كيف انهار حُلم ” الدولة ” ... القبض على "وزير إعلام داعش"
جهينة نيوز - عواصم - وكالات - مامون العمري
ألقت السلطات الأمنية التركية، الأحد، القبض على ما يسمى "وزير إعلام تنظيم الدولة"، عمر ياتاك، في العاصمة أنقرة ،وحسب معلومات حصلت عليها وكالة الأنباء الرسمية في البلاد، فإن "مديرية أمن أنقرة تلقت معلومات استخباراتية تفيد بوجود ياتاك في أنقرة".
وأضافت الوكالة: إنه "على إثر المعلومات شنّت وحدة مكافحة الإرهاب عملية تمكنت خلالها من القبض على ياتاك".
ويشرف ياتاك على إدارة المنابر الإعلامية لتنظيم "داعش"، ويقف وراء العديد من العمليات الإرهابية في تركيا، حسب وكالة "الأناضول".
وأشارت إلى أنه وبعد القبض عليه، ومثوله أمام المحكمة اتخذت الأخيرة قراراً بحبس "ياتاك".
وشهدت بعض الولايات التركية سلسلة هجمات خلال العامين الماضيين، أسفرت عن مقتل وإصابة عدد من الأتراك، وتبنّاها "داعش".
الخبر الذي تنقله الأنباط في هذا الملف يعيد فتح ملف انهيار دولة داعش ... وكيف انهار حُلم ” الدولة ” التي اسكندرية الرعب في المنطقة والعالم أجمع. ..والانباط التي تنقل في دراستها وتغطياتها المستمرة هذا تجد أن من الواجب الإنساني والعلمي نقل هذا الأحداث لتوثيق والوقوف على تعرية هذه الجوانب فيمن انتهج الدمار والموت في الشرق الأوسط والغرب والبسه لباس الدين الاسلامي السمح المعتدل البريء من كل تلك الادعاءات والافتراءات التي كانت المملكة الأردنية الهاشمية وجلالة الملك عبدالله الثاني من أوائل المتصدين لها فكرا وعسكريا .
لقدشهد عام 2017، ربما جهوداً دولية وإقليمية في مكافحة الإرهاب والتطرف، مقارنة بالأعوام السابقة نسبة إلى مؤشر الإرهاب الدولي.
جاء في تقرير مؤشر الإرهاب العالمي الذي صدر يوم 15 تشرين الثاني 2017 أن “الاستخلاص الإيجابي الرئيسي هو تراجع عدد ضحايا الهجمات الإرهابية في العالم” مع مقتل 25673 شخصا خلال 2016، بتراجع 22% عن العام 2014 الذي كان على قدر خاص من الدموية. وتأتي هذ النتيجة في أعقاب نجاح التحالف الدولي بضرب معاقل التنظيم في سوريا والعراق، وخسارة تنظيم داعش مدينة الرقة والموصل ومعاقل أخرى.
فبعد أن كان هذا التنظيم يحصل على التمويل ويسيطر على الأراضي والثروات، والسكان، التي حولها إلى مصادر وأعداد في ما تسمى”دولة الخلافة” اليوم تنظيم داعش، أعطى نموذجا بفشل هذه الجماعات الإسلاموية القاعدية، التي تعمل على إقامة ماتسمى بـ”الدولة الإسلامية”.
الحوكمة، “باروميتر” قياس فشل تنظيم داعش بالحفاظ على “الدولة”، كون التنظيم لم يكن قادرا على حماية سكان وحدود “الخلافة” وهذا ما يعطي رسالة إلى جماعة الراديكالية الدينية في المنطقة، بأنها لا تستطيع إعادة التأريخ للوراء، ولا يمكن أن تكون بديلا للنظام السياسي الحديث والديمقراطيات.
سقوط “دولة داعش” يخدم القاعدة والتنظيمات “الإرهابية” التي تدور بفلك “التوحيد والجهاد” والرايات السود، بأنها من الأفضل أن لا تعيد تجربة تنظيم داعش في التمكين، هذا يعني أن هذه الجماعات، تبقى موجودة، على أساس: الفراغ السياسي، ونقص السياسات والفقر. تبقى هذه الجماعات مجرد منظمات، على غرار العصابات تقوم بالكر والفر وتنفيذ عمليات إرهابية، جل عناصرها من المنحرفين، والمتمردين والمطلوبين للسلطة.
” التوحش”، هو السمة التي ستطغى على هذه الجماعات عام 2018، أي العمل على تنفيذ عمليات إرهابية ضد أهداف مفتوحة وضد المدنيين والمؤسسات الحكومية. إن إعلان ما يسمى” دولة الخلافة” عام 2014 في معقل التنظيم في مدينة الموصل العراقية، كشف الكثير من الثغرات داخل هذه الجماعة، أبرزها:
الصراع، بين قيادات هذه الجماعات المتطرفة ، فاندلعت الخلافات بين أبو بكر البغدادي، وسبقتها الخلافات ما بين الجولاني وأبو بكر البغدادي عام 2013.
الانشقاقات، داخل هذه الجماعات، ظهرت من الداخل، فرغم الضربات العسكرية، التي عملت على هدم التنظيم تنظيميا وعسكريا، إلا أن الانشقاقات واتهامات الخيانة من داخل قيادات هذه الجماعة، كانت أولى مؤشرات فشل هذه الجماعات، التي لا يمكن يوما أن تمثل “الحوكمة”، القتل والإعدامات والممارسات للجماعات المتأسلمة، كانت سمة “الحوكمة” داخل تنظيم داعش، وعبارة “جئناكم بالسيف وقطع الرؤوس” أصبحت السمة الطاغية الىهذا التنظيم.
الازدواجية، أبرز سمات الطرح الراديكالي الحزبي الديني .
لقد استفادت القاعدة من تداخل العلاقة بينها وبين الإستخبارات المركزية منذ حربها في أفغانستان عام 1989، وكانت علاقة بن لادن بالإدارة الأميركية مباشرة. كذلك ارتبطت طالبان أفغانستان بعلاقات قوية مع الاستخبارات الباكستانية، رغم أن الباكستانية مرتبطة في علاقات تعاون مع وكالة الاستخبارات المركزية. ارتبطت قيادات قاعدية بأجهزة استخبارات بريطانية ودولية، لتثبت ازدواجية هذه الجماعات، وخديعة “الأيدلوجية” التي ينادون بها، على سبيل المثال لا الحصر، (أبو أنس الليبي، أبو مصعب الجزائري، عبد الحكيم بلحاج، أبو حمزة المصري، شودري).
أما علاقة هذه الجماعات المتطرفة مع إسرائيل، فلم تعد سرا، كونها أعطت ظهرها للقدس.
السؤال: ماذا تريد هذه الجماعات؟ وهل من أطراف دولية وإقليمية داعمة لها؟
الإرهاب في مصر، لو تناولنا حالة الإرهاب في مصر على سبيل المثال، لوجدنا أن الإرهاب تصاعد بشكله الحالي، في سيناء ومدن مصر، في أعقاب عزل المخلوع مرسي، وجماعة الإخوان المحظورة في مصر، عام 2013 وأعلنت جماعة الإخوان، البلتاجي، من ميدان “رابعة العدوية” بأن الإرهاب في سيناء لن يهدأ إلا بعودة الجماعة للسلطة!
العراق، هو النموذج الآخر لفشل التيار الرادسكالي الديني ، ظهرت القاعدة في العراق، وتنظيم داعش والجماعات المسلحة، تماما بعد الاحتلال الأميركي للعراق عام 2003، وسقوط النظام السابق، استغلت فراغ الفوضى محاولة منها لاستعادة السلطة في العراق. وما يعزز هذه الفكرة، أن الجماعات المتأسلمة التي كانت تقود العمليات الإرهابية في العراق، كانت تجتمع مع أطراف دولية فاعلة، على الأراضي التركية بشكل علني ومفتوح! وهذا ما يثير الكثير من التساؤلات، عن اهداف الجماعات المتأسلمة وأهدافها في المنطقة، والتي تتمحور بالحصول على السلطة. لكن رغم ذلك لا يعطي الحق لجماعات “التشدد” بحكم العراق، والتي عرفت بالفوضى والفساد.
أفغانستان، هي النموذج الآخر للفشل، طالبان تتفاوض، مع الحكومة ومع الولايات المتحدة، لحكم البلاد، وهي تفرض شعارات دينية، لتختار بعد ذلك التحول إلى جماعة مسلحة تنفذ عمليات إرهابية ضد الحكومة وقوات التحالف وربما الطوائف والاقليات.
سمات الإسلام السياسي، ربما الفوضى والفقر، وأيدلوجية التطرف، هي القاسم المشترك عند هذه الجماعات المتطرفة، وهذا ما يثير الكثير من التساؤلات، الدوافع والأسباب وراء ظهور هذه الجماعات، التي لا تتعدى أن تكون ورقة ضاغطة، على بعض دول المنطقة، لزعزعة الأمن والاستقرار، وفرض أجندات سياسية.
رغم أننا في عصر الإرهاب، لكنه بدأ يتراجع نوعا ما، إقليميا ودوليا، ما يحتاجه المجتمع الدولي، هو التعاون الدولي في ترسيخ أنظمة ديمقراطية، وكبح السياسات المناهضة، وذلك لتعزيز دور التحالفات الدولية والإقليمية في الإرهاب والتطرف.
نيويورك تايمز: حلم دولة "داعش" الذي لا يموت
لقد كان أمرًا حتميًا أن يخبرنى محامٍ شاب من
تونس، أن المحاولات الأولى لدولةٍ إسلاميةٍ حديثةٍ سوف تتخبط.
حيث قال:" إن الشباب المسلمين نشأوا فى ظل نماذج القومية، والعنصرية الأوروبية، ودول الشرطة القاسية. حيث حملوا هذه السلوكيات الموروثة إلى "الخلافة" التى شكلتها الدولة الإسلامية (تنظيم دعش)، وهو المكان الذى كان من المُفترض أن يتحرى العدالة، وينبذ التمييز، بل تعمد الانغماس فى العنف وأسس لنفسه مستعمرةً صغيرةً جديدةً، حيث نصّب البريطانيون من أصلٍ باكستانى أنفسهم حكامًا على السوريين المحليين، ونصب السعوديون أنفسهم حكامًا على الجميع.
وأضاف: إن الأمر سيستغرق جيلًا أو جيلين للتغلب على هذه الميول وتفكيك ما حدث بسبب الخطأ، لكنَّه ظل متمسكًا بالفكرة، ويرجع ذلك - بشكلٍ جزئى- إلى أن البديل الذى يعيش فيه حاليًا هو أسوأ من ذلك. وأضاف قائلًا: إنه "عندما تصبح الشرطة هى الدولة نفسها، فإنه أمر مرعب حقًا".
فمنذ 7 سنوات، عندما اندلع "الربيع العربى" عبر المنطقة، كان هناك أمل حقيقى فى أن تقوم الدول العربية من تونس إلى البحرين بإعادة تشكيل نفسها استجابةً لدعوات شعوبها للمطالبة بحكمٍ لائق، والحد الأدنى من مستوى المعيشة الكريمة وسيادة القانون. إلا أن الأنظمة القديمة أثبتت قدرتها على المرونة والصمود. ولم تكن المحصلة النهائية سوى دولٍ منهارة، وصراعاتٍ لا نهائية، أو حتى قمع أكثر شدة. إن هذا الواقع المرير، المُتمثل فى عدم قابلية إصلاح وتحقق الدولة القومية العربية، التى لا تحظى بشعبيةٍ إلى الأبد، لكنها تخضع دائمًا لحماية الغرب- ظل جزءًا من نداء وجاذبية"الدولة الإسلامية" وما زال قائمًا حتى اليوم.
لقد أعلن العالم هزيمة دولة "الخلافة"، التى نصبت نفسها، والتى تم تقليص قدرتها على السيطرة على مساحاتٍ كبيرة ومكتظةٍ بالسكان فى العراق وسوريا إلى جيبٍ صغير فى الصحراء.
وتقريبًا، لا توجد أية مناقشةٍ تكون قد نظرت فى تأثير الدولة الإسلامية على حلم تكوين وطن إسلامى سبق خلافة المسلحين. فإذا كان هناك من شىءٍ يُقال، فهو أن الحلم تم تنشيطه وإحياؤه، من خلال هذه التجربة الفاشلة للحكم الإسلامى، بين كلٍ من الشباب والمهنيين الغاضبين، الذين يشعرون بالغربة والناشطين فى العالم العربى، وسيمتد لجيلين على الأقل بين المسلمين الأوروبيين، والطبقة المتوسطة، والمهمشين على حدٍ سواء، الذين يشعرون بشكلٍ مُتزايد بأنهم مغتربون داخل مجتمعاتهم التى ولدوا فيها.
لقد انتشرت كلمة "خلافة" فى المناقشات الغربية التى سادت عام 2014، عندما أعلن "أبو بكر البغدادى" "زعيم تنظيم داعش"، "أرض الله"، داعيًا المسلمين فى كل مكانٍ، قائلًا:"هلموا، أيها المسلمون، إلى ولايتكم" مُذكِّرًا إياهم بأن فكرة الأمة لم تكن لها صلة بالإسلام، وأن سوريا ليست للسوريين،" وأن الأرض ملك لله. ففى الغرب، اختلط المعنى القديم لكلمة "خلافة"، مع العنف المُستخدم من الدولة الإسلامية، وهو انعكاس لرؤية "البغدادى" المروعة.
لم تكن الفكرة القديمة كذلك؛ حيث كانت الفكرة لها جاذبية لدى البعض أكثر من العديد من الناس فى الغرب ،الذين أراد الكثيرون فى الغرب الاعتراف بها. واليوم، قد يكون لها أكثر من ذلك بكثير. فقد شهدت الفترة الفاصلة اعتناقًا واسع النطاق لهوية إسلاميةٍ جماعيةٍ وعالميةٍ، وسياسيةٍ بشكلٍ صريح، ولقد دفعت بالشباب المسلمين إلى اعتبار أنفسهم مجتمعًا متكاملًا يوفر لهم وطنًا يقدم لهم حلولًا للظروف الصعبة.
وفى أوروبا، كان هذا واضحًا فى كل مكان، حيث تتسبب العنصرية الهيكلية بشكلٍ غير طبيعى فى بطالة وسجن المسلمين، وتزداد الحكومات فى وضع علاماتٍ خارجيةٍ على بطاقات تحقيق الهوية للمسلمين، وحظر الحجاب، والدفع بقضايا المسلمين مثل مؤسسات العمل الخيرى بفلسطين وسوريا تحت مراقبة جهات مكافحة الإرهاب. وبالنسبة للكثيرين، فإن هذا الاستبعاد والإقصاء يوفر مناخًا لدولةٍ إسلاميةٍ مثاليةٍ فى المستقبل مع وجود نداءٍ روحانى وملموس، وهو المكان الذى يمكن فيه الوصول إلى الوظائف، والفرص، ولا يحتاج الاندماج مع العلمانية.
وفى جميع أنحاء الشرق الأوسط، فإن الشباب المسلمين ينتمون إلى جيلٍ يعيش فى بلدانٍ جردت مفهوم المواطنة ذاتها، حيث لا يوجد عمل، ولا تستطيع الغالبية منهم الزواج قبل سن الأربعين، وتُرهِب الشرطة الشباب للحصول على الرشاوى، وعندما يحاولون طلب بعض الإنصاف فى أنشطةٍ قائمةٍ على أسسٍ إسلاميةٍ، يعاقبهم أمن الدولة.
ولا عجب فى أن الكثيرين من الشباب يُصنفون على أنهم مواطنون مسلمون، أكثر من تصنيفهم على أساس البلد الذى يحملون جواز سفره.
ويُصنف أنصار "الدولة الإسلامية" فى دولةٍ ما بعد تنظيم "داعش" بين نشطاء تحملوا المشاق نتيجة الطريق المسدود الذى خلَّفته انتفاضات "الربيع العربى"إلى جماعة الحنين إلى الخلافة على "تويتر"، الذين ينقسمون هم أنفسهم فيما بينهم إلى إسلاميين مخلصين وأهل الماضى والتاريخ، الذين يفتقدون النعمة والأمن،اللذين يعتقدون أنهم سينعمون بهما فى ظل الخلافة.
ويقول أحد مستخدمى موقع "تويتر"، ويدعى "دمشقى" @dimashqee ، على سبيل المثال، يحث على إقامة "دولةٍ مستنيرةٍ وأخلاقيةٍ" من شأنها أن توفر للمسلمين "الوئام الاجتماعى" ويقول إنه: "كيان يخلق ثقافة عالية على أساس اللغة العربية، وجيش أموى جديد رائد يبهر العقول".
وآخرون، مثل "Gieamingazor @"، ينظرون للأمام بطريقةٍ عمليةٍ إلى كيفية فعل الأشياء بشكلٍ مختلف فى المستقبل. ويلاحظ أن تجربة "الدولة الإسلامية" قد أوضحت أنه "لا يمكن إعلان دولةٍ وسط ضباب الحرب وعدم اليقين". وطالب السيد "بغدادى" الملايين بالهجرة إلى "دولٍ"، لكنه لم يقدم لهم الأمن أو الوظائف.
وفى المرة القادمة، سيحتاج أى زعيمٍ يُفترض أن يعلن إقامة دولةٍ مستقلةٍ إلى السيطرة على الأراضى والصناعة ومنشآت البحث العلمى؛ وسيكون فى حاجةٍ إلى سياسة اقتصادية، ولديه القدرة على القيام بالتجارة، والسيطرة على شبكات الكهرباء. لقد كانت خلافة البغدادى "عار"، لكنها "تشعل فينا إحساسًا متجددًا بالأمل والشوق.
كما أظهرت أن أية دولة إسلامية قابلة للتنفيذ تتطلب تولى دولة قائمة. وأضاف قائلًا:"إنه ربما، فقط من الممكن، أن يكون هناك مسلم مُلهم فى مكان ما".
والتقيتُ بسيدةٍ من تونس مقيمة فى مخيم للاجئين خارج "الرقة" فى الصيف الماضى، حيث فرت مع أطفالها واعتقلتهم قوات الدفاع السورية فى وقتٍ لاحقٍ، وقالت:"إذا كان تنظيم داعش حقيقيًا، لم أكن لأتركه، وكنت أفضل أن أموت هناك أكثر من تركه". وأضافت قائلةً:"لقد اتضح أن التنظيم عبارة عن عصابة من رجال متعصبين متطرفين يهدفون إلى جمع السيارات والنساء".
وأرادت السيدة أن تعود لوطنها، لكن معظم نساء تنظيم "داعش" المحتجزات بجوارها لم يقمن بذلك، وأردن أن يعشن فى تركيا، حيث يشعرن أنها أقرب نموذجٍ للدولة الإسلامية فى يومنا هذا.
ويتحد مثقفو الخلافة لإحياء تنظيم "الدولة الإسلامية"، لكن على الجانب الآخر، فإن توقعاتهم للمستقبل تختلف اختلافًا كبيرًا على نطاقٍ واسع. هل من الممكن أن يصبح مجتمع مسلم مثالى دولةً تقليديةً، لكن تحكمها الشريعة؟
هل سيكون اتحادًا لبلداتٍ ذات أغلبية مسلمة تحت راية الإسلام، وهى كتلة إسلامية برلمانية مثل الاتحاد الأوروبى؟ وهل ستكون الخلافة فى شكلها الكلاسيكى والتاريخى، نوعًا من الامبراطورية باسم "الله" مع الالتزام الحديث بالخدمات المصرفية الإسلامية؟ أم ستكون طائفية؟ لا توجد ملامح بارزة حتى الآن لما سيشكل كل هذه الطموحات المبدئية. لكن المشاعر موجودة، كالحقيقة التى لا مفر منها، حيث إنها جزء من المشاهد الحديثة فى العالم الإسلامى، مثل الأئمة المشهورين، وحجاب من ماركة نايكي "Nike ".
وبينما نستعرض ما حدث فى المدن التى سيطر عليها تنظيم "داعش"، ونتكهن بالمستقبل، يجدر التذكير بأن خلافة الدولة الإسلامية وُلدت من رحم الحرب الأهلية فى سوريا، ولكن أسهم فى وجودها أيضًا الآلاف من المسلمين من جميع أنحاء العالم- وليس فقط العالم العربى، ولكن أوروبا، والولايات المتحدة، وأندونيسيا، وروسيا- الذين يركبون الطائرات، تاركين أوطانهم وراءهم، سعيًا لتحقيق حلم الوطن المسلم.
إن النقاش بشأن ما بعد "الدولة الإسلامية" يهدف إلى الأمن، لكنه يتجاهل بشكلٍ أساسى حقيقة أن ما زعمت "الدولة الإسلامية" تقديمه - وهو فكرة "الخلافة"، ما زال فى عقول المسلمين، حتى لو تآمرت قوى كثيرة لإبعاد تلك المشاعر عن المشهد والرأى العام.
إن الغالبية الذين طال انتظارهم لدولةٍ إسلاميةٍ ليسوا من الجهاديين، ولا يؤيدون قتل المدنيين.
ولكن وجهات النظر هذه محظورة من النقاش على الملأ فى جميع أنحاء الشرق الأوسط؛ حيث إن هذه الأفكار غير مسموح بها فى المجتمع المدنى أو فى المنابر الإعلامية الرئيسة. ومن المرجح أن تشاهد شخصًا محافظًا ساخرًا على شاشة التليفزيون، (مثل أحد الشخصيات المصرية، الذى نادى مؤخرًا بأن اغتصاب النساء اللاتى يرتدين "الجينز" الضيق واجب وطنى، فضلًا عن المحامى المتعصب فى تونس).
إن السؤال الذى أثار الجماهير الغربية، وهو بما أن تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) يكسب أرضًا له، كيف كان الإسلام منه. ولربما كان الاستفسار الأفضل هو ما السبب وراء ادعاء تنظيم "داعش"أنه مثَّل كيانًا أو جهةً جاذبة تروق لكثيرين.
وبينما نحن نكافح من أجل صياغة تساؤلاتٍ أفضل، ونتطلع للأمام، يتعين علينا أن نفكر فى سبب تفكك فكرة "الوطن الإسلامى"، وهى فكرة قديمة لم يكن لها أبدًا فى الذاكرة الحية، مثل هذه الأعماق تحتها.