الذات النيابية الجريحة

 

وليد حسني

 

لا يبدو مجلس النواب مستعدا لمناقشة رد الحكومة على توصياته بشأن رفع الأسعار، ولا تبدو الحكومة أيضا متعجلة في مناقشة ردها، وقد بدت هذه المعادلة التي يحكمها التراخي من طرفي السلطتين التشريعية والتنفيذية وكأنه يراد منه تسيير العجلة ودفعها للأمام بعد أن قطعت مسافة طويلة لم يعد من المستحسن لدى السلطتين الرجوع للمربع صفر للبحث فيما فات ومات.

 

قال وزير الاعلام د. محمد المومني قبل أيام طويلة انقضت ان توصيات الحكومة ستناقش يوم الثلاثاء ، وانقضى الثلاثاء دون ان ينبس مجلس النواب ببنت شفة، وكذلك الحكومة التي يطيب لها كل هذا الصمت النيابي المبارك، فهذا الصمت من ذهب حقيقي، ولا اظن أن الحكومة لديها ما تخسره إن كان هذا الصمت من فضة، أو من نحاس أو حتى من حديد، فقد أشبعوا الحكومة شتما وطارت بالإبل وبما حملت، ولم ينفع النواب ضرب الأمثال وإظهار الندم على ما فات، ولات حين مندم ـ كما تقول العرب ــ .

 

اليوم ينعقد مجلس النواب لمناقشة اسئلة برلمانية مضى على تقديم معظمها اكثر من سنة، وانقضت جلسة الثلاثاء الماضي بدون ان يذهب المجلس ونوابه الى مناقشة ردود الحكومة التي بدت كلها وكأنها تاكيد حكومي على مواقفها الثابتة والمعلنة من رفع الاسعار والغاء الاعفاءات وفرض ضرائب جديدة، ودون ان تنظر ولو بعين العطف الى توصيات النواب التي أريد منها الشعبوية والدفاع عن الذات النيابية الجريحة.

 

ان من الملاحظ ان تراخي مجلس النواب في ملف رفع الاسعار الذي بدأ مبكرا جدا حتى قبل مناقشة الموازنة العامة للدولة لسنة 2018 لا يزال مستمرا، ومن المؤكد ان المجلس نفسه لا يجد أية دوافع ايجابية لمناقشة ردود الحكومة على توصيات كان يعلم المجلس جيدا أنها أكبر من ان تحققها له هذه الحكومة الضعيفة الهشة، لكن هشاشتها لا تقاس بما هي عليه الحال الصحي للمجلس العتيد.

 

على رئيس مجلس النواب باعتباره صاحب الكلمة الفصل في كل شؤون المؤسسة البرلمانية المبادرة سريعا لعرض ردود الحكومة على توصيات النواب أمام المجلس لمناقشتها، وتصويب ما يمكن تصويبه، بدلا من الركون لحالة الاسترخاء اتي طالت اكثر مما يجب، وكانها حلة استعصاء مرضي أصابت البرلمان في مقتل وهيهات النجاة.

 

بغير ذلك فعلى المجلس بكامل اركانه الانتظار حتى يرى الكثير من النقد الذي لم يسمع بمثله في حياته، فحالة التراخي طالت أكثر مما يجب، والمواطن نفسه يعرف تمام المعرفة ان المجلس مثله تماما بلا حول ولا قوة، لكن سيكولوجيات المواطن  الأردني الغريبة تسمح له بالتلهي ولو قليلا في مناقشات نيابية لن تؤثر في الواقع أبدا لكن الناس لا شك سستشعر بالقليل من الراحة، ولربما هذه الراحة هي اكثر ما يحتاجه الأردنيون هذا الأوان.

 

والمشكلة في كل هذه المعادلة ان الذات الجريحة لمجلس النواب لا تزال في حالة استعصاء وانكار ومكابرة، وقد اتسع الخرق على الراتق ولات حين مندم..//