الديوان يقود التحول في عقل الدولة

مرحلة "الريعية" انتهت وبدأ العمل بالاعتماد على الذات

 نجاح للعسكر والأمن وتفوق السياسة الخارجية

ارتباك في التحول الاقتصادي وتباطؤ في الإصلاح السياسي

العدالة وتكافؤ الفرص شرط نجاح التحول

 

عمان - جهينة نيوز  – قصي أدهم

 

يقود الديوان الملكي هجمة سياسية لتصويب الاختلاف في الحوار الوطني ومنهجيته, بعد أن طغى اليوم على العقل السياسي والاقتصادي ما أدخل البلاد في حالة استعصاء حواري نتيجه غياب التوافق الوطني على النهج والمنهج.

الحوار الذي يدوره ويقوده رئيس الديوان الملكي يكشف عن عقل الدولة وليس عقل السلطة, حيث تشارك المؤسستان العسكرية والأمنية بالإضافة إلى الحكومة في حوار مجموعات تتحدث المصادر بأنها ستصل إلى قرابة 2500 شخصية أردنية بمختلف الاتجاهات والشرائح الفكرية والاقتصادية ويلعب رئيس الديوان الملكي دور "الميسّر" والمنظم.

حوارات الديوان الجديدة تختلف في منهجيتها فهي تسعى إلى أن توضح مفاصل وخلايا التفكير الإستراتيجي في عقل الدولة الذي يقود البلاد في ظروف حساسة وصعبة بحكم تفاعلات الإقليم وانقلاباته اليومية وتأثير ذلك على الظرف الأردني الحساس الذي يستجيب لأي عاصفة إقليمية.

ما يرشح عن مقاصد الحوار أن الدولة في طور العمل على منهجة خطوة "الاعتماد على الذات "؛ وهذا ليس قرارًا سياسيًا فقط بل سيرورة عمل وتشريعات وثقافة يجب أن تتناغم مسننات العمل الوطني للوصول إلى توافق عام على تجاوز " طور الريعية " وصولًا إلى طور الاعتماد على الذات وما يرافق كل طور من مراحل, فعقل الدولة الآن يتحدث عن انتقال ليس من مرحلة إلى مرحلة أو تكتيك بل إلى طور جديد, يرسم ملمح الدولة وشكلها في العشرية الثالثة من القرن الجديد.

حوارات الدولة وعقلها الإستراتيجي وخلاياه الحساسة كشفت عبر حواراتها عن نجاح في قطاعين, قطاع المؤسسة العسكرية والأمنية هذا القطاع الذي يكشف من خلال إيجازاته التي يقدمها للحضور عن مهارة وإدارة تتفوق على ذاتها وعلى إمكانتها المحدودة, من خلال وعي للتفاصيل الدقيقة خارج الجغرافيا الأردنية وعلى نقاط التماس الساخنة في الإقليم وتحقق نجاحات يومية نتيجة اعتماد على إستراتيجية ثقيلة ومؤسسات راسخه لا تتغير بحكم تغير إداراتها أو قياداتها .

أما القطاع الثاني الذي يحقق فيه الأردن اختراقات كبيرة قياسًا لحجمه وتفاعلات الإقليم وتحدياته وربما مؤامراته هو السياسة الخارجية؛ إذ يسيطر الأردن على مساحة سياسية تفوق حجمه الجغرافي وثرواته الاقتصادية أضعافًا مضاعفة, فالأثر الأردني واضح في السياسة الخارجية والتأثير ضعف الحجم وأكثر وكل ذلك مواطن إيجابية ترفع من وتيرة الشخصية الوطنية الأردنية واعتزازها بذاتها وبحركة الدولة التي تنتمي إليها والقيادة  القادرة على تحقيق هذه الاختراقات رغم انحكام العالم بقوة غاشمة متفردة تتمثل في الولايات المتحدة المنحازة لكل أعداء الوطن الأردني والعربي واكتملت حلقات الضيق بوصول إدارة أمريكيه غير مسبوقة لمقعد البيت الأبيض ؟؟؟

عقل الدول ومخزنها الأمني والعسكري بخير في الملف الخارجي والنجاح حاضر ولا يمكن تجاوزه؛ لكن المطلوب أن يتساوى الملف الداخلي مع الملف الخارجي في عقل الدول, فهذا العقل الناجح قادر على اقتراح حلول للأزمة الداخلية التي تحتاج إلى إحياء الأمل لدى الشارع الوطني في المستقبل وتمهيد الطريق للكفاءات الأردنية لتأخذ فرصتها بعدالة وبدون استقواء من طبقه الحكم الداخلي التي تسعى إلى الانفراد بالمشهد بالتوريث والنسب والاستزلام.

حجم النجاح الأمني والعسكري, يقود إلى قيادة السؤال على انحسار هذا النجاح في المسار الاقتصادي والاصلاح السياسي, وهذا يمكن أن ينعكس سلبًا على النجاح الأمني والعسكري والسياسة الخارجية ما يضعف حلقات النجاح وتضعف معه حالة الانتماء الوطني؛ فالداخل الذي يعيش على الأمل أكثر صلابة وأكثر قدرة على مواجهة الخارج بنجاح.

ما تقوله الدولة اليوم في حواراتها أنها بدأت معركة الانتقال من طور الريعية إلى طور الاعتماد على الذات؛ ولكن عليها أن تكشف عن برنامجها الداخلي والقبول بشروط الانتقال الآمن وهو العدالة والتنافسية وتكافؤ الفرص وعدم إقصاء أي طرف.