الصحافة الورقية .. "انتهت حلول الأرض والأمر متروك للسماء"!!
جهينة نيوز -
تغييب الصحافة المطبوعة يعني تغييب "الحقيقة"..يعني تغييب مؤسسة هامة من مؤسسات الديمقراطية ..و "الحقيقة" هنا تلك التي تنتجها كوادر متخصصة ومدربة ومؤهلة وهدفها الصالح العام من خلال التوثيق والتمحيص والدقة في المعلومات من مصادر موثوقة وبطريقة موضوعية. غياب الصحافة المطبوعة هي اول تهديد حقيقي يواجه الديمقراطية الحقيقية. إن البديل عن الصحافة المطبوعة هي الاخبار المفبركة والاشاعات والمعلومات المضللة للراي العام.
الفراغ الذي سينجم عن غياب صحافة مطبوعة رصينة وملتزمة بثوابت الدولة سيملأه هواة الاعلام ودخلاءه ونشطاءه وما يحمل ذلك من مخاوف تهدد مصداقية تشكيل راي عام مؤثر وفاعل وحقيقي!!
وبالنظر الى ما يجري في دول العالم المتقدم وهو لا يختلف اطلاقا عما يجري في الاردن بل اسوأ مما تعانيه الصحف الاردنية، فقد ابدى صناع القرار هناك عن مخاوفهم من اغلاق الصحف وتسريح الصحفيين والتخلي عنهم، واعتبروا ان موت الصحافة المطبوعة امر "لا يمكن تصوره"!! ومع ذلك غادر شارع الصحافة هناك خلال العقدين الماضيين مئات الصحف اليومية المطبوعة لا بل من بينها "اشهرها" واقدمها وكانت امتداد كبير لمسيرة هذه الدول لعشرات السنين!!
وبالرغم من ذلك وعلى سبيل المثال حاولت بعض الحكومات الغربية دعم الصحف واسنادها بما يمكنها من الصمود، فعلى سبيل المثال قدمت الحكومة الكندية قبل عدة سنوات دعما ماليا مقداره 52 مليون دولارا لمساعدة الصحف كما عملت على تعديلات قانونية لتجاوز تحديات غيابها، وهذا الامر ذاته وبمستوى اقل قامت به حكومات اردنية خلال الفترة الماضية من دعم مالي واعفاءات جمركية ودعم الاعلان الحكومي وتعديل بعض الاجراءات يعتقد كثير من الصحفيين والمتابعين للشان الصحفي انها كانت غير كافية لتمكين الصحافة الورقية من "التعافي" كما يجب.
ظني ويشاركني فيه كثير من الصحفيين، ان بعض مؤسسات الدولة رأت ان الصحافة الورقية باتت "عبئا" ثقيلا وهما يجب "التخلص منه" سيما وان البعض في صنع القرار يرى ان ثمة بدائل ومنافذ اعلامية اكثر حضورا وتاثيرا وقدرة على نقل رسالتها بوقت اسرع وبصورة اكثر تاثيرا من صحفيي الورقيات ويتمثل ذلك في منصات التواصل الاجتماعي والاعلام الجديد!!
ما يفكر به البعض اليوم ان تغريدة مسؤول كفيله ان تجد صداها في كل ارجاء الوطن والاقليم اعلاميا دون عناء التشبيك وحملات العلاقات العامة مع صحفي هنا او اعلامي هناك..هذه التغريدة يمكن تمريرها بسهولة متناهية وبدون تكليف عبر مجموعات واتس مؤثرة تجد طريقها الى اهم واكثر المواقع الاعلامية تاثيرا في صناعة الراي العام وتوجيهه!! لكن السؤال هل هذا هو اعلام الدولة الذي نريد!!!
اذن القصة تكمن في استسهال الوصول والنشر اللحظي وقلة التكلفة، نعم والحال كذلك في ظل وجود طبقة مسؤولة تؤمن بالرقمنه، وانهيار حقيقي للصحافة الورقية عالميا واقليميا وصل حد غيابها بفعل التحديات الاقتصادية والتكنولوجية، لم تسارع للاسف كثير من مؤسساتنا الصحفية المحلية وهي تحقق وفورات مالية كبيرة في الرخاء الى استشعار مستقبل هذه المهنة وتحدياتها، فكانت ادارتها تقوم على تحقيق كفايات كل يوم بيومه، مع اعتبارات اخرى متداخله لا مجال لسردها وكثير منا يعلم تفاصيل ما ارتكبته بعض الادارات وبتواطيء مع حكومات بحق اضعاف الصحافة الورقية وتهميشها وتقييدها! فبحسب رئيس تحرير اسبق لصحيفة كبرى ان لديه عددا من كتاب المقالات يكفي لان يكتبوا لاربعة دول!! دليل على الفائض في استكتبات من هب ودب وذلك على حساب نفقات كان الاولى ان تذهب للاستثمار في مستقبل الصحافة وضمان المستقبل المعيشي للصحفيين والعاملين فيها.
اليوم لا يفيد اللوم ولا حتى العتاب ونحن نستشعر لا مبالاة رسمية ازاء الطريق الذي تسلكه الصحف الورقية مجبرة لانهاء حياتها، ومع تقديري للحالة التي يشهدها الوسط الصحفي والاعلامي من مناكفات غير مسبوقة لاسباب انتخابية، ووضع اللائمة هنا او هناك، فان غياب وحدة الكلمة والتعبير عن الهم المعيشي والضنك من عدم استلام الرواتب خلال الشهرين الماضيين ببوست هنا او تعليق ناقم هناك لا يهز اصغرمسؤول في الدولة، فالدعاء (على اهميته دينيا) على اسرائيل عبر الفيسبوك لم يزيلها من الوجود ونشر تغريده عن الصلف الصهيوني لم يحرر الاقصى!!!
عمليا، وبعيدا عن الاتهامية لاي طرف فكل ما يحصل للصحافة الورقية الكل شريك فيه بلا استثناء، والمطلوب حلول عملية تصل حد "جراحية" ويجب ان يضحي الجميع لاجل بقاء مؤسسات صحفية عمر حبرها اقدم من تاريخ دول وخاصة الراي والدستور!! على سبيل المثال الدولة و بكل مرجعياتها يجب ان تسعى لتاسيس صندوق اقترحه نقيب الصحفيين لدعم الصحافة ، الراي والدستور صحيح انها شركات وتخضع لمبدا الربح والخسارة، لكن هذه المؤسسات الحكومة هي المالك الاكبر لاسهمها في السوق من خلال الضمان الاجتماعي، وبالتالي مسؤولية الضمان اذا كان لا يريد دعم هذه الصحف ماليا، ان يتولى تامين الموظفين من صحفيين واداريين في هذه الصحف بوظائف في مؤسسات وهيئات تابعة للضمان الاجتماعي وهي قادرة على ذلك. والامر الاخر، هناك مسؤولية يتحملها العاملين في الصحف، فبعض من ينادي بحقوق الصحفيين وتامين لقمة العيش نجده بالاضافة لوظيفته في صحيفته يعمل في عدة وظائف اخرى على الاقل، وانتاجيته تكاد تكون معدومة في صحيفته!! فهل للبعض ان يتخلى عمليا عن بعض مكتسباته لصالح زميل له متعطل عن العمل لا يجد قوت يومه واطفاله فيكسب اجر وثواب انه ستر على اسره بكاملها!!
مرة اخرى الدولة في ازمة كورونا لديها قطاعات اخرى تحتاج الى التعافي والعودة للانتاجية لتصمد دولة وشعب، وقطاع الصحافة لصانع القرار هو واحد من عشرات القطاعات التي تتامل دعما حكوميا. الصحفيون بما يمتلكون من علاقات وتشبيك وقوة حضور وتاثير قادرين على قلب معادلة "الاستجداء" للبقاء الى فرض قواعد الحضور ولكن بدون مزايدات ومناكفات..فاسوأ اللحظات في ظني تعيشها الصحافة الاردنية اليوم، وكما قال البعض العالم ما بعد كورونا ليس كما قبلها، فهل نصل لمرحلة ونحن نراقب ضياع الصحف الورقية وحالة اللامبالاة لانعاشها لمرحلة نردد فيها مقولة رئيس الوزراء الايطالي "انتهت حلول الأرض والأمر متروك للسماء"!!
تغييب الصحافة المطبوعة يعني تغييب "الحقيقة"..يعني تغييب مؤسسة هامة من مؤسسات الديمقراطية ..و "الحقيقة" هنا تلك التي تنتجها كوادر متخصصة ومدربة ومؤهلة وهدفها الصالح العام من خلال التوثيق والتمحيص والدقة في المعلومات من مصادر موثوقة وبطريقة موضوعية. غياب الصحافة المطبوعة هي اول تهديد حقيقي يواجه الديمقراطية الحقيقية. إن البديل عن الصحافة المطبوعة هي الاخبار المفبركة والاشاعات والمعلومات المضللة للراي العام.
الفراغ الذي سينجم عن غياب صحافة مطبوعة رصينة وملتزمة بثوابت الدولة سيملأه هواة الاعلام ودخلاءه ونشطاءه وما يحمل ذلك من مخاوف تهدد مصداقية تشكيل راي عام مؤثر وفاعل وحقيقي!!
وبالنظر الى ما يجري في دول العالم المتقدم وهو لا يختلف اطلاقا عما يجري في الاردن بل اسوأ مما تعانيه الصحف الاردنية، فقد ابدى صناع القرار هناك عن مخاوفهم من اغلاق الصحف وتسريح الصحفيين والتخلي عنهم، واعتبروا ان موت الصحافة المطبوعة امر "لا يمكن تصوره"!! ومع ذلك غادر شارع الصحافة هناك خلال العقدين الماضيين مئات الصحف اليومية المطبوعة لا بل من بينها "اشهرها" واقدمها وكانت امتداد كبير لمسيرة هذه الدول لعشرات السنين!!
وبالرغم من ذلك وعلى سبيل المثال حاولت بعض الحكومات الغربية دعم الصحف واسنادها بما يمكنها من الصمود، فعلى سبيل المثال قدمت الحكومة الكندية قبل عدة سنوات دعما ماليا مقداره 52 مليون دولارا لمساعدة الصحف كما عملت على تعديلات قانونية لتجاوز تحديات غيابها، وهذا الامر ذاته وبمستوى اقل قامت به حكومات اردنية خلال الفترة الماضية من دعم مالي واعفاءات جمركية ودعم الاعلان الحكومي وتعديل بعض الاجراءات يعتقد كثير من الصحفيين والمتابعين للشان الصحفي انها كانت غير كافية لتمكين الصحافة الورقية من "التعافي" كما يجب.
ظني ويشاركني فيه كثير من الصحفيين، ان بعض مؤسسات الدولة رأت ان الصحافة الورقية باتت "عبئا" ثقيلا وهما يجب "التخلص منه" سيما وان البعض في صنع القرار يرى ان ثمة بدائل ومنافذ اعلامية اكثر حضورا وتاثيرا وقدرة على نقل رسالتها بوقت اسرع وبصورة اكثر تاثيرا من صحفيي الورقيات ويتمثل ذلك في منصات التواصل الاجتماعي والاعلام الجديد!!
ما يفكر به البعض اليوم ان تغريدة مسؤول كفيله ان تجد صداها في كل ارجاء الوطن والاقليم اعلاميا دون عناء التشبيك وحملات العلاقات العامة مع صحفي هنا او اعلامي هناك..هذه التغريدة يمكن تمريرها بسهولة متناهية وبدون تكليف عبر مجموعات واتس مؤثرة تجد طريقها الى اهم واكثر المواقع الاعلامية تاثيرا في صناعة الراي العام وتوجيهه!! لكن السؤال هل هذا هو اعلام الدولة الذي نريد!!!
اذن القصة تكمن في استسهال الوصول والنشر اللحظي وقلة التكلفة، نعم والحال كذلك في ظل وجود طبقة مسؤولة تؤمن بالرقمنه، وانهيار حقيقي للصحافة الورقية عالميا واقليميا وصل حد غيابها بفعل التحديات الاقتصادية والتكنولوجية، لم تسارع للاسف كثير من مؤسساتنا الصحفية المحلية وهي تحقق وفورات مالية كبيرة في الرخاء الى استشعار مستقبل هذه المهنة وتحدياتها، فكانت ادارتها تقوم على تحقيق كفايات كل يوم بيومه، مع اعتبارات اخرى متداخله لا مجال لسردها وكثير منا يعلم تفاصيل ما ارتكبته بعض الادارات وبتواطيء مع حكومات بحق اضعاف الصحافة الورقية وتهميشها وتقييدها! فبحسب رئيس تحرير اسبق لصحيفة كبرى ان لديه عددا من كتاب المقالات يكفي لان يكتبوا لاربعة دول!! دليل على الفائض في استكتبات من هب ودب وذلك على حساب نفقات كان الاولى ان تذهب للاستثمار في مستقبل الصحافة وضمان المستقبل المعيشي للصحفيين والعاملين فيها.
اليوم لا يفيد اللوم ولا حتى العتاب ونحن نستشعر لا مبالاة رسمية ازاء الطريق الذي تسلكه الصحف الورقية مجبرة لانهاء حياتها، ومع تقديري للحالة التي يشهدها الوسط الصحفي والاعلامي من مناكفات غير مسبوقة لاسباب انتخابية، ووضع اللائمة هنا او هناك، فان غياب وحدة الكلمة والتعبير عن الهم المعيشي والضنك من عدم استلام الرواتب خلال الشهرين الماضيين ببوست هنا او تعليق ناقم هناك لا يهز اصغرمسؤول في الدولة، فالدعاء (على اهميته دينيا) على اسرائيل عبر الفيسبوك لم يزيلها من الوجود ونشر تغريده عن الصلف الصهيوني لم يحرر الاقصى!!!
عمليا، وبعيدا عن الاتهامية لاي طرف فكل ما يحصل للصحافة الورقية الكل شريك فيه بلا استثناء، والمطلوب حلول عملية تصل حد "جراحية" ويجب ان يضحي الجميع لاجل بقاء مؤسسات صحفية عمر حبرها اقدم من تاريخ دول وخاصة الراي والدستور!! على سبيل المثال الدولة و بكل مرجعياتها يجب ان تسعى لتاسيس صندوق اقترحه نقيب الصحفيين لدعم الصحافة ، الراي والدستور صحيح انها شركات وتخضع لمبدا الربح والخسارة، لكن هذه المؤسسات الحكومة هي المالك الاكبر لاسهمها في السوق من خلال الضمان الاجتماعي، وبالتالي مسؤولية الضمان اذا كان لا يريد دعم هذه الصحف ماليا، ان يتولى تامين الموظفين من صحفيين واداريين في هذه الصحف بوظائف في مؤسسات وهيئات تابعة للضمان الاجتماعي وهي قادرة على ذلك. والامر الاخر، هناك مسؤولية يتحملها العاملين في الصحف، فبعض من ينادي بحقوق الصحفيين وتامين لقمة العيش نجده بالاضافة لوظيفته في صحيفته يعمل في عدة وظائف اخرى على الاقل، وانتاجيته تكاد تكون معدومة في صحيفته!! فهل للبعض ان يتخلى عمليا عن بعض مكتسباته لصالح زميل له متعطل عن العمل لا يجد قوت يومه واطفاله فيكسب اجر وثواب انه ستر على اسره بكاملها!!
مرة اخرى الدولة في ازمة كورونا لديها قطاعات اخرى تحتاج الى التعافي والعودة للانتاجية لتصمد دولة وشعب، وقطاع الصحافة لصانع القرار هو واحد من عشرات القطاعات التي تتامل دعما حكوميا. الصحفيون بما يمتلكون من علاقات وتشبيك وقوة حضور وتاثير قادرين على قلب معادلة "الاستجداء" للبقاء الى فرض قواعد الحضور ولكن بدون مزايدات ومناكفات..فاسوأ اللحظات في ظني تعيشها الصحافة الاردنية اليوم، وكما قال البعض العالم ما بعد كورونا ليس كما قبلها، فهل نصل لمرحلة ونحن نراقب ضياع الصحف الورقية وحالة اللامبالاة لانعاشها لمرحلة نردد فيها مقولة رئيس الوزراء الايطالي "انتهت حلول الأرض والأمر متروك للسماء"!!