اللواء مروان العمد يكتب:الانتخابات النيابية في زمن الكورونا
جهينة نيوز -عام 2020 صدرت الارادة الملكية السامية بفض الدورة العادية الرابعة والاخيرة لمجلس النواب الاردني الثامن عشر . هذا المجلس الذي انعدم مادحوه وكثر شاكوه والمطالبين بحله حتى قبل ان يكمل مدته الدستورية . وكما في العرف الدستوري كان من المفترض ان تصدر الارادة الملكية السامية بحل هذا المجلس اثر فض الدورة الاخيرة والدعوة لانتخابات عامة جديدة تجري خلال اربعة اشهر من حله والتي ستكون نهايتها متزامنة مع انتهاء مدته في نهاية شهر ايلول . ولكن وبسبب جائحة كورونا فانه لم يتم حله والدعوة لانتخابات جديدة على امل ان يتم ذلك لدى تحسن الوضع الوبائي . وهنا بدأت التكهنات تقول ان الهدف من عدم حل المجلس هو التمديد له لمدة سنة او سنتين على الاكثر . واخذت الاقلام التي لا تريد ان ترى هذا المجلس مستمراً لفترة اخرى والتي تستعجل رحيله ورحيل حكومة دولة عمر الرزاز في انتقاد التمديد وتطالب بضرورة حل المجلس واجراء الانتخابات . كما وظهرت الكثير من المطالبات باتباع الحل الدستوري والذي ينص على إجراء الانتخابات خلال اربعة اشهر التي تلي انتهاء عمر المجلس مستبعدة حل مجلس يسلم مجلس . وكانت كل هذه المطالبات لا تأخذ في حسبانها انتشار الوباء وزيادة اعداد المصابين فيه انما كان الاهم عندها هو حل المجلس وإجراء انتخابات جديدة. وبسبب عدم تحسن الوضع الوبائي وبنفس الوقت عدم معرفة الوقت الذي سوف يتحسن به ، ولأن المؤشرات تدل ان هذا الوباء سوف يبقى يعيش بيننا لفترة طويلة وربما نصل الى مرحلة اسوء من التي نمر بها الآن فقد اختار جلالة الملك المعظم حل المجلس قبل انتهاء عمره ، وصدرت الارادة الملكية السامية بحله بتاريخ 27 / 9 / 2020 لينهي بذلك الجدل الدائر حوله . وعلى اثر ذلك حددت الهيئة العليا للانتخابات موعد إجراء الانتخابات للمجلس التاسع عشر في 10 / 11 / 2020 . وقد لقيت هذه القرارات ترحيباً واسعاً بالرغم من الزيادات التي كانت تطرأ على اعداد المصابين بالوباء ، واخذت الانظار تتجه الى استقالة الحكومة عملاً بالنص الدستوري الذي ينص على استقالة الحكومة التي يحل في عهدها مجلس النواب خلال اسبوع من الحل ومستعجلين رحيلها . وقد قدمت هذه الحكومة استقالتها في اليوم الاخير من هذا الاسبوع وبتاريخ 3 / 10 / 2020 . وبنفس اليوم صدرت الارادة الملكية السامية بقبول استقالتها مع تكليفها بتصريف الاعمال لحين اختيار رئيس الوزراء وتشكيل الحكومة الجديدة . وهنا انطلقت التفسيرات والتحليلات لهذا التكليف حيث ابدى الكثيرون خشيتهم ان يعني ذلك ان تستمر حكومة دولة عمر الرزاز كحكومة تصريف اعمال لحين اجراء الانتخابات النيابة وهذا هو كان تخوفهم اكثر من ارقام الاصابات التي اخذت تتزايد . الا انه وبتاريخ 12 / 10 / 2020 صدرت الارادة الملكية السامية بتشكيل الحكومة الجديدة براسة دولة بشر الخصاونه . ثم انشغل الجميع بالحديث عن هذه الحكومة وانتقاد تشكيلتها مع التركيز على بعض الاسماء التي تضمنتها من غير ان يجري حديث عن الانتخابات وربطها بالوباء . الا انه وكما هي العادة فقد انطلقت الاصوات التي دائما ما تدعوا لمقاطعة الانتخابات بالرغم من الاتجاه للمشاركة الواسعة بها هذا العام . والتي بلغت رقماً قياسياً في عدد المترشحين اليها وبعدد قياسي من السيدات المترشحات وعدد قياسي في القوائم الانتخابية وفي الاحزاب التي اعلنت مشاركتها حيث بلغ عددها اربعون حزباً بالاضافة الى العديد من الشخصيات التقدمية والتي تمثل المعارضة البناءة . ومع احترامي لحق اي مواطن اردني بأن يعلن موقفه المعارض للانتخابات والدعوة لمقاطعتها لاسباب سياسية او اقتصادية او عقائدية الا ان بعضهم ظهرت تناقضات في تصرفاته واقواله ومثال ذلك ان اثنان من اكثر معارضي الانتخابات والداعين لمقاطعتها باعتباره واجباً قومياً كانا قد ترشحا في الانتخابات الماضية في محافظتين مختلفتين وضمن القائمة الحزبية نفسها ولم يحالفهما الحظ بالنجاح مع ان الظروف هي نفسها والنظام هو نفسه . وقد استغل دعاة مقاطعة الانتخابات جائحة الوباء للقول ان الانتخابات هي السبب وراء هذا الارتفاع الهائل في اعداد الاصابات والوفيات من خلال التجمعات التي حصلت في المقرات الانتخابية لبعض المرشحين ، وانا وان كنت اقر واعترف انها احد اسباب زيادة هذه الاصابات الا انها ليست الوحيدة ، بل ان التجمعات التي يقوم بها بعض المواطنون وعدم تقيدهم بلبس الكمامات والقفازات وعدم وعيهم باهمية فعل ذلك هي السبب الرئيسي لزيادة الاصابات . كما ان فقدان هذا الوعي هو وراء تجمع من تجمع امام المقرات الانتخابية غير مقدرين خطورة ذلك عليهم وعلى غيرهم . الا ان اعداداً كبيرة من المواطنين قد انساقت وراء هذه المطالب وقد هالها كثرة الاصابات والوفيات واعتبروا ان تأجيل الانتخابات هو ضرورة قصوى بالرغم من اننا كنا قد قطعنا شوطاً كبيراً في المسار الانتخابي قد يعرضنا للعودة اليه من بداياته الى خسائر اكبر واكثر من التي وقعت . وبالرغم من ان الكثير من الدول قد اجرت انتخاباتها خلال الجائحة كاستحقاق دستوري . والآن وبعد ان قد اغلقت الحكومة المقرات الانتخابية والتجمعات امام منازل المترشحين واصبحت الانتخابات على بعد ساعات فقط ، واتخذت الحكومة إجراءات مشددة من شأنها حماية المواطنين من الاصابة بالعدوى اثناء المشاركة فيها من حيث منع التجمعات امام المراكز الانتخابية وعدم السماح بدخول اي ناخب لا يرتدي الكمامات والقفازات ومن لا يرتديها يمكنه الحصول عليها من المراكز الانتخابية ، كما ان الناخب سوف يعرض بطاقته الشخصية على مشرفي هذه المراكز عن بعد حيث يتم التأكد من محتوياتها من غير لمسها ثم يعطى له قلم خاص به لاستخدامه بتعبئة ورقة الانتخاب . ثم يضع ورقة الانتخاب في الصندوق الخاص دون حصول اي ملامسة بينه وبين اي شخص أخر . حتى ان الحبر الذي سيوضع على اصبعه سيكون عن طريق التنقيط . وبامكانه عند خروجه نزع القفازات وان يلقي بها في اماكن مخصصة لذلك . كما ان فرض الحظر الشامل من الساعة العاشرة مساء يوم الانتخابات ولصباح يوم الاحد رغم صعوبته سوف يحول دون حدوث التجمعات لمباركة النواب الناجحين بنجاحهم ومخاطر ذلك من انتشار الوباء بينهم ، فقد اصبح لزاماً علينا ممارسة حقنا الدستوري بالمشاركة بهذه الانتخابات . ان الحديث عن اي تأجيل للانتخابات الآن قد فات اوانه لأن التأجيل لبضعة اسابيع لا يضمن تحسن الوضع الوبائي في البلاد بل يمكن ان يكون الوضع قد زاد سوءاً ، ولأن ذلك سوف يعني عودة المجلس السابق بكل ما لديكم من انتقادات عليه بتاريخ 27 / 1 / 2020 بحكم الدستور اذا لم تكن قد جرت الانتخابات قبل هذا التاريخ . لدينا فرصة يوم الغد بأن نذهب لصناديق للاقتراع متسلحين بالوعي والإجراءات الوقائية اللازمة ، على ان نحسن الاختيار وانتخاب المرشح الاصلح والقادر بأن يقوم بواجبه النيابي بما فيه خدمة الاردن وحمى الله الاردن وشعب الاردن ونظام الحكم فيه .