إن كنت قلقاً من اختفاء "فيسبوك" فجأة.. فلا داعي للذعر!
العربية-وكالات
من الصعب إدراك حجم "فيسبوك" الحقيقي كشركة، ونوع التأثير الذي تمارسه مع الشركات التابعة لها في جميع أنحاء العالم.
ففي معرض إعلانها عن نتائجها الفصلية في وقت سابق من هذا العام، كشفت "فيسبوك" أن 3.14 مليار شخص يستخدمون واحدا على الأقل من تطبيقاته الأساسية كل شهر، ارتفاعاً من 2.99 مليار.
هذا الرقم ضخم جداً، فما علاقة ذلك في الواقع بالدعوى القضائية التي تم رفعها من قبل لجنة التجارة الفيدرالية و46 مدعياً عاماً ضد "فيسبوك"، والتي تتهم الأخيرة بأنها أصبحت على هذا النحو من خلال ممارسات غير قانونية؟!
لماذا الآن؟
في الواقع، لم تظهر هذه الادعاءات من العدم.. لقد كانت نتيجة تحقيق استمر لسنوات من قبل قسم إنفاذ التكنولوجيا التابع للجنة التجارة الفيدرالية. وقد جاء على ذكرها نواب أميركيون بإيجاز عندما أدلى مارك زوكربيرغ ورفاقه بشهادتهم أمام لجنة تابعة للكونغرس في وقت سابق من هذا العام.
وتعود إدعاءات لجنة التجارة الفيدرالية (FTC) إلى أبعد من ذلك، حيث تدعي أن "فيسبوك" كان "مزود الشبكة الاجتماعية الأكثر هيمنة في الولايات المتحدة منذ العام 2011 على الأقل".
ما التهمة؟
ويتكون مستند الدعوى من 175 فقرة على 53 صفحة، لكن جوهر الموضوع هو كما يلي: لقد أصبح "فيسبوك" كبيراً بشكل سخيف واستخدم كل الأموال التي كان يجنيها لشراء أو تدمير أي شركة قد تحاول إزالته من عرش وسائل التواصل الاجتماعي، بحسب تحليل Popular Science.
وتحدد الفقرة الخامسة في الوثيقة هزيمة معينة اعتبرت نقطة تحول لسلوك "فيسبوك": "منذ الإطاحة بمنافسه المبكر Myspace وتحقيق القوة الاحتكارية، تحولت فيسبوك إلى لعبة الدفاع من خلال وسائل غير تنافسية".
يقتبس هذا المقطع أيضاً عبارة صادرة عن زوكربيرغ نفسه تضمنها بريد إلكتروني داخلي يعود للعام 2008، حين قال الرئيس التنفيذي لـ"فيسبوك": "الشراء أفضل من المنافسة".
تزعم لجنة التجارة الفيدرالية (FTC) أن هذا الموقف أدى إلى استحواذ "فيسبوك" علىInstagram في العام 2012، واستحواذها أيضاً في صفقة ضخمة بـ19 مليار دولار على خدمة المراسلة WhatsApp، والتي تشكل هيكل الدعوى القضائية.
يشير الاتهام الآخر إلى أن "فيسبوك" شاركت في عملية "تكييف مانعة للمنافسة" من خلال تقييد وصول الأطراف الثالثة إلى واجهة برمجة تطبيقاتها، إذ لم يُسمح لهذه الشركات بتقديم الوظائف الموجودة في تطبيقات "فيسبوك" الأساسية. وقد أنهت الشركة هذا التقييد في العام 2018، لكن الشكوى تشير إلى أن هذا الارتداد كان "مدفوعاً بفحص عام استباقي" ناجم عن وثائق صادرة عن عضو في البرلمان البريطاني.
أخيراً، تتهم شركة "فيسبوك" باستخدام نفوذها في السوق لـ "حرمان مستخدمي الشبكات الاجتماعية الشخصية من فوائد المنافسة، بما في ذلك توسيع الاختيار والجودة والابتكار"، من خلال شراء أو نشر وظائف مشابهة للتطبيقات الصغيرة قبل أن تنمو، مما يمكن "فيسبوك" من الحفاظ على الصدارة.
ما الذي تريده الحكومة الأميركية؟
وتتضمن الطلبات الكبيرة تخلي "فيسبوك" عن ملكيته لـ Instagram و Whatsapp. ولم تذكر على وجه التحديد استحواذها على Oculus (التي تصنع معدات VR)، لكنها تقول إن "فيسبوك" سيحتاج إلى الحصول على موافقة صريحة من لجنة التجارة الفيدرالية عندما يريد شراء شركات أخرى في المستقبل.
علاوة على ذلك، تطالب لجنة التجارة الفيدرالية "فيسبوك" بإزالة القيود المفروضة على الشركات الخارجية التي تتطلع إلى الوصول لواجهة برمجة التطبيقات، وأن تقدم "فيسبوك" تقارير منتظمة إلى اللجنة حول جهودها للعمل بشكل أكثر تنافسية.
كيف ردت فيسبوك؟
سرعان ما أصدرت "فيسبوك" رداً رسمياً في شكل بيان صحافي تسرد فيه الشركة على وجه التحديد الآخرين الذين تعتبرهم منافسين لها: Apple و Google و Twitter و Snap و Amazon و TikTok و Microsoft. وتشير إلى أن لجنة التجارة الفيدرالية سبق لها أن قيمت عمليات الاستحواذ الكبيرة التي قامت بها الشركة، ووافقت عليها قبل أن يتم الانتهاء منها.
ويقر البيان أيضاً "بالمناخ السياسي الحالي المحيط بشركات التكنولوجيا الكبرى، والدور الذي يعتقد البعض أنها لعبته في الانتخابات الرئاسية الأخيرة".
من الواضح أن "فيسبوك" لا تنوي التراجع في مسألة الاحتكار، لكنها تدعم بعض التدخل الحكومي عندما يتعلق الأمر بأشياء مثل المحتوى الضار والخصوصية. وجاء في البيان: "أفضل حل لهذه التحديات الصعبة هو تحديث قواعد الإنترنت".
كانت "فيسبوك" على دراية باحتمالية بدء المعركة القانونية ضدها. ومع اقتراب العام الحالي من نهايته سيكون 2021 عام المواجهة الحقيقية.
لكن حتى لو واجه "فيسبوك" بعض العواقب الملموسة في المستقبل، فمن المحتمل أن تمر سنوات قبل أن يبدأ سريان مفعولها.
وحتى ذلك الحين، ستكون هناك فترة سماح لإجراء تعديلات، فقبل كل شيء، الأمر يتعلق بشركات بمليارات الدولارات، وفقاً لما ذكره Popular Science.
في النهاية، قد لا يؤدي ذلك إلى تغييرات حقيقية على الإطلاق. وعلى الرغم من أن الغالبية العظمى من الولايات على متن السفينة نفسها أي مع الدعوى ضد "فيسبوك"، إلا أن تفكيك شركات التكنولوجيا الكبيرة لا يحظى بدعم كامل من أعضاء الكونغرس، وقد ينتهي الأمر ببقاء Instagram و WhatsApp في حضن "فيسبوك" في المستقبل المنظور.
وحتى إذا فازت لجنة التجارة الفيدرالية (FTC) بشكواها الأولية، فستتاح لـ "فيسبوك" فرصة للاستئناف. ففي العام 2019، فازت لجنة التجارة الفيدرالية بقضية مكافحة الاحتكار ضد شركة "كوالكوم" لتصنيع شرائح الهواتف الذكية، إلا أنها ألغيت تماماً من قبل محكمة استئناف فيدرالية.
لذا، إذا كنت قلقاً من اختفاء "فيسبوك" فجأة، فلا داعي للذعر بالتأكيد.