

سأطهو وجبة عشاء طيبة ..

 

سأرتب البيت وأشعل الشموع ...

 

وانتظر عودتكم في الشرفة كالعادة ..

 

أجلس مع فنجان الميرمية ..

 

أرقب مرج ابن عامر ..

 

وأقول .. هذه الحياة جميلة ..

 

والموت كالتاريخ ..

 

فصل مزيّف ..

 

أنا هنا لا أكتب مرثاة سيئة في فنانة التقيتها مرة واحدة واستمعت اليها مرات، وإنما لأرثي أولئك الذين أعلنوا شماتتهم بموتها، لقد وصلت الشماتة والكراهية عند البعض الى صرف ألفاظ نابية بحقها، لأنهم اختلفوا معها على موقفها من سوريا فقد كانت رحمها الله من مؤيدي المسلحين والمرتزقة في سوريا لكونها رأت فيهم قمرا سوريا سيطلع من برية الشام، قبل أن تنجلي الحقائق وتتبين الهويات والأقنعة لهؤلاء المرتزقة..

 

ثمة فسحة من الحب تجاه الموت حين نترك الكراهية خلفنا//..