في الغوطة.. التُهم مازالت مُعلبة

بلال العبويني

ما زالت أرقام النازحين من المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعات المسلحة في الغوطة الشرقية باتجاه المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة تتزايد يوما بعد يوم منذ أن ترك مسلحو "فيلق الرحمن" المتحالف مع جبهة النصرة، مواقعهم.

وهو ما يؤكد أن الجماعات المسلحة لو خَيّرت المدنيين منذ البدء بين البقاء في مناطقهم، وبين المغادرة لاختاروا المغادرة بحثا عن الأمن والسلامة، غير أن الجماعات المسلحة لم تلجأ إلى تخيير الناس في أي من المناطق التي كانت تسيطر عليها في سوريا.

الجماعات المسلحة، بجميع انتماءاتها استخدمت وتستخدم أولئك المدنيين دروعا بشرية، وحائط صد أماميا لحماية نفسها من أي هجوم محتمل للقوات التابعة للحكومة، وهو ما يتنافى والإنسانية والأهداف التي من الواجب أن تتمثل بها أية معارضة إن كانت تهدف بالأساس إلى الدفاع عن الناس ضد الظلم والقهر.

لكن، وللأسف، ليست تلك هي أهداف الجماعات المسلحة، والدليل أن أيا من المنتمين لتلك الجماعات سيلقى حتفه أو الزج بالسجن والتعذيب على أيدي قادته إن فكر الاعتراض على أي من قراراتها أو إبداء وجهة نظر مختلفة عن السائد.

والشواهد كثيرة على مسلحين لقوا حتفهم أو التعذيب لاختلاف في الرؤى بينهم وبين قياداتهم، وثمة شواهد أخرى عن منضوين تحت ألوية تلك الجماعات تؤكد أنهم تفاجأوا أن الصورة الخارجية لتلك الجماعات تختلف عن صورتها من الداخل، ما دفع البعض منهم إلى محاولة التخلص من الجماعة التي انتمى إليها فما كان أن لاقى مصيره إما بالتصفية أو التعذيب.

اليوم، ثمة قناعة أن الغالبية العظمى من السوريين يتوقون للأمان والاستقرار وأن الغالبية يرون أن أمنهم واستقرارهم يكمن في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية، وأن الغالبية منهم لا ينظرون إلى أي من الجماعات المسلحة بديلا للحكومة السورية أو محل ثقة للعيش تحت حكمها.

بالتالي، عن منّ يدافع مثل هؤلاء المسلحين، وما الذي يريدون الوصول إليه؟.

من المؤكد أن غالبية الجماعات المسلحة ومن ينضوي تحت لوائها يدركون تماما أنهم لن يحققوا نصرا أو انجازا من أي نوع كان، ولو كان ذلك متاحا لهم لتمكنوا من تحقيقه خلال السنوات الماضية التي كان الصراع فيها على أوجه وكان ثمة حضور للكثير من الجماعات الإرهابية التي كانت داعش وجبهة النصرة على رأسها.

كما ومن المؤكد أن تلك الجماعات تحكم المناطق الخاضعة تحت سيطرتها بالحديد والنار، وأنها لا تتوانى عن تصفية أو تعذيب كل من يحاول معارضتها، وبالتالي هي تدرك تماما أنها لا تمثل الناس وأن من يقع تحت سيطرتها لن يتوانى في الانقضاض عليها حال ما يصيبها الضعف والهوان، أو الهروب من تحت جناحها باتجاه مناطق الحكومة كما هو الحال اليوم في مناطق الغوطة الشرقية.

عن من يدافع هؤلاء؟، من المؤكد أنهم يدافعون عن فكر شاذ ومشبوه وعن من يمولهم، لذلك سرعان ما يختفي أثرهم حال قرر الممول إغلاق "حنفية" الأموال في وجههم.

اليوم، كما الأمس، السوريون توّاقون للأمن والسلام، وهم يدركون أنه لا يتوفر إلا في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، لذلك يسارعون في الهرب إليها كما يحدث في الغوطة، غير أن الغاية لدى الممولين ستظل قائمة دائما لتشويه الحكومة السورية والقوات التابعة لها، كما حدث أمس في توجيه التهم المعلبة والجاهزة في أن "النظام" قصف النازحين إلى مناطقه عبر معبر حمورية، فأوقع العشرات بين قتيل وجريح.

فهل من أحد ظل يصدق مثل تلك التُهم المعلبة؟.//