2024-06-26 - الأربعاء
banner
كتّاب جهينة
banner

هل من مسطرة لكرامة الأردني

جهينة نيوز -

وليد حسني

 

قال رئيس الوزراء هاني الملقي في لقائه مع مدراء الصناعة والتجارة في المحافظات ومراقبي الأسواق أمس إن كرامة  المواطن الأردني فوق كل اعتبار.

بدا دولة الرئيس مطمئنا تماما إلى ان  حوالي 7 ملايين مواطن أردني يصدقون هذا الإعلان المجاني غير مدفوع الأجر، بل والأهم من ذلك كله أن المسطرة التي يقيس بها رئيس الوزراء كرامة الأردنيين لا تبدو مكتملة الإستقامة حتى تكون نتائجها مستقيمة تماما.

من ناحيتي وباعتباري مواطنا أردنيا ملتزما بتنفيذ كامل إشتراطات الحكومة لهزيمتي أمام كبريائها وكرامتها وجبروتها فإنني لا أملك غير الإنصياع لمسطرة دولة الرئيس، ولا املك غير التسبيح بحمده، والدعاء له بالصحة والعافية وطول العمر وبالطبع لحكومته التي وصلت الغاية في الرشاقة والأناقة الباذخة.

وشعار "كرامة الأردني فوق كل اعتبار " خضع لإختبارات عديدة في الماضي والحاضر وسيخضع لإختبارات أخرى في المستقبل، لكون هذه"الكرامة" تعني فيما تعنيه في المعجم الحكومي "مدى قدرة الحكومة بالإعتماد على جيب المواطن لإعادة تهذيب ثوب الأداء المالي والنقدي للموازنة وللسياسات الإقتصادية الرسمية".

هذا المعنى المعجمي الحكومي لمفهوم "كرامة المواطن الأردني" هو نفسه المسطرة التي تقيس الحكومة بها مدى استقامة كرامة المواطن بمدى انصياعه الناعم والآمن للقرارات الحكومية حتى وإن اعتدت تلك السياسات على قوته وعلى امنه المعيشي والمعاشي.

وأسأل من فرط الإنصياع الوطني حفاظا على كرامتي ومتمتعا بكامل ما فيها من امتيازات ورفاه استثنائي، كيف ستقيس الحكومة كرامة المواطن الأردني بعد توسنامي الغلاء الذي فرضته على المواطنين الذين أصبح اكثر من ثلثيهم مهددين بالفقر في ظل تلك السياسات التي تبشر بكساد السوق، وتدني المداخيل وتآكلها مما ينعكس سلبا على القوة الشرائية اليومية وحتى الموسمية للمواطن مما سيعمل على خلق هزات في الأسواق وفي حركة البيع والشراء.

ألم تفكر الحكومة في أن زلزال الأسعار الذي اتخذته بكل جرأة سيعمل على اتساع الفجوات بين المواطنين، وسيؤدي وبالضرورة إلى إصابة الاف التجار ــ عدا المواطنين ــ بالإفلاس بعد أن تهدأ حركة السوق ولا يجد التاجر متنفسا لتصريف بضائعه التي يشتريها بموجب شيكات مؤجلة؟.

هل فكرت الحكومة في كيفية إصلاح اداء الموازنة المنزلية للمواطنين قبل ان تفكر بإصلاح موازنتها؟، وهل فكرت الحكومة في عدد القضايا المالية والحقوقية التي تزحم قاعات القضاء بعد ان يصبح إعسار التجار جزءا لا يتجزأ من نتائج سياسات الترقيع المالي للموازنة؟.

وهل فكرت الحكومة في عدد الأسر التي دفعت دفعا للعيش تحت خط الفقر بسبب تسونامي الأسعار الجديدة؟، وهل جربت الحكومة اختبار مصداقيتها لدينا وهي تقول إن نسبة النمو الإقتصادي ستصل الى حوالي 2 % سنة 2018 في الوقت الذي يبحث المواطنون فيه عن أية دلالات أو علامات تساعدهم على تصديق تلك الفرية، وكل المعطيات تشير إلى أننا ندفع دفعا للمزيد من الفقر والإعسار المالي بحيث لن يستطيع أكثر من ثلثي الأردنيين على الأقل الوفاء بالحد الأدنى من الإلتزامات المالية اليومية.

ذات حكومة ــ مثلا ــ كانت تشتكي من ارتفاع فاتورة الوقود، ففكرت وقدرت ان اعفاء سيارات الهايبرد من نسبة من الضرائب سيساعد المواطنين على استبدال سياراتهم بهذا النوع من السيارات الموفرة للوقود وبالتالي سينعكس هذا ايجابا على فاتورة النفط، وقلنا في وقتها إن هذا تفكير صائب في المديين المتوسط والبعيد، لكن السيد الملقي أعاد التفكير والتقدير فحرم ما احله سلفه، وابتدع بدعة يرى ان الله سيجازيه عليها الجزاء الأوفى.

ثمة تخبط في كل منحى، وثمة ارتدادات لزلزال الغلاء، وثمة الملايين لا تزال تتحرك تحت تأثير الصدمة، وثمة رجل بكامل احترامه واناقته يقول للناس"إن كرامتهم فوق كل اعتبار"

نعم إن كرامة الأردنيين فوق كل اعتبار ولكن وفقا لمسطرتهم هم وليست لمسطرة الحكومة التي تتمدد بالصيف وتتقلص بالشتاء مما يجعل من ارقامها مجرد دلالات  راقصة بحسب حرارة الجو، وحرارة العواطف أيضا,,//

 

تابعو جهينة نيوز على google news