هل نحن قلقون؟
بلال العبويني
من المؤكد أن الواقع الذي نعايشه اليوم، يفرض علينا الشعور بأكثر من القلق، فمن جهة لم يعد هناك طاقة لتتحمل المزيد من ضغط الحياة والتزاماتها اليومية، ومن جهة أخرى ثمة قناعة أن ما مررنا به وما عايشناه من قرارات حكومية لن تكون الأخيرة، بل ثمة المزيد وقد يكون أكثر صعوبة وأشد وطأة.
ثمة قناعة أن ما اتخذته الحكومة الحالية، على أقل تقدير، من إجراءات "الاعتماد على الذات" لن تفضي إلى توفير كامل مبلغ الـ 450 مليونا، ذلك أن مختصين يرون أن القرارات الأخيرة ساهمت في إحداث حالة من الركود في الأسواق ما أثر على القدرة الشرائية، وبالتالي تناقصت المبيعات وضعف المردود الحكومي من عوائد الضرائب.
ومثال بسيط وحي على ذلك، يكمن في تخفيض نسبة الإعفاء التي كانت ممنوحة للسيارات التي تعمل بنظام "الهايبرد"، بالإضافة إلى الضريبة الجديدة المتعلقة بالسيارات المستوردة انطلاقا من وزنها.
التقارير تقول إن قطاع سيارات الهايبرد المستوردة تضرر بنسبة قد تصل إلى 90 في المائة، وإن تجارا أغلقوا معارضهم أو يكادون، بعد ضعف الإقبال على شراء مثل هذه السيارات التي ارتفع سعرها كثيرا نتيجة القرارات الأخيرة وأصبحت غير مجدية بالنسبة للمستهلك.
والسؤال، ما الذي استفادت منه الحكومة نتيجة قراراتها المتعلقة باستيراد السيارات، الهايبرد منها على وجه التحديد؟.
مختصون يقولون إنها خسرت كثيرا من حيث العوائد، وخسرت كثيرا بما أصاب قطاع السيارات من عطب، بيد أن الأمر لا يتوقف عن حدود هذا القطاع فحسب، بل وينساق على غيره من قطاعات.
أمس قررت الحكومة فجأة، وقف العمل باتفاقية التجارة الحرة مع تركيا، وعلى الرغم من أن تبرير الحكومة صحيح في أن الميزان التجاري يصب في صالح تركيا لا صالح الأردن، وهو ما أثر على الصناعة المحلية على وجه التحديد.
إلا أن هذا ما كان معلوما منذ البدء، فقد كتب كاتب هذه السطور، مثل غيره من قبل، أن الميزان التجاري لا يصب في صالحنا وأن المستفيد الأوحد من الاتفاقية هي تركيا التي تتفوق صناعاتها على صناعاتنا من حيث الجودة والسعر.
غير أن السؤال، لماذا لم تدرك الحكومة ذلك مبكرا، وهل كانت تحتاج إلى التجربة لتصل إلى ما وصلت إليه من قناعة، رغم أنها من البدهيات؟.
هل هكذا تكون معالجة الأزمة الاقتصادية التي نعاني منها؟، إن كانت كذلك كيف ستفسر الحكومة حالة الركود التي أصابت قطاع السيارات الهجينة المستوردة؟، وكيف ستفسر ضعف القدرة الشرائية للمواطنين؟ وكيف ستفسر ما سيلحق بالقطاع الزراعي من أضرار بعد أن يُحاصر المزارع بالديون أكثر من ذي قبل نتيجة الضرائب المفروضة عليه؟، وكيف.. وكيف؟.
بالتالي، نحن تخطينا مرحلة القلق إلى مرحلة أشد وأعظم عندما أصبح الكثيرون منا يخشون من المستقبل، ومن قرارات وإجراءات الحكومة التي على ما يبدو أنها قائمة على التجريب لا على الدراسات المعمقة.
نحن تخطينا مرحلة القلق إلى مراحل أسوأ، بما نسمع ونقرأ عن مؤشرات الواقع المعيشي ومدى القدرة على تحمل المزيد، وبما نسمع ونقرأ عن حزم جديدة ستطال سلعا في العام المقبل، وبما نسمع ونقرأ عن الذي تحقق للخزينة نتيجة بعض القرارات والإجراءات الحكومية السابقة.
لذلك، نحن قلقون من المستقبل؛ بل وأكثر من ذلك.//