ظاهرة التنمّر

 

أ.د.محمد طالب عبيدات

كَثُرَ الحديث في الآونة الأخيرة عن ظاهرة التنمّر أو الاستقواء أو البلطجة في مختلف الفئات العمرية وخصوصاً في بعض المدارس التي يستقوي بها بعض الطلبة على زملاء لهم من منطلق الخاوة أو الاستقواء أو فرض الهيمنة لغايات إظهار البطولة أمام الزملاء على سبيل السيطرة وترسيخاً لظاهرة التنمّر:

1. الظاهرة قديمة-جديدة وأسبابها تتلخص في البيئة الأسرية والبيئة المدرسية والمنابر الإعلامية ورواسب اجتماعية سلبية والسلوك العدواني الذي ينشأ عند البعض كنتيجة لذلك.

2. الظاهرة تشكّل سلوكاً غير قويم عند أفراد بعينهم وليست ظاهرة مجتمعية بالقدر الذي يظنه البعض، ولذلك من الممكن كبح جماحها.

3. أحسَنَ معالي وزير التربية والتعليم صنعاً عندما أعلن بأن الوزارة ستقوم اعتبارا من العام القادم بزيادة نسبة حصص الأنشطة والحوار والتواصل لتصل حوالي خُمس الوقت وهذا بالطبع يشكّل بداية الحل لهكذا ظاهرة.

4. نحتاج لمساهمة وتشاركية كل الجهات التي تشكّل المسببات للظاهرة لغايات الحد منها ووضع حلول ناجعة لها من خلال التربية السليمة وجهود الإدارة المدرسية والمعلمين ومراكز الشباب وبرامج إعلامية توجيهية وتنويرية وحلقات حوار وتواصل بين الشباب وغيرها.

5. ربما إتّباع وسائل وأساليب الوقاية من الظاهرة تكون أنجع وأكثر نجاحاً من التركيز على تطبيق القانون وفرض العقوبات-وإن كان ذلك مهماً-لأن الوقاية خير من قنطار علاج.

6. مطلوب مساهمة الجميع لتغيير ثقافتنا المجتمعية بحيث يكون أساسها احترام الآخر لا قمعه أو إقصاؤه، وامتلاك مهارات الاتصال والتواصل الإيجابي لا السلبي، والتركيز على لغة الحوار والتسامح والعدل والمساواة لا العنف المجتمعي.

7. ظاهرة التنمّر ليست فقط بين طلّاب المدارس بل موجودة في الشارع والأسرة وطلبة الجامعات والأزواج ومكان العمل بين الكبار والصغار والذكور والإناث، والاعتراف بوجودها يعتبر الخطوة الأولى للقضاء عليها.

8. مطلوب أيضاً مراقبة سلوكيات الأفراد من قبل مؤسساتهم كالأسرة والمدرسة والجامعة وغيرها لغايات الإسهام في تفادي الظاهرة للجيل القادم.

9. كما أن دور رجال الأمن جلّ مهم لغايات تطبيق القانون بصرامة وعدالة على الجميع للمساهمة في بناء منظومة أمن مجتمعي متكامل.

بصراحة: التنمّر سلوك عدواني ينشئ جيل غير سوي، وعلينا جميعاً مؤسسات وأفراد المساهمة كل وفق استطاعته لوقاية المجتمع وجيل المستقبل من الظاهرة التي تُسيء لنا ولمجتمعنا وتشوّه سمعة مؤسساتنا التربوية والاجتماعية والشبابية وغيرها، فلنساهم في صورة ناصعة نرسمها للوطن الأشم الخالي من العنف والخاوات والإتاوات والاستقواء وغيرها.