والد الرائد الطيار الشهيد معاذ بني فارس يرثي ابنة في الذكرى الرابعه لاستشهاده
جهينة نيوز -في الذكرى الرابعة لرحيل ولدي الرائد الطيار الشهيد معاذ بني فارس
اربع سنين مضت واللوعة تحتقن بين الحلق والقلب ......تطرق باب العقل ليصدق ان ما حصل قد حصل!
قالوا لي ان الزمن يُنسي ....وها هي الايام تسير في ركب الحزن منكسة البيارق على الفراق الاليم.
قالوا لي ان الايام ستنسخ الألمَ املاً .....واذا بالالم يتجدد بالنَفَسِ كالبركان على حين فجأة.... فَيَهُبُ حارقاً كل الحدائق الجميلة التي رسمناها قبل اربع سنوات.
اربع سنين لانحسبها تمر بسرعة او ببطء....اربع سنين خرجت عن ساعة الزمن لتعتقل ارواحنا في سجن المصاب الجلل.
تَغصًُ الضحكةُ ًعلى اطراف الشفاة كلما وثَبَتْ امامنا تلك الابتسامة التي طَبَعْتَها يا فلذة كبدي على قلوبنا قبل ان تُلقي علينا اخر تحية وداع.
كان اذارُ حانقاً ومختالاً وهو يحز بمنجلهِ وردة الكورة الجميلة....لم نعهد منك يا اذار مثل هذا الغضب وانت اذار الدحنون والزنابق والمروج الخضراء .....اجبنا اهي فعلتك ام ان السماء القت وشوشاتها فَصَدعتَ للنداء؟؟ ....ارحني يا اذار هل هي السماء؟.
انتفضت بعض الزهور حزنا كانها تقول انها ارادة السماء ان ترتقي بهذه الروح الى سماء النقاء وفضاء البهاء ....الى هناك ......الى الله.
بالامس زارني الخبر كانه الان...نعم الان ، لأن الزمن لايعني لنا شيئا....بالامس زارني الخبر ثقيلا وجثم على قلبي رَصَداً يُخرسَ الفرح وكابوساً يقض المضاجع عندما نحاول سرقة لحظات من النسيان.
بالأمس وعند الساعة العاشرة من صباح الخميس في الحادي والثلاثين من آذار عام ٢٠١٦ يهاتفني صديقي اللواء الركن الطيار منهل القضاه مساعد قائد سلاح الجو الملكي ليطلب لقائي لامر هام ....وبعاطفة الأبوة العفويه أفاجأه بالسؤال : هل حصل لمعاذ مكروه ؟؟
ليجيبني : بغصه ، لا حول ولا قوة الا بالله ، وإمام إصراري يردف قائلاً ، كان معاذ يقوم بتدريب زميله النقيب الطيار المقاتل اشرف طيفور وسقطت الطائره واستشهد معاذ على الفور واما زميله اشرف دخل في غيبوبه ....سألت الله ان يشفي اشرف وسألته الرحمة لمعاذ وقلت لا حول ولا قوة الا بالله وانا اليه راجعون .....لم يفق اشرف من غيبوبته ولحق برفيق دربه بعد شهرِ بالتمام ، رحمه الله ).
بالأمس شيعك آلالاف من ابنا الوطن محمولا على اكف رفاق دربك وملفوفا بالعلم الاردني في جنازة مهيبه تليق بشهيدٍ بطل ، نذر روحه في خدمة وطنه ومليكه.
بالأمس يسلمني معالي رئيس هيئة الأركان المشتركة العلم الاردني الذي لف نعشك وانا اقول اثناء تقبيلي العلم "رفعت رأسي بهذا الشرف يا معاذي"
لِمَ يقف شبحك وروحك على بواباتنا ونوافذنا ؟ أهي الشهادة هكذا؟ .... انطق وارحنا يا معاذ
أنفاسك يا بني دفء شتائنا وابتسامتك زهرة ربيعنا وبريق عينيك الخضراوين برق مطرنا وضحكتك اللاحقة ترعد في الاجواء ليهطل الخير على تراب قلوبنا لتنهض بفرح...
انت معنا هنا...ولكن اجازتك طويلة......لم أخبَرْ مثل هذه الواجبات الطويلة....اربع سنين ونحن ننتظر لمة الغداء على مائدة امل الغد....
يا الهي .....تُلّمُ المائدة .....ينسحب الجميع الى اركان عزلته ويُعتَقُ العقل من سجن التفكير الى حرية البحث بين ثنايا الاثير عن سؤال قديم.... " أأنتِ قاسيةٌ لهذا الحد ايتها الحياة ...ام اننا نحن القساةُ على فهمك ؟؟
ومنذ ذاك اليوم اليتيم وما زلنا جرحى يا معاذ على طاولة التعب....نطبب جراح القلب المكلوم ونضمد شراخ الفؤاد الكسير....
ومع تقادم الزمن يتجدد التعب يا بني انتظارا وشوقا الى راحة بال تبخرت منذ ذلك الصراخ الاخير لرحيلك والذي استلفه الرعد من دفاتر السماء ليعيد قرعه كل اذار ليذكرنا بالالم......
واجلس الان اترك لوجهي سؤلاً لليل البهيم ..." أجاء قدر رحيلك في اذار صدفة؟....هل اراد الله ان يكفنك بطريقته ليلفك بالزهر والدحنون؟ ....ام هو اذار شهر الكرامة شهر الشهداء؟.....
اتعرف شيئا يا معاذ !....انه شهر الشهداء الذين رحلوا على التراب هناك وانت لففتهم بقطن السماء لتقول لهم خذوني الى الابدية..... الى السماء..... الى الله....
ثم يثب الى الذاكرة اذار ليذكرني بزغرودة الام في عيدها وهي تشيع الشهيد على بوابة الدنيا الفانية الى الابدية الخالدة.
ما اقسى الفراق وما امر الرحيل.......ترتجف الشفاة ويتلعثم اللسان وتذوب الكلمات لوعة وحسرة وقهرا على فراقك المعتق بالروح يا معاذ..
أسأل الله أن ينزلك منزلا خير من منزلنا هذا وأن يجمعنا بك في فردوسٍ انهارها لاتنضب ابدا .
اللهم الهمنا صبرا كصبر يعقوب في غياب يوسف وصبر يونس في قلب الحوت وايوب على مرضه.
مَرَضُنا ضاربٌ في جذور القلب يا اباهاشم
الهي يا من امرك بين الكاف والنون ، اليك المرتجى فلا تخيب رجائنا واجمعنا به في عليين
سلام على روحك الطاهره وسلام على روح رفيقك في رحلة الشهاده وسلام على ارواح جميع شهداء الوطن