العناني:  نهجنا الاقتصادي خاطىء ويجب تخفيض الضرائب على المواطنين

نائب رئيس الوزراء الأسبق يؤكد في حوار مع "الانباط" استقواء البعض على الدولة بفعل "العشيرة"

أرى نفسي رئيسا للوزراء ولن اعود وزيرا او نائبا للرئيس

 

         الدولة لم تعد قادرة على العناية بكل مواطن

         لم أكن مع الخصخصة في بعض أوجهها

الفساد هو الجرثومة والطامة الكبرى

         القطاع الخاص تعطل وبالتالي النمو تعطل

        نتوقع العام الحالي دخول شريك في بورصة عمان

لم نقرر طبيعة التعاون مع ايران بشأن البورصة

لم نصل لمرحلة اختيار الكفاءة في مطبخ القرار

        حل الدولتين صعب في ظل الواقع على الارض

         لو كان فك الارتباط دستوريا لما جرى تسميته بالاداري

        الاردن حتى اللحظة لم يتنازل عن الضفة الغربية

نحتاج عقدا اجتماعيا جديدا للخروج من فكرة المكونين

         لست نادما على المشاركة في مفاوضات وادي عربة

           لم اكن محبا لمهمتي في المشاركة بجنازة بيرس

         كُلفت من جلالة الملك بـ 14 مهمة مندوبا عنه أو له

         لن أتواضع في انجازي وانا أعمل بحجم 10 اشخاص

         هناك من يريد ابعادي عن المشهد حتى يخلو له الجو

        لم استخدم مصطلح الاقتصاد الخفي وتحدثت عن غير الرسمي

         قرارات الناس في الاسواق المالية لا يحكمها المنطق الاقتصادي دائما

عمان – الأنباط - علاء علان

تصوير -  محمد الرفايعة

 

135 دقيقة، تخللها فنجان قهوة، حملت في طياتها الاف الكلمات، التي عكست آراء ومواقف ومشاهد، ذات أبعاد سياسية وأخرى اقتصادية، وثالثة اجتماعية.

ففي الطابق الأول في مكتب ببورصة عمان، جلسنا بصحبة نائب رئيس الوزراء الاسبق رئيس مجلس ادارة البورصة جواد العناني، الذي كان يطوف بعينيه، تارة نحونا للإجابة على استفساراتنا وأخرى تجاه أسعار العملات المعروضة على شاشة متلفزة ثابتة في مكتبه، فيما تظهر شاشة حاسوب أسعار الأسهم.

"أنا مستعد"، 8 أحرف تكونان كلمتين بدأ بهما العناني حديثه، ليطلق العنان بعدها لمخيلته للبوح بما فيها، فبدا واثقا من قدرته على الإجابة على أي استفسار مهما كان شخصيا، أو مهما بلغت حساسيته.

عبر العناني ، الذي يرى نفسه رئيسا للوزراء، وأنه لن يعود لأي حكومة كوزير أو نائب وزير، عن تحفظه على بعض الأمور، لكنه في ذات الوقت أكد عدم ندمه على تأدية بعض المهمات التي نفذها، انطلاقا من كونه كان جزءا من منظومة يجب أن يلتزم بها.

العناني لخص الحالة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية في حوار مطول مع "الأنباط"، فيقول "البعض يستقوي على الدولة لانه من عشيرة كبيرة"، و"الدولة لم تعد قادرة على العناية بكل مواطن"، "لم اكن مع الخصخصة في بعض أوجهها"، "الفساد هو الجرثومة والطامة الكبرى"، "القطاع الخاص تعطل وبالتالي النمو تعطل"، "الحكومات تصرف من جيوب المواطنين".

سياسيا، قال العناني "حل الدولتين صعب بظل الواقع على الارض، "لو كان فك الارتباط دستوريا لما جرى تسميته بالاداري"، "الاردن حتى اللحظة لم يتنازل عن الضفة الغربية"، "لست نادما على المشاركة في مفاوضات وادي عربة"، "لم اكن محبا لمهمتي في المشاركة بجنازة بيرس".

يؤمن العناني بأن الاردن صمد بوجه تحديات كثيرة في السنوات السبع الاخيرة، واكتسب من المرونة ما يكفيه للتعامل مع التحديات الداخلية والخارجية، ولديه امكانيات كبيرة للاستفادة منها، لكنه يؤمن أيضا بأن ذلك لا يعني أن المملكة لن تواجه تحديات مستقبلية.

 

وفيما يلي نص الحوار:

 

الانباط : هل تتفق مع الرأي القائل ان السياسة الاقتصادية الاردنية جبائية ومنفرة للاستثمار؟

العناني: هذه السياسة لم تأت صدفة وهي كذلك... نسعى للاعتماد على الذات وهذا يتطلب حشد الامكانيات واستغلال القوى العاملة. كما اننا لا نستطيع تحميل الاجيال القادمة تكاليف اضافية وعلى الفرد ان يقدم افضل ما لديه.

فيما يتعلق بالاستثمار فإن المشكلة ليست في فرض الضرائب فقط، حيث قد تكون هذه المشكلة الرابعة، فإلى جانبها هناك مشاكل في تغيير القوانين وعدم الاستقرار في التشريعات اضافة للوقت الطويل الذي تستغرقه المعاملات في القضاء، ونحن بحاجة لمحاكم متخصصة في المجالات المالية والاقتصادية والاستثمارية.

وبالنسبة للتعامل مع الاستثمار والمستثمرين فهنالك من يسعى للمطالبة بحقوق خاصة بالتهديد لتحقيق منافع خاصة هو لا يستحقها ولم يقدم شيئا مقابلها.

الانباط : كيف يمكن توفير بيئة محفزة وجاذبة للاستثمار وسط اقليم ملتهب يتزامن مع حوادث محلية كالاعتداءات على المستثمرين ؟

العناني: معظم من ارتكب الحوادث القي القبض عليهم، والاجهزة الامنية قادرة على محاربة الامر، لذا يجب محاربة حصول الجريمة عبر تحسين الاوضاع الاقتصادية للناس وتوفير فرص عمل وتخفيف الفقر.

البعض يستقوي على الدولة ويعتقد انه يأتي من عشيرة كبيرة، وان الامن معه، ولا احد يتحداه لان عشيرته مهمة ويعطي لنفسه الحق في تجاوز القانون الذي وضع ليطبق على الجميع، وهنا نعود لأهمية سيادة القانون.

 

الانباط : ماذا عن الاقليم الملتهب؟

العناني: الحروب تنفر الاستثمار، ومتى يعود سيكون للاردن نصيب وافر منه، والتخوف مما يجري حولنا يعود لأهمية الايمان بأن المنطقة لن تبقى كما هي.

الانباط : لماذا فشلت كافة الخطط الاقتصادية في الاردن حتى وصلنا الى ارقام غير مسبوقة في البطالة والتضخم والدين والعجز في الموازنة؟

العناني: السبب الرئيسي يكمن في أن الدولة لم تعد قادرة على العناية بكل مواطن، فعندما كان عدد سكان المملكة مليوني نسمة في العام 1970 وضعت خطة ثلاثية نجحت بسبب ارتفاع اسعار النفط، وبعدها جاءت الخطة الخمسية الاولى 1976 -1980 بقيمة 900 مليون دينار وجرى الحصول على المبلع بقروض ميسرة واستثمارت ومساعدات وكانت الدنيا مختلفة، الان اختلف الحال بموضوع الفائض وهنالك من ينافسك على القروض والاستثمارات والتعداد السكاني في الاردن تجاوز 10 مليون نسمة.

وبالنسبة للوضع القائم فالخطط الحالية توضع ولا تنفذ ولا تعكسها ارقام الموازنة والخطة الوحيدة التي طبقت برايي هي المنحة الخليجية التي وصل منها 3 مليار و750 مليونا.

الانباط : هل سبب ازمتنا الاقتصادية نهج الخصخصة ام الفساد في المؤسسات الرسمية ؟

العناني : لم اكن مع الخصخصة في بعض محلاتها فمثلا لا أفهم لماذا خصخصنا الفوسفات الذي هو تراب الوطن والبوتاس التي قامت كشركة عربية وليست اردنية، ولم يكن هنالك داع لخصخصتها اضافة لخصخصة الاسمنت.

الفساد هو الطامة الكبرى وهو جرثومة اذا دخل لاي محل ولم يحارب يستشري، يجب ان يكون هنالك رقابة وشفافية وتدقيق لمحاربة الفساد والتأكد ان كل شيء يسير بشكل طبيعي.

الانباط : لماذا تردد الحكومات المتعاقبة مقولة إن العام المقبل سيكون أفضل، رغم أن التجارب تثبت أنه يكون الأسوأ؟

العناني: السبب يكمن في انتهاجنا النهج الاقتصادي الخاطئ، كما سعينا لحل مشكلة الحكومة في نقص السيولة وتوفير موارد مالية عن طريق الاقتراض من البنوك وزيادة الضرائب وتقليل الدعم، لذلك فإن القطاع الخاص الذي يريد ان يستثمر وجد ان الاموال في البنوك اقل من حيث الاتاحة له واغلى كلفة اضافة إلى اننا نريد الحفاظ على سعر صرف الدينار.

كما بلغ العجز التجاري 9 مليارات دينار ونريد الحفاظ على التوازن وقيمة العملة وهذا يعني اننا نريد الحفاظ على الموجودات من العملات الاجنبية، لان قيمة الدينار تكون بالقدرة على صرفه لعملات أخرى.

الخلاصة ان القطاع الخاص تعطل وبالتالي النمو تعطل والحكومة اصبحت تصرف كثيرا، فمثلا كان يجب في العام 2017 بدلا من رفع الضرائب تخفيضها (تخفيض ضريبة المبيعات والرسوم) ولو جرى ذلك لنجحت الحكومة في الحصول على دخل اكبر مما حصلت عليه، لأننا وصلنا الى مرحلة تجاوزت فيها الضرائب قدرة المواطن على الدفع، وبالتالي احجم عن عمل اي شيء يمنح الحكومة دخلا وهذا ما جرى العام الماضي.

أرى ان البديل عن فرض الضرائب هو التركيز على الاستثمار عبر خفض الضرائب وخلق فرص استثمارية حقيقية وانجاز مشاريع صخمة وتحفيز القطاع الخاص وترك الامر للبنوك والقطاع الخاص.

الانباط: هل تثق بحديث الحكومة بأنه في العام المقبل 2019 سنرى النور وتكون الموازنة بحال افضل ؟

العناني : الحكومة أكدت على ذلك وسررت من جملة قالها رئيس الوزراء "اننا اكتشفنا ان التركيز على المالية العامة للحكومة لم يخلق فرص عمل ولم يخفف الفقر والبطالة".

من ناحيتي أرى ان الوضع سيتحسن اذا جرى تتبع الامر وتراجعت الحكومة عن بعض القرارات التي اتخذتها، مثل تخفيض ضريبة المبيعات ثلاث نقاط مئوية والدخل على الشركات بنسبة نقطتين مئويتين، لأن هذا يعطي انطباعا ايجابيا للاستثمار.

الانباط : هل ستتوقف الحكومة عن نهج اللجوء لجيوب الاردنيين؟

العناني : عند الحديث عن الاعتماد على الذات يعني ذلك الاعتماد على المواطن في الانفاق الحكومي بعيدا عن القروض والمساعدات.

واقول ان المشكلة ليست في ان تضع الحكومة يدها في جيوبنا، وإنما المشكلة تكمن في ما هو العمق في الدخول لجيوب المواطنين، وهنا نقول انه لا بد من وقف الاعتماد على جيب المواطن لأن عليه مسؤوليات ويحتاج ان ينفق على اسرته.

في السنوات السبعة الماضية ادى نهج زيادة الضرائب الى ارتفاع الاسعار وزيادة البطالة والفقر وتراجع معدل دخل الفرد وارتفاع نسب الجريمة اضافة الى ان الوضع الاقتصادي والتهميش والبطالة بيئة محفزة للتطرف.

 

الانباط : اين يسير الاردن سياسيا واقتصاديا؟

العناني: لست خائفا على مستقبل الاردن بل على العكس الاردن صمد بوجه تحديات كثيرة خاصة في السنوات السبع الاخيرة، واكتسب من المرونة ما يكفيه للتعامل مع التحديات الداخلية والخارجية، ولديه امكانيات كبيرة للاستفادة منها ولكن هذا لا يعني اننا لن نواجه تحديات مستقبلية.

الانباط : الى اين يسير سوق عمان؟

العناني : السوق يسير للافضل ونريد من الجميع ان تتضافر جهودهم معنا مثل هيئة الاوراق المالية والبنك المركزي ووزارة المالية والشركات الكبرى والوسطاء الماليين والحكومة لتقديم اجراءات محفزة للسوق، لان ذلك محفز للاستثمار.

في سوق عمان، ومنذ 9 سنوات لم تسجل اي شركة مساهمة عامة ولم تطرح اسهم لأي شركة قائمة ونريد اعادة النشاط للسوق عن طريق عودة الناس لاصدار سندات ملكية (اسهم جديدة).

الانباط : كيف ستسردون ثقة المواطن بسوق عمان المالي وهنالك من خسر كل امواله به؟

العناني : يجب على من خسر أن يسأل نفسه لماذا خسر، فقد يكون لديه مشكلة مثلا في ان يكون حمل توقعات كثيرة ولم يبع بالوقت المناسب وبعدها نزل السوق وخسر.

قرارات الناس في الاسواق المالية لا يحكمها المنطق الاقتصادي دائما، انما يحكمها احيانا الامل والتوقع ولا تعرف من اين تأتي لهم.

انا متفائل في سوق عمان المالي حيث كان التداول 2 مليون دينار والان بين 6 – 7 مليون، وبالنسبة للبنوك فهي تخشى السوق المالي ولا تقوم بدورها وتقترب منه بحذر، ونريد ان نعمل ويكبر سوق عمان المالي.

الانباط : متى سيصار لاستقطاب شريك استراتيجي لشركة بورصة عمان؟

العناني : نتواصل مع شركات كبرى في العالم نريدها ان تدخل بنسبة قليلة حتى نستفيد من الخبرة ونعزز مكانة سوق عمان المالي، وبعدها نطرح الاسهم في السوق للتداول.

الان يجري التواصل مع الاوروبيين والاولوية مع الدول التي لنا معها علاقات ونتوقع في العام الحالي دخول الشريك، وحاليا يوجد دراسة تقييم للسوق حتى يصار لتقييم السهم بعد ذلك، وهذا العام نتوقع ان تطرح الاسهم في السوق.

الانباط : ما الاثر المتوقع على نشاط البورصة من قرار منح الجنسية؟

العناني : للآن استوفى 28 شخصا شروط الحصول على الجنسية، وبالتالي الاثر ليس كبيرا لان الرقم قليل عندما يتوزع على اكثر من جهة، ولكن في حال وصل العدد لـ 500 مستثمر سنويا فإننا نتحدث عن 750 مليون دينار وسيكون لهذا المبلغ اثر واضح على سوق عمان المالي.

 

الانباط : ماذا اقترح السفير الايراني خلال زيارته الأخيرة للبورصة؟

العناني : جرى ارسال كتب للتعاون، لكننا لم نقرر بعد طبيعة التعاون، والرسالة التي وصلت منهم عامة، فهم يرون أن لديهم شيئا مهما ممكن الاطلاع عليه، يتمثل في سوق السلع بمعنى تنزيل البضائع وعمل بورصة عليها.

بالعموم لا مانع لدينا للتعامل مع اي سوق، ولا يوجد مانع من قبل البورصة للتعامل مع اي فرصة لأن وظفيتنا البحث عن فرص.

الانباط : هل سنرى شراكة اردنية ايرانية في سوق عمان او اي تعاون بين الجانبين ؟

العناني : ما نتحدث عنه للان تبادل خبرات وتعاون ومقارنة الانظمة، ويوجد منظمات تضم السوقين مثل منظمات اسواق دول آسيا وغيرها، ونتعاون في الانتخابات والاصوات، ونحن كفنيين لا علاقة لنا بالوضع السياسي.

أقول ان كل شيء يدرس في حينه والجميع مرحب بهم، والايرانيون لديهم دخول في اسواق عربية عديدة وخاصة الاسواق الخليجية.

الانباط : هل وصلنا لمرحلة اختيار الشخص الكفؤ في مطبخ القرار ؟

العناني: أعتقد انه يمكننا اختيار الكفاءات بطريقة أفضل وتهيئتها وتجنب العشوائية واعداد الاشخاص لتولي المناصب من الناحية الاجتماعية والمهنية والقانونية، فمن يوجد لديه ملامح قيادية يجب تحفيزه، بحيث لا نفكر بعقلية أن المساواة تعني العدالة مثل نظام الخدمة المدنية الذي يساوي المنتج وغير المنتج.

في موضوع اختيار الكفاءة أرى اننا لم نصل لمرحلة اختيار اصحاب الكفاءة.

الانباط : هل ما زلنا نتعامل مع الاحداث من حولنا بناء على ردة الفعل وبلا رؤية واضحة؟

العناني: الحقيقة اننا كدولة يحدد قرارنا عوامل أساسها البعد المحلي والاقليمي والدولي، وفي حال كان هناك بعد محلي قوي، فإن السياسة العامة تقضي بمخالفة البعد الاقليمي والدولي مثل عدم دخولنا مع الحلفاء في حرب الخليج في التسعينات.

 

الانباط : ما الذي ينقص الاعلام في الاردن؟

العناني : ينقصه المهنية وان يكون للصحف سياسة،ولغة مشتركة والايمان بما نقول لأننا اذا اردنا ان نقول الاعلام سلطة رابعة فله واجبات وعليه حقوق.

وأرى ان حق الرد وتبيان وجهة النظر الاخرى قليلة في الاعلام المحلي، كما ان الصحفي ليس وظيفته ان يقوم بدور الحكومة في التفكير في البدائل، ومن لديه رأي وخبرة تستعين به الحكومة وهذا الشيء غير موجود بشكل منهجي، لكن جرى اتباعه في مرات عدة.

نقابة الصحفيين عليها تدريب الصحفيين الجدد وتعريفهم بأهمية التحليل والتقصي للوصول الى المهنية والحرفية لان الاعلام امانة ويؤثر على الناس، ويجب ان يكون الصحفي مهنيا.

الانباط : هل ما زال حل الدولتين حلا واقعيا ؟

العناني: اذا كان المقصود في حل الدولتين الضفة الغربية فإني أرى ان احتمالاته قلت رغم جهود جلالة الملك والحكومة وبعض الدول العربية على قلتها.

فيما يخص الموقف الاوروبي وبالرغم من وقوف دول اوروبا معنا، لكن هل تملك اوروبا ما يسمى بالكتلة الحرجة لتأكيد الحصول على دولة فلسطينية.

ارى ان حل الدولتين امر صعب بظل الواقع على الارض، كما أنني أسال ماذا يحصل لمن يخالفون القانون الدولي ويتحدونه مثل اسرائيل؟.

الانباط : ماذا عن الاردن والضفة الغربية؟

العناني : كان لي رأي ويبدو انه اغضب  البعض ولا أبالي بذلك.

أقول بأن السيادة على الضفة الغربية بموجب الدستور الاردني والقوانين الدولية والاجراءات التي اتخذت ما تزال للاردن، والبعض يقول ان السيادة على الضفة الغربية معومة ولا أب لها وانا اقول لا، لأن السيادة على الضفة  للاردن.

هذا ليس رأي لجواد العناني ففي العام 1949 في مؤتمر اريحا منح كل ابناء الضفة الغربية الجنسية الاردنية وجرى الاعلان والقبول وتمت الوحدة في 1950، وموضوع الجنسية صدر بقانون يعززه سنة 1954.

كما أن هنالك دولا عربية في ذلك الوقت لم تعترف بالوحدة بين الضفتين وذلك لعدة اسباب منها التنافس بين الدول العربية على من يكون له الرأي الاكبر في التأثير على القرار الفلسطيني اضافة للخلاف على شكل الحل النهائي.

بعض الدول في ذلك الحين منها مصر والسعودية وسوريا رفضوا ان يكون للاردن دور في الضفة وكانوا يقولون ان هذه الوحدة لم يعترف بها سوى باكستان وبريطانيا، وهنالك دول عربية قاومت دخول الادرن عضوا بالامم المتحدة بخرائطه الجديدة، لانه بذلك اعتراف بسيادة الاردن على الضفتين.

الاردن في العام 1955 دخل الامم المتحدة بخرائطه مع الضفة الغربية، وكما نعرف ان  دور الامم المتحدة هو تحقيق السلام ومنع الحروب، وبالتالي يجب معرفة حدود اي دولة تنضم للامم المتحدة، وعندما صدر القرار 242 بعد حرب 1967 قيل ان الضفة الغربية مُحتلة من المملكة الاردنية الهاشمية وبالتالي ثّبتوا ان القرار 242  كان يؤكد ان الضفة الغربية احتلت من الاردن، وبعدها اسرائيل ضمت القدس ولم يعترف احد بالعالم بها.

الاسرائيليون يقولون ان الاردن احتل الضفة الغربية بالاكراه وهذا في الواقع غير صحيح لأنه بعد الوحدة جرى بناء نظام تشاركي بين الضفة الغربية والاردن بموضوع الحكومة والسفراء وكانت وحدة مبنية على المحاصصة، وبقي الحال كذلك حتى 1988 وكان البرلمان واحدا وجرى تعديل الدستور في 1984 للسماح بانتخاب ممثلين عن نواب الضفة لعدم القدرة على اجراء انتخابات في الضفة وقتها.

الانباط : ماذا عن قرار فك الارتباط ؟

العناني: لو كان القرار دستوريا لما جرى تسميته بفك ارتباط قانوني واداري، من قام بتسميته لو قال تنازلت عن الضفة يعلم تماما بذلك بأنه مخالف للدستور، والسؤال ان كان تنازلا فالتنازل لمن؟.

من ناحيتي اُعرفُ فك الارتباط بأنه تفويض للفلسطينيين لأجل التفاوض على الارض، ولو جرى التفاوض من الفلسطينيين واسترجاع الضفة، فيجب معرفة رغبة الشعبين اما ان ينفصلوا وهنا يجب تعديل الدستور والحدود،ومن يريد ان يبقى مقيما في الاردن له ذلك ومن يرغب بالعودة للضفة فالخيار له والموضوع تخيير وليس اجبارا.

علينا وضع الحقائق امام الناس في هذا الامر، فالاردن حتى اللحظة لم يتنازل عن الضفة الغربية.

 

الانباط : متى سيعتزل العناني المشهد الرسمي الحكومي؟

العناني: طالما انا لست في الحكومة فأنا معتزل، اصبحت متقاعدا ثلاث مرات، واذا طلب مني العودة سأعود للمشهد.

الانباط : هل لديك طموح بالعودة للمشهد؟

العناني : نعم.

الانباط : هل ترى نفسك في مكان معين في الدولة؟

العناني : نعم، في أعلى منصب تنفيذي وهو رئيس وزراء واعتقد انني غطيت كل المتطلبات التي تؤهلني لهذا المنصب وليس بالضرورة الان او بوقت معين، ولن اعود برتبة وزير او نائب رئيس.

الأنباط: هل كنت راغبا بالانضمام لحكومة الدكتور هاني الملقي ؟

العناني: لم أكن راغبا بالانضمام ولكن الظروف فرضت علي ذلك، وخشيةُ ان يفهم انني مستنكف عن الخدمة، فقبلت بها، لأن جلالة الملك اكرمني بعد حادثة  العام 2000 (طُلب من العناني وقتها الاستقالة من مجلس الاعيان بسبب مقال نشره في حينه: المحرر) واعادني رئيسا للمجلس الاقتصادي الاجتماعي وقبلت بذلك، كما اعادني لمجلس الاعيان الذي طُلب مني الاستقالة منه في العام 2000.

رئيس الوزراء اخبرني ان جلالة الملك يريدني فلا استطيع ان أقول لجلالة الملك لا.

بعد تأديتي لعملي في الحكومة لمرة واحدة ومشاهدة نتائجه، لم يحتمل رئيس الوزراء ان اكون معه لأكثر من خمسة شهور، ومعنى ذلك أني لن اعود بمثل هذا المنصب.

الانباط: كأنك تبدو نادما على المشاركة في حكومة الملقي؟

العناني : لا أندم على شيء، لكن لو كان السؤال هل القرار خاطئ ام صائب فأنا أرى انه كان صائبا رغم ان العديد من الناس قالوا لي أني أخطأت، ولكني ارى انه صائب لانه لا يمكنني ان اقول لا لجلالة الملك، ولكنني قلت لرئيس الوزراء لا.

الانباط: يؤخذ عليك خلال وجودك في حكومة الملقي مشاركتك في مراسم دفن الرئيس الاسرائيلي شمعون بيرس، هل اجبر العناني على هذه المهمة؟

العناني : كان لا بد لأحد ان يذهب للمشاركة، فأن نقول اننا دولة موقعون اتفاقية مع اسرائيل ولا يذهب احد فهذا غير مقبول في الوفاء بالمعاهدات.

العلاقات بيننا وبين الحكومة الاسرائيلية نعرف صراحة انها غير ودية، ولذلك اصبح التفكير من يذهب وكان بيريس في حينها متقاعدا ولذلك قالوا أفضل شيء ان يذهب نائب رئيس الوزراء، وانا هنا اقوم بعمل سياسي وليس عملا مبدأيا.

ولكن لو كان السؤال هل كنت محبا لتلك المهمة فالجواب لا لم اكن محبا لتلك المهمة، ولكنني اؤديها. وطلب مني ان اؤدي المهمة ووقع علي الاختيار.

الانباط: من الذي اختارك للمهمة؟

العناني : لا أعرف، وقع علي الاختيار وبُلغت من رئيس الوزراء ان جلالة الملك يريدني ان احضر الجنازة، دون أن أمثل الاردن أن أحضرها هكذا، لم اُبلغ الاسرائيليين أني مندوب عن جلالة الملك او الحكومة الاردنية.

الانباط: لم تكن تستطيع رفض المهمة؟

العناني : لا يجوز ان أرفض وانا في مهمتي، انا اكلف بأمر فاؤديه، المهمة كانت واجبا لبلدي، خلال عملي مع الحكومة كلفت من جلالة الملك بـ 14 مهمة مندوبا عنه أو له عن طريق الديوان الملكي.

الأنباط: هل فشلت خطط العناني ومشاريعه الاقتصادية التي طرحها طوال الحكومات السابقة وما هو المخرج الان؟

العناني: كنت واحدا من الذين شاركوا في وضع الخطط الاقتصادية في الحكومات السابقة سواء كنت وزيرا او لم اكن، واعتقد ان الخطط في فترة ما بعد النفط على الاقل، اول خطة ثلاثية وثاني وثالث خطة خمسيتين نجحت وبعد ذلك توقفنا عن وضع الخطط وانتقلنا لمرحلة المديونية عند هبوط الدينار، كما انني لم اكن مشاركا في الحكومة بذلك الوقت، بل كان يجري مهاجمتي من المدرسة التي خربت الاقتصاد وقتها.

اعتقد اننا انجزنا انجازات كبيرة وظروفنا وقتها ساعدتنا، وعند انخفاض الدينار بنسبة 50 % كنت وقتها قد حذرت من تلك المغبة قبل ستة أشهر من وقوعها.

الانباط: تتعرض لهجوم على اعتبار أنك تتحدث كثيرا للاعلام عن ارقام وخطط وافكار ولكنك لم تحقق شيئا عند توليك المنصب؟

العناني غاضبا : لا .. لا  هذا كلام لا اعيره انتباها. السؤال هو من الذي ساهم بانشاء الضمان الاجتماعي، لقد قمنا بوضع خطط خمسية وثلاثية وقانون العمل ومؤسسة التدريب المهني واشياء كثيرة.

انا ذهبت للجمعية الملكية وانشأت وطورت، وذهبت للمجلس الاقتصادي الاجتماعي فمن كان يسمع به قبل ان استلمه؟.

لن أتواضع في انجازي وانا أعمل بحجم 10 اشخاص.

الانباط : هل تشعر انك مُهاجم؟

العناني : احيانا طبعا.

الانباط : ممن تهاجم ؟

العناني : ممن لا يريدون ان يروني في مكان ومن الذين يعتقدون انني اشطر منهم.

الانباط : هل يوجد لجواد العناني خصوم في الدولة؟

العناني : لا ادري لا اعرف، ان كان لي خصوم لا أعرفهم.

الانباط : هل هنالك من يريد ان يبعدك عن المشهد ولماذا ؟

العناني : طبعا، يبعدونني حتى يخلو لهم الجو وحتى لا يكون لي فرصة.

الانباط : هل نجح خصومك في ابعادك، هل تتوقع ان يستمر الوضع كذلك؟

العناني: نعم لحد اللحظة نجحوا، وان شاء الله لن يستمر ذلك.

الانباط : ما هو الاقتصاد الخفي الذي كان يقصده العناني في حديثه  للاعلام في وقت سابق؟

العناني: لم استخدم مصطلح الاقتصاد الخفي، ما قلته الاقتصاد غير الرسمي (informal) وهو نوعان الاول محرم اقتصاديا وخارج عن القانون ولا يمكن ترخيصه مثل الاتجار بالاعضاء البشرية والمخدرات والاسلحة والدعارة .. الخ.

أما النوع الثاني لو رخص لجرى الموافقة عليه مثل العمالة غير المرخصة والبيوت التي تبنى دون رخص في القرى والمزارع، والمحال التجارية غير المرخصة واحياء كاملة مبنية دون ترخيص وهذه ثروة كبيرة تقدر بـ 40 – 50 مليار دولار، وهذا الرقم هو قيمة الموجودات والثروة الماثلة بهذا الاقتصاد غير الرسمي.

الانباط: لماذا لا تعمل الحكومة على قوننة هذا الاقتصاد؟

العناني : لا ادري.

الانباط : لماذا لم تبدأ بالعمل عليه عندما كنت جزءا من الحكومة ؟

العناني: حاولنا، والعمل عليه يحتاج وقتا وحتى تبدأ تحضر للعمل لا يكفي خسمة شهور، اضافة الى انه خلال وجودي كان هنالك ملفات عديدة كصندوق النقد الدولي وغيره.

الانباط: تحدثت قبل 17 عاما عن حاجتنا بالاردن لعقد اجتماعي جديد، هل ما زال يشعر العناني بأننا  بحاجة لذلك؟

العناني: نعم ما زلنا بحاجة لعقد اجتماعي والخروج من فكرة المكونين في الاردن، لأننا كشعب نسكن ونعمل سويا ونتزوج من بعضنا البعض ويؤمن كل منا الاخر على ماله ورزقه ونسبه "عرضه"، وبعد ذلك كيف يكون بيننا تقسيم للامور بشكل واضح؟.

انا أفهم  لماذا تكون حصتي أقل من غيري، ولكنني لا أفهم ان اُحرم من حصتي وحتى وان رضيت بالقليل.

ندعو لعقد اجتماعي لخلق التآلف الاجتماعي والغاء الانطباعات الخاطئة عن بعضنا، لأننا وصلنا لمرحلة كلنا مهددين فيها بنفس الدرجة وما أقوله فقط هو البحث عن الكفاءة، التي لم تعد تقتصر على مكون واحد، والاسماء البارزة في كل القطاعات من كلا المكونين وكذلك الاقبال على التعليم والجامعات لكلا الجنسين.

يجب ان نتحدث بصراحة، والمصارحة لا تعني المصايحة انما ان نتعلم من بعضنا البعض.

وموضوع العقد الاجتماعي حتى لو لم يكن هنالك مكونان فإننا نحتاجه بين البادية والريف والمدينة والقرية والاطراف والمركز.

الانباط: بعد مرور ما يربو عن 24 عاما على اتفاقية السلام مع اسرائيل هل يشعر العناني بالندم لانه كان جزءا من مفاصلها؟

العناني: لا، ولماذا أشعر بالندم. اولا ماذا سيكون وضع الاردن عندما فرض علينا العالم العربي ان لا نفاوض عن فلسطين وان نفاوض فقط عن الضفة الشرقية.

لست نادما ومن يعتقد ان اسرائيل كانت ستعيد الضفة الغربية فهو لم يقرأ التاريخ اضافة الى ان التفاوض عمل سياسي وليس عملا استراتيجيا مع اسرائيل، واضطررنا له بعد العام 1991 ولم يكن ممكنا ان نقول لا، لاننا كنا سنواجه مشاكل اضخم بكثير من الهم الاسرائيلي.

في النهاية التفاوض عمل سياسي وليس استراتيجيا، لانني لن اغير استراتيجيتي حول فلسطين التاريخية وما اعتقد انه حقنا.

الانباط : تقصد انك لا تعترف باسرائيل ؟

العناني : لا لا، الاعتراف بها عمل سياسي، لكن استراتيجيتي الداخلية هي ان تعيش اسرائيل معنا وتسمح بعودة اللاجئين ويجلس اليهودي مع العربي كما كان الحال قبل 1948 ويشاركون في الحكم حسب الانتخابات.

الانباط: لو كنت رئيسا للوزراء ما هو أول قرار تتخذه؟

العناني: اول قرار هو تخفيض الضرائب على المواطنين (ضريبة المبيعات) والشركات (ضريبة الدخل)، حتى اطمئن الناس انني معهم واشتغل لهم.

الانباط: هل ستخفض الضرائب وانت من بشرنا ببرنامج الاصلاح المالي والاداري الذي فرض على المواطنين الضرائب اضافة الى تحرير الكهرباء وذلك في اجتماع مغلق في رئاسة الوزراء؟

العناني منفعلا : "لا لا لا طولي روحك شوي"، انا اول ما جئت للحكومة عارضت الاتفاق مع صندوق النقد الدولي ولكن لم تكن وظيفتي ان اقول لك اني معارض داخل الحكومة، وانا رفضت رفع الضريبة على 95 سلعة ايضا وانا في المجلس الاقتصادي الاجتماعي كنت اكتب ضد رفع الضرائب وقلت ان الاردني وصل لمرحلة الاشباع في الضرائب.

 

الانباط: لكن انت بشرت بتحرير الكهرباء وفرض ضرائب على البنزين وارتفاع السلع؟

العناني: الحالة الوحيدة التي تحدثت بها كانت موضوع الطاقة وهي الشيء الوحيد وهذا كان موقفي منذ ان كنت رئيسا للجنة الطاقة في مجلس الاعيان، ولكن بشرط ان نستثمر في الطاقة البديلة باستثمارات كبيرة.

المشتقات النفطية انا استوردها فلماذا ابيعها بسعر رخيص؟

أرى أن عملية فرض الضرائب على الناس جميعا في آن واحد يجب ان تدرس بعناية شديدة لانه ينتج عنها خسارة ميتة، بمعنى هنالك من يخسر شيئا والاخر لا يكسبه.

دراسة الضرائب تحتاج لعناية بسبب آثارها.

انا ضد الدعم ولست معه وقرار تحرير الخبز أيدته وعملت عليه عندما كنت وزيرا للصناعة والتجارة بحكومة الملقي لانني اعتقد ان هنالك فاقدا كبيرا في موضوع الخبز وضياعا وهدرا.//