مروان العمد يكتب :ترامب ومعركته الانتخابية 2

جهينة نيوز -واتابع حديثي عن الاوراق التي لعب بها دونالد ترامب في معركته الانتخابية

— والورقة الثالثة هي شنه حرباً اقتصادية على الصين واصداره عدة مراسيم وقرارات ترفع نسبة الجمارك على المنتجات الصينية وكانت الصين ترد عليه بقرارات مماثلة . ومع اقتراب موعد الانتخابات فقد صعّد من حملاته على الصين ووصفها بأنها دولة استبدادية وعدوانية وان الرئيس الصيني تابع مخلص للأيديولوجية الشمولية . واذا لم يغير العالم الحر الصين الشيوعية فأن الصين ستغيره الى الشيوعية . وقد اتهم هو ووزير خارجيته القنصلية الصينية في هيوستن بأنها مركز التجسس الطبي وسرقة حقوق الملكية الفكرية والاسرار التجارية الثمينة مما ادى لخسارة ملايين الوظائف في انحاء اميركا ( وهو هنا يضرب على الوتر الحساس لدى الشعب الامريكي ) . وقام باغلاق القنصلية قبل ان تعود اجهزة الامن الامريكية لاقتحامها وتفتيشها مخالفة بذلك جميع الاعراف الدولية ، ومن المؤكد انه لم يجد بها شيئ والا لكان قد اعلن عنه . كما وجه ترامب الاتهام للصين بأنها اخلت بألتزاماتها الدولية حول الحكم الذاتي في مدينة هونج كونج وفي بحر الصين الجنوبي وفرض عقوبات اقتصادية بحق العديد من المسؤولين في هذه المدينة الذين يتعاونون مع بكين بالرغم من ان هذه القضية عمرها عشرات السنين ولم يسبق وان اشار اليها الا في الفترة الأخيرة من ولايته .

كما وقع على تشريع يدعوا لفرض عقوبات على مسؤولين صينيين بسبب انتهاكات لحقوق الانسان ضد اقلية الإيغور المسلمة في شمال غرب الصين ولإساءة معاملتهم ومحاولة محو ثقافتهم وديانتهم وكأنه لم يعلم بما تعانيه هذه الاقلية في الصين الا قبل الانتخابات الرئاسية باسابيع قليلة . كما صرح وزير خارجيته بأنه لا عودة الى الممارسات السابقة ولم يعد بأمكاننا تجاهل الاختلافات السياسية والايديولوجية الاساسية مع الصين كما لا يمكن تجاهل خطر الحزب الشيوعي الصيني .

ومن ناحية اخرى فقد اتهم ترامب تطبيق تيك توك الصيني بعدم حماية بيانات المستخدمين بشكل كاف مما يثير المخاوف حول امكانية وصول تلك البيانات الى الحكومة الصينية . واعربت ادارة ترامب انها تنظر في منع هذا التطبيق في الولايات المتحدة . وقال وزير الخارجية مايك بومبيو ان الولايات المتحدة تريد رؤية التطبيقات غير الموثوقة محذوفة من متاجر التطبيقات الإلكترونية الأمريكية واصفاً تطبيق تيك توك وتطبيق التراسل ( وي تشات ) بأنهما تهديدان كبيران للولايات المتحدة الامريكية وانهما يمكن ان يستخدما للتجسس عليها . وقد كان لهذه الحالة تأثير على المفاوضات التي كانت تجري بين شركة مايكروسوفت الامريكية وشركة بايت دانس الصينية مالكة التطبيقان لاستحواذ الشركة الامريكية عليهما في اميركا . الا ان ترامب غير رأيه فيما بعد في اعقاب ضغوط من بعض مستشاريه وقيادات في الحزب الجمهوري ووافق على هذا الاستحواذ ، وقد حدد مهلة ليتم ذلك خلال خمسة واربعين يوماً والا فأنه سيتم توقيف التطبيق الذي يستخدمه حوالى مائة مليون مواطن امريكي . وقد قادت هذه الانفراجة الاسهم الامريكية الى الصعود في التعاملات بالاسواق المالية ، الامر الذي سوف يرجع ترامب فضله اليه قبل الانتخابات القادمة .

كما ان ترامب استغل جائحة كوفيد 19 المستجد ليشدد حربه على الصين حيث اتهمها بأنها هي مصدر الوباء والذي اطلق عليه الوباء الصيني واتهمها بأنها صنعت الوباء في مختبرات ووهان ثم قامت بنشره في العالم وبأنها اخفت معلومات عن انتشاره بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية والتي اوقف مساهماته فيها وقطع علاقة بلاده بها . اما الصين فقد اخذ يطالبها بدفع مئات المليارات من الدولارات كتعويض لبلاده وللعالم .

كما صعد ترامب تهديداته للصين من خلال التهديد بالقيام بعمل عسكري ضدها ، واخذ يروج لذلك بمساعدة شخصيات من داخل اميركا ومن خارجها . وظهر الامر وان حرباً عالمية سوف تندلع بأي وقت من الاوقات ما بين الولايات المتحدة والصين وان الاسلحة التقليدية والغير تقليدية سوف تنطلق خلال الفترة السابقة للانتخابات . وكل ذلك بهدف اظهار خطر وهمي على الشعب الامريكي وانه هو الذي يمكن ان يتصدى له بعكس منافسه الديمقراطي . وهذا اسلوب اتبعه مع كل من ايران وكوريا الشمالية حيث كثرت تهديداته لهما بحجة انهما يشكلان خطراً على بلاده والعالم ولكنه لم يفعل اي شيئ ازاءهما رغم كثرة تحدياتهما له و ذهبت كل تهديداته ادراج الرياح .

— اما الورقة الرابعة التي لعب عليها ترامب لتدعيم موقفه الانتخابي فهي اعلانه قرب الانتهاء من بناء الجدار العازل ما بين اميركا والمكسيك لمنع عمليات التهريب والهجرة غير الشرعية من المكسيك الى الولايات المتحدة . ويعتبر اقامة هذا الجدار محل جدل بين الامريكيين ما بين داعم ورافض له . ولكن الذين يدعمون ترامب هم اكثر الناس دعماً لاقامة هذا الجدار وهذا ما يهم ترامب ولكي يحتفظ بدعمهم له . حتى انه على اثر الاتهامات التي وجهها مدعون عامون امريكيون لستيف باتون مستشار حملة الرئيس دونالد ترامب السابق بالاحتيال على المانحين في حملة لجمع التبرعات لاقامة هذا الجدار سارع ترامب لاعلان عدم علاقته بهذه القضية وقال انه لم يشارك في هذا المشروع واصفا الامر بأنه امر حزين جداً . ليكون ستيف باتون الاخير في سلسلة مساعدي ومستشاري ترامب الذين وجهت اليهم اتهامات جنائية اثناء عملهم في دعمه ودعم خططه وقام بالتخلي عنهم عند انكشاف امرهم حيث اعتاد على ان ينسب الانجاز لنفسه ويحمل الاخطاء وسوء التصرف لأحد مساعديه .

— اما الورقة الخامسة التي لعبها ترامب قبل الانتخابات فهي ورقة قانون قيصر والذي تم اقراره من قبل مجلسي النواب والشيوخ الاميركيين بتاريخ 17 /10 / 2019 ثم تم رفعه للبيت الابيض للتوقيع عليه من قبل الرئيس ترامب . وكان هذا القانون قد صدر بحجة حماية المدنيين السوريين وكأنهم لم يكونوا معرضين للخطر قبل هذا التاريخ . ويستهدف هذا القانون مجموعة من الصناعات السورية المتعلقة بالبنية التحتية والصناعات العسكرية وانتاج الطاقة وفرض عقوبات عليها وعلى كل شركة او دولة تتعامل مع هذه الشركات او مع الحكومة السورية ووكالاتها العسكرية والاستخباراتية بما فيها الدولة الروسية والدولة الايرانية والشركات التابعة لهما .كما يتضمن هذا القانون تجميد مساعدات اعادة اعمار سورية وفرض عقوبات على النظام السوري والشركات المتعاملة معه كما استهدف القانون الكيانات الروسية والايرانية في سورية بما فيها العسكرية . الا ان ترامب لم يوقع على هذا القانون الا بتاريخ 17 / 6 / 2020 . وبذلك دخل حيز التنفيذ مع اقتراب الانتخابات الامريكية ودون اي سند قانوني او دولي .

— اما الورقة السادسة التي لعبها ترامب قبل الانتخابات فهي ورقة العقوبات الاقتصادية على مشروع نورد ستريم 2 الروسي العملاق والهادف الى ايصال الغاز الروسي الى اوروبا عبر انبوب يبلغ طوله 2460 كم والذي سيكون قسماً منه في قعر بحر البلطيق والذي سوف يجعل الدول الاوروبية تعتمد اعتماداً كبيراً على الغاز الروسي ، حيث وقع الرئيس الاميركي على قانون من شأنه ان يفرض عقوبات على الشركات المساهمة في بناء خط انبوب الغاز هذا والمعروف باسم ( السيل الشمالي 2 ) . والذي يعتبر محوراً لمعركة اقتصادية وجيوسياسية بين الولايات المتحدة واوروبا ، وذلك لأنه يعزز من نفوذ موسكو في القارة العجوز ويزيد اعتماد الاوروبيين على الغاز الروسي.

وقد وقع ترامب على هذا القانون بتاريح 20 / 12 / 2019 واستناداً الى قانون كان قد صدر عام 2017 يهدف الى ردع روسيا ويعرف باسم قانون خصوم اميركا من خلال العقوبات . وبالرغم من ان العمل في الانبوب شارف على الانتهاء عند صدور هذا القانون الا انه ادى الى انسحاب شركة سويسرية كانت تشارك في تمديد الانابيب تحت بحر البلطيق عبر سفن متخصصة ، وقد حلت محلها شركة اوكرانية . ولا يتوقع ان يكون لهذا القانون والذي وقعه ترامب متأخراً أي تأثير على انجاز هذا الانبوب الذي تم الانتهاء من 94 % منه ، ولكن الخشية من توقيع العقوبات على الشركات التي سوف تتولى صيانة هذا الخط فيما بعد . ويبقى ان الهدف من تطبيق هذه العقوبات وفِي هذا الوقت بالذات هو الدعاية الانتخابية فقط .

— اما الورقة السابعة التي لعبها ترامب فهي متعلقة بإيران حيث صرح قبل فترة بسيطة من انه سوف يتوصل الى اتفاق مع ايران خلال اربعة اسابيع في حال إعادة انتخابه لولاية ثانية وذلك بعد اربع سنوات من التهديد لايران والعقوبات الاقتصادية التي فرضها عليها بالاضافة لقيامه بتجميد الاتفاق النووي معها وتصويرها انها هي الخطر الحقيقي على المنطقة وخاصة على الدول الخليجية وليس الكيان الصهيوني . ولا يمكن ان يفسر تصريحه هذا الا كدعاية انتخابية له وانه قادر على تدمير ايران كما انه قادر على ان يحل كل المشاكل معها باربعة اسابيع .

— اما الورقة الثامنة التي استعملها ترامب في حملته الانتخابية فقد كانت تتعلق بتهجمه الشديد على الحزب الديمقراطي وعلى الادارة الاميركية السابقة وخاصة على باراك اوباما وهيلاري كلينتون وقام بتصويرهما وكانهما العوبة في ايدي روسيا وايران والصين وانهما عقدا افشل الصفقات مع ايران وفشلا في مواجة النفوذ الايراني والروسي في سورية كما فشلا في مواجة الارهاب ، وانهما زادا من حجم التورط الامريكي في المنطقة على عكس مافعل هو حيث انه تغلب عى داعش وخفف من تواجد القوات الامريكية في المنطقة لدرجة انه قال ان جلوسه على كرسي الرآسة في اميركا ما هو الا نتيجة اخفاقاتهما واخفاق الادارة الديمقراطية في الحكم وارتكابهم الكثير من الاخطاء . وانهم لو كان عملهم ناجحاً لما وصل هو الى مقعد الرآسة الامريكية .

كما انه شن هجوماً كبيراً على منافسه الديمقراطي منذ البداية وقبل ان يكون مرشحاً للحزب الديمقراطي من خلال محاولة ربط ابنه بقضايا فساد في اوكرانيا . وقال عنه انه ضعيف ولا يستطيع الوقوف في وجه زعماء العالم المحنكين مثل الرئيس رجب طيب اردوغان . كما وصفه بالمتهالك وقال عنه انه دمية يحركها اليسار الرديكالي كما قال عنه خلال زيارته لولاية اوهايو ان بايدن ضد الرب لأنه ضد السلاح . ومن تعليقاته بهذا الخصوص ان على الشعب الامريكي ان يتعلم اللغة الصينية حال خسارته الانتخابات وفوز منافسه ، لأن ذلك سوف يعني ان تستولي الصين على الولايات المتحدة الامريكية ، وان الصين ستعمل كل ما بوسعها لكي يخسر هو الانتخابات المقبلة لتسيطر بعده على امريكا من خلال الحزب الديمقراطي . كما رد ترامب على اتهام بايدن له بأنه مسؤول عن الركود الاقتصادي الذي تعاني منه اميركا حالياً بأعطاء وعد بأنه سوف يوفر عشرة ملايين وظيفة للشعب الامريكي حال فوزه في الانتخابات متناسيا زيادة عدد العاطلين عن العمل خلال فترة ولايته بعشرون مليون انسان انضموا لركب العاطلين عن العمل .

وكانت آخر حملاته على الحزب الديمقراطي هو قيامه قبل الانتخابات بفترة قصيرة برفع السرية عن 35575 وثيقة متعلقة بإستخدام وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون بريدها الشخصي الغير آمن في مراسلات حكومية هامة . فضلا عن جميع الوثائق المتعلقة بالتحقيقات الفدرالية في التدخل الروسي في الأنتخابات الرئاسية الامريكة السابقة . ومراسلات تخص سياسة اوباما في العراق وفيها معلومات خطيرة عن كيفية تسليم الموصل لتنظيم داعش وعن علاقات سرية مع قادة فصائل مسلحة وغيرها والتي تثبت بأن الولايات المتحدة لعبت دوراً خطيراً في صناعة الفوضى بالعراق ومنها وثائق تثبت تدخل الادارة الديمقراطية في اشعال احداث الربيع العربي بمساعدة دول وتنظيمات متواجدة في المنطقة . وقد ادى ذلك الى ردود فعل محذرة من عواقب هذا التصرف صدرت من مختلف الوان الطيف السياسي الامريكي بمن فيهم بعض المقربين من ترامب . الا ان ترامب غرد وقال ان اوباما وبايدن والمحتالة هيلاري والعديد من الآخرين تورطوا في الخيانة والتجسس للاطاحة بمرشح منتخب وهو ما يمثل جريمة وخيانة وكيف يسمح لبايدن الآن بالترشح للرآسة .