"جائزة اتصالات لكتاب الطفل" تعرف الناشرين المصريين برؤيتها الثقافية
خلال مشاركتها في "القاهرة الدولي للكتاب"
القاهرة
ضمن جهودها الرامية إلى النهوض بواقع كتاب الطفل العربي، والوصول إلى أكبر عدد ممكن من العاملين في صناعة الكتب الموجهة للأطفال واليافعين، عقدت جائزة اتصالات لكتاب الطفل، إحدى أبرز الجوائز الأدبية المتخصصة في العالم العربي، والتي ينظمها المجلس الإماراتي لكتب اليافعين، وترعاها "شركة اتصالات"، جلسة تعريفية برؤيتها الثقافية لمجموعة من الناشرين المصريين والعرب وعددٍ من الإعلاميين المصريين.
وشهدت الجلسة التعريفية التي أقيمت مساء أمس الأول في العاصمة المصرية القاهرة، وأدارها الإعلامي محمد عبده بدوي، نقاشاً حول الجائزة وأدب الطفل في العالم العربي، وسوق النشر لكتب الطفل. وشارك في الجلسة، كل من: الدكتورة ياسمين مطاوع، عضو لجنة تحكيم الجائزة، عضو لجنة إدارة المجلس المصري لكتب الأطفال، وتامر سعيد، عضو لجنة التحكيم، المدير العام لمجموعة كلمات للنشر، المتخصصة في نشر كتب الأطفال عالية الجودة في دولة الإمارات، وبلسم سعد، مؤسسة دار البلسم، التي سبق لها الفوز بجائزة كتاب العام لليافعين لعام 2015، عن كتابها "الخروج من الفقاعة"، وكانت عضواً في لجنة تحكيم الجائزة لعام 2016.
وشاركت في الجلسة أيضاً الناشرة أميرة أبو المجد، مديرة دار الشروق للنشر، عضو لجنة تحكيم الدورة الأولى للجائزة، الحائزة على جائزة اتصالات لكتاب الطفل عام 2010 عن كتابها "النقطة السوداء"، بالإضافة إلى داليا إبراهيم، مدير دار نهضة مصر، التي فازت بجائزتي: كتاب العام لليافعين لعام 2017، عن كتابها "صراخ خلف الأبواب"، وكتاب العام للطفل لعام 2014، عن كتابها "عود السنابل"، وكانت عضو لجنة تحكيم الجائزة لعام 2012.
وقالت مروة العقروبي، رئيس المجلس الإماراتي لكتب اليافعين، في كلمة ترحيبية افتتحت فيها الجلسة، إن "الوقوف اليوم على أرض القاهرة وبين مثقفيها، يشبه العودة إلى سنوات الطفولة، فنحن جيل تعلم الحكمة من كامل الكيلاني، وتعرف على التاريخ على يد عبدالوهاب المسيري، وأدرك الأدب وجمال اللغة من قصائد حافظ إبراهيم، وأحمد شوقي، وروايات نجيب محفوظ.
وأضافت: "تنمية لخيالهم.. ودعماً لأحلامهم، هذا هو المنطلق الذي تنبثق منه جائزة اتصالات لكتاب الطفل، التي أطلقت في العام 2009، بمبادرة كريمة من الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، المؤسس والرئيس الفخري للمجلس الإماراتي لكتب اليافعين، بهدف تحقيق غاية سامية، تهدف إلى إيجاد بيئة داعمة، وحاضنة لمخيّلة الأطفال، للمساهمة في غرس حبّ القراءة في نفوسهم، فضلاً عن المضي قدماً في تطوير مداركهم، والارتقاء بأفكارهم ومخيلتهم، وتمهيد الطريق أمامهم على الدوام ليكونوا قريبين من الكتب، رفقاء لها، مؤمنين بأنها سلاح المعرفة والعلم، وأنها أهم ما يمكن أن يحملوه معهم في معترك الحياة مستقبلاً".
من جهتها، عرضت تنفيذي البرامج والجائزة، إيمان محمد، تفاصيل الجائزة منذ انطلاقتها، مشيرة إلى أنها شهدت تطورات عدة، حيث كانت قيمة الجائزة كاملة التي تبلغ مليون درهم، تمنح لكتاب واحد حتى النسخة الخامسة، ثم جرى استحداث خمس فئات للجائزة توزعت على الكاتب والرسام والناشر، وفي النسخة التاسعة رفعت قيمة الجائزة إلى مليون و200 ألف درهم، بعد استحداث فئة أفضل تطبيق تفاعلي للكتاب.
ولفتت إيمان إلى أن التطور الذي جرى على الجائزة انعكس على عدد الكتب المشاركة، حيث وصلت المشاركات في العام 2010 إلى 88 كتاباً، فيما وصلت في 2017 إلى 145 كتاباً، بنسبة زيادة تجاوزت 60%، ووصل عدد الكتب المرشحة للفوز على مدار أعوام الجائزة 99 كتاباً، فاز منها 27 كتاباً، احتلت خلالها المشاركة المصرية المرتبة الثانية بعد لبنان في عدد الأعمال المقدمة.
من جانبها، قالت ياسمين مطاوع: "يوجد نقاط مهمة اجتمعنا عليها كمحكمين للجائزة، وهي قيمة المحرَّر والتحرير، الذي استوقفنا أحياناً وافتقدناه أحياناً أخرى"، مشيرة إلى أن أهم ما يجب التحلي به في كتب الأطفال هو الصدق والمتانة في المحتوى والموضوع.
وأوضحت أن "العمل الجيد يتحمل التكرار كقطعة موسيقية تحتمل سماعها لأكثر من مرة"، لافتة إلى أن اللجنة تولي اهتماماً كبيراً بتعزيز جماليات الأدب، كالعنصر البصري، مطالبة أن تكون الأعمال جيدة على مستوى التحرير، والتناغم بين عنصر النص والإخراج والرسم.
في السياق ذاته، رأى تامر سعيد أن أكثر المشاركات التي لفتت الانتباه مؤخراً هي كتب اللاجئين، حيث وصل عددها إلى 11 كتاباً، بنسبة 10% من إجمالي الأعمال المشاركة.
وأوضح سعيد أن طريقة المعالجة السريعة في بعض الأعمال أثرت سلباً فيها، لعدم دراستها من كل النواحي البصرية والإخراجية، متابعاً: "هناك اعتقاد خاطئ أن الإخراج هو توظيف للألوان البراقة، لكن نحن كمحكمين نبحث عن إخراج تم توظيفه لخدمة النص".
وأكد سعيد أن توفير الدعم المالي والمعنوي للأعمال الأدبية الخاصة بالأطفال واليافعين يخدم حضورها ويوفر لها فرصة للمشاركة في المعارض و الجوائز المختلفة.
وتنبأ سعيد بأن الجائزة ستتجه في السنوات المقبلة نحو العالمية بخطى ثابتة وسريعة، ما يساعد الكتّاب والناشرين في العالم العربي على التعرف إلى تجارب جديدة ورائدة في مجال كتب الأطفال والتواصل معها.
من جانبها، أشارت أميرة أبو المجد إلى أن الجوائز هدفها إلقاء الضوء على أدب الأطفال، قائلة: "لوقت قريب، لم تكن هناك دور نشر متخصصة في أدب الأطفال، واليوم نشهد تنامياً في عدد الدور المتخصصة بالأطفال واليافعين، وهذا بلا شك هو نتاج لما قدمته الجائزة من مجهود على المستوى المادي والمعنوي".
ورأت أبو المجد أن السبب وراء ندرة أدب الطفل تعود إلى ارتفاع كلفة وإنتاجية كتب الطفل، الأمر الذي يجعل وجود جائزة بحجم جائزة اتصالات لكتاب الطفل دافعاً مهماً، وحافزاً للكتاب، والناشرين، والرسامين للمضي في مشاريعهم الإبداعية.
في سياق متصل وصفت بلسم سعد ، لحظة تسلمها للجائزة عام 2015 بالقول: "كانت لحظة مبهرة، وعنت لي الكثير، نظراً إلى أن قاعة الحفل كانت مليئة بالمتخصصين، ما جعلها علامة مهمة في مسيرتي الإبداعية".
وأضافت: "من الناحية المادية، حفزتنا الجائزة على التركيز أكثر على إنتاج المزيد من الكتب التي نرجو أن تكون جيدة"، مشيرة إلى أن التوزيع مازال يحتاج إلى جهود أكبر، وعمل أكثر، خاصة في ظل تجاهل الإعلام لأدب الأطفال".
قالت داليا إبراهيم: "استطعنا الفوز بالجائزة في ظل الظروف التي مرت بها مصر عام 2012 عقب الثورة، رغم منافسة قوية مع أربعة مرشحين لبنانين"، مضيفة "عندما دعوني لحضور حفل إعلان الجوائز لم أكن أتوقع الفوز إطلاقا، واندهشت عند سماع فوزنا، فالظروف كانت عصيبة في ذلك الوقت، على كل الأصعدة السياسية والاجتماعية، والثقافية أيضاً"
وأعربت إبراهيم خلال كلمتها بالجلسة، عن امتنانها لصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، والشيخة بدور بنت سلطان القاسمي على رعايتهما لأدب الأطفال من خلال تلك الجائزة، ودورهما الرائد في مختلف المجالات المعرفية والإبداعية.
وأكد أعضاء لجنة التحكيم أن الجائزة تتجاوز دورها كمنصة للتنافس على نيل الألقاب لتصل إلى دور المؤسسة الراعية والمساهمة في تنشئة مبدعين يغنون حركة صناعة كتاب الطفل في العالم العربي، حيث أشاروا إلى أن الجائزة خصصت برنامجاً بعنوان "ورشة" يستهدف الأعمال غير الفائزة، والطاقات الإبداعية الواعدة، لتدريب كتابها، ورساميها، وناشريها على تقنيات بناء العمل الإبداعي السردي، والارتقاء بمواهبهم ليرفدوا بمنجزاتهم مكتبة الطفل العربية.