banner
كتّاب جهينة
banner

الاْردن يقوم بدور عظيم ولكنه ليس دوله عظمى وفصل الخطاب في حديث جلالة الملك

جهينة نيوز -

الاْردن يقوم بدور عظيم ولكنه ليس دوله عظمى وفصل الخطاب في حديث جلالة الملك

  

مروان باشا العمد

        منذ ان أعلن رئيس الولايات المتحده الامريكيه عن اعترافه بالقدس عاصمه لأسرائيل ونقل سفاره بلاده اليها والحديث يكثر ويتشعب عن الموقف الأردني وما يجب ان يكون عليه  والجميع يقدم الوصفات الجاهزه من عالم الخيال  والجميع يقدم النصح و الاقتراحات ولكنها جميعها خطابات لا تحسب النتائج ولا تحسن التوقعات .

     قبل ايّام كنت في جلسه حواريه نظمتها منصه تقدّم حول القدس لضيفين احدهما مسؤول من السلطه الفلسطينيه والآخر باحث في الدراسات المستقبليه وكان يحاورهم الاستاذ سائد كراجه . وفِي دور المناقشه وقف احد الحضور وتحدث وقال صحيح ان الاْردن وقف مواقف عظيمه لكن كان بأمكان الاْردن ان يستعمل اسلحه أخرى وذكر عددا منها سآتي على ذكرها لاحقاً الا انه قصر في فعل ذلك .

وقد رد عليه المحاور سائد كراجه بأن الاْردن قام بدور عظيم ولكن الاْردن ليس دوله عظمى  ومنه أخذت عنوان هذه المقاله ولكن مع بعض التفاصيل مروراً على ما جاء على لسان جلاله الملك المعظم في اجتماعه مع رئيس وبعض أعضاء مجلس النواب وفِي لقائه مع بعض المتقاعدين العسكريين في الرمثا  وحتى يتم ادراك ما اهدف اليه في مقالي فلا بد من متابعته للنهايه  .

   بدايه ليس بخاف ان الأردن كانت تربطه علاقات وثيقه مع الولايات المتحده الامريكيه وبينهما مصالح سياسيه واقتصادية وان الاْردن شريك معها في التحالف الدولي ضد الاٍرهاب الذي تقوده  . كما انها من اكثر الدول التي تقدم مساعدات للأردن  .

             كما انه ليس بخاف انه تربط الاْردن بالكيان الصهيوني اتفاقيه سلام دوليه يدعمها العالم اجمع تقريباً وهذه الاتفاقيه وبالرغم  من حاله  الفتور بين الطرفين وما حصل بينهما من مناكفات سياسيه وخلافات وما قام به هذا الكيان من التفاف على الرعايه الهاشميه في القدس وما حدث في السفاره الصهيونيه في عمان ،  الا ان الاتفاقيه تبقى قائمه .

               وصحيح ان الاْردن قد ارتبط بعلاقات وثيقه مع دول الخليج العربي والذي قدم للأردن مساعدات ماليه لا يمكن إنكارها رغم توقفها حالياً ،  ورغم ما اعتور هذه العلاقات  من فتور بعد ان تغيرت أولوياتهم ومصالحهم الا انه تبقى لهذه العلاقات خصوصيتها وظروفها .

           ولكن وبعد قضيه السفاره والقدس أخذت تنطلق أصوات تطالب بتحديد علاقاتنا مع الولايات المتحده الامريكيه واتخاذ عقوبات اقتصاديه وسياسيه بحقها والغاء اتفاقيه الغاز مع الشركه الامريكيه إنيرجي  وعدم الموافقه على زياره نائب الرئيس الامريكي مايك بنس للأردن  ودون ان يوضح اصحاب هذه الاقتراحات عن مدى قدره الاْردن لأتخاذ مثل هذه القرارات منفرداً في مواجهه الولايات المتحده الامريكيه .

 وفي مواجه العدو الصهيوني فقد انطلقت أصوات تطالب بإلغاء اتفاقيه وادي عربه وإيقاف المفاوضات حول قناه البحرين واستدعاء السفير الأردني هناك من غير ان تتفضل علينا هذه الأصوات بتبيان كيف يمكن ان نفعل ذلك ودون احتساب الخسائر والأرباح الناتجه عن مثل هذا القرار . صحيح اننا نتمنى لو لم نكن قد وقعنا على مثل هذه الاتفاقيه مع العدوا الصهيوني الا انه يجب التسليم بأنه قد تم التوقيع عليها ، وان إلغاء هذه الاتفاقيه سوف يثير علينا الكثير من دول العالم ومنها الكثير من الدول الداعمه والمسانده لنا لأن دعمها ومساندتها لنا لا يعني انها على عداء مع الدوله الصهيونيه او انها سوف تدعم أي محاوله لالغاء هذه الاتفاقيه . كما ان إلغاء هذه الاتفاقيه يعني العوده  لحاله الحرب بيننا ، فهل نحن في أحسن حال لمواجهه هذا الاحتمال ؟ كما ان الاْردن طوال السنوات السابقه كان الجسر الذي يوصل المساعدات الغذائيه والدوائية والإنسانيه للأهل في الارض المحتله من خلال القوافل الهاشميه ،  فهل نحن على استعداد للمغامره بأغلاق هذا المنفذ ؟  بل على الأصح هل الأهل في المحتل من فلسطين قادرون على مواجهه هذا الاحتمال ؟  كما ان الاْردن كان  قد نجح  وبفضل  هذه المعاهده في التخفيف على الأهل هناك في كثير من الحالات والازمات فهل سوف يكون الاْردن قادراً على تقديم مثل هذه الخدمات في حال قمنا بإلغاء المعاهده ؟ . بل هل سوف تسمح دوله الصهاينه بأدخال المستشفيات الطبيه الأردنيه الى الضفه الغربيه وقطاع غزه ومعها طواقم التخصصات الطبيه المختلفه ؟ . ويضاف الى ذلك فأنه ما مصير حوالي مائه الف مواطن يحملون بطاقات جسور  صفراء وجوازات سفر اردنيه دائمه وأرقام وطنيه ويقيمون في المحتل من فلسطين هل سوف تجعل دوله الصهاينه إقامتهم سهله هناك وهم بالنسبه لها أصبحوا رعايا دوله عدوه وفِي حاله حرب معها ؟ .  يضاف الى ذلك مئات آلاف المواطنين الأردنيين  الذين يحملون بطاقات جسور صفراء وجنسيه  اردنيه ومقيمين في الاْردن ومختلف دول العالم ولهم اقارب ومصالح وأملاك في الاراضي المحتله وهم بحاجه لتفقدها او زياره أقاربهم هناك هل سوف تمكنهم السلطات الصهيونيه من فعل ذلك ؟ . إذاً من الذي سوف يخسر اكثر من وراء إلغاء هذه المعاهده البغيضه على قلوبنا ؟ أليس هذا العدو هو اكبر الرابحين والذي يعيد له مثل هذا الفعل أمل تحقيق حلمه بأن دولته شرقي النهر وغربيه .

               لقد جعل التعنت الصهيوني من هذه المعاهده عباره عن مراسم رسميه اكثر منها علاقات حسن جوار ولم تحقق هذه المعاهد  أي استجابه او موافقه من الناحيه الشعبيه ولكننا لا زلنا من خلالها نستطيع ان نقدم العون للأهل هناك ولقضيتهم  ولو بقدر محدود فهل نتركهم لمصيرهم ؟ ثم ماذا عن الرعايه الهاشميه للأماكن المقدسه بالقدس  وحوالي الف موظف  يتبعون وزاره الأوقاف الأردنيه ويشرفون على الأماكن المقدسه فيها  ؟  ولمن ستؤول هذه السيطره بعد ذلك ؟ ثم من المستفيد اكثر من وقف المباحثات حول قناه البحرين ؟ أليس  المستفيدون الأكبر من ذلك  هم اعداؤنا الصهاينه .

   كما أخذ الكثير من المنظرين يطالبوننا بتغيير تحالفاتنا مع دول الخليج العربي نتيجه تغير الاولويات لديها  واعتبارها ان الخطر الإيراني هو الخطر  الأكبر عليها  وما تبع ذلك من اختلاف المواقف في كثير من القضايا ،  ودون ان يأخذوا في الاعتبار مصالح حوالي مليون مواطن أردني يقيمون ويعملون هناك وما يمكن ان يتعرضوا له في حال سائت العلاقات مع هذه الدول ، وهل نسينا ما حصل في حرب الخليج الثانيه عندما اختار الاْردن الحل العربي في حين هم اختاروا الحل الامريكي  حيث وجدنا  أنفسنا ضحايا حصار شامل وامام مئات الاف العائدين الى الاْردن وقد تركوا هناك أعمالهم واموالهم  ؟

   وقد أخذ البعض يرسمون لنا مستقبل الاْردن ومع من يتحالف ومع من ينسق  ويروجون للتقارب مع التحالف الروسي التركي الإيراني القطري بديلاً للتحالف الامريكي الغربي الخليجي دون ان يكون هناك في الأساس أي دليل على وجود مثل  هذا التحالف وان جمعتهم مصالح مشتركه بالملف السوري . بل ان بعضهم بدا يشد الرحال الى تلك العاصمه او الأخرى  . فهل يريدون لنا ان نلقي أنفسنا في الحضن التركي الساعي ليجعلنا  رعايا في  دولته العثمانيه الجديده  التي امتدت جذورها في العراق وسوريه وقطر وحالياً تحط  رحالها  في السودان ؟ أم يريدون لنا ان نصبح  ولايه من ولايات الفقيه التي امتدت من سوريه والعراق ولبنان واليمن ؟ أم انهم يريدون  ان يجعلوا من الاْردن قاعده روسيه مثلما هي سوريه في طريق أعاده امجاد الدوله السوفياتيه ؟  . أم يريدون منا ان نتحالف مع دوله قطر وبذلك نقطع آخر خطوطنا مع دول خليجيه اخرى ؟

   لماذا يريدون منا ان ندخل في لعبه التحالفات وان نقف مع وضد بعض دول المنطقه بالرغم مما امتاز به النظام للأردني من الوقوف على مسافه واحده من جميع  القوى المتصارعه في المنطقه  بما يخدم المصلحه الأردنيه  ويحفظ أمنه واستقراره ؟

   لقد تحدثت عن ذلك في مقال سابق بأختصار  واقترحت ان نضع ثقتنا في قيادتنا الهاشميه لتقودنا الى بر الأمان وسط هذه الامواج المتلاطمه .

           و هاهو جلاله الملك عبدالله الثاني يضع الخطو ط العريضه للطريق الذي سوف نسلكه ان شاء الله ، وهذا كان  في حديثه امام بعض أعضاء مجلس النواب وفي حديثه مع مجموعه من المتقاعدين العسكريين في الرمثا

   فقد قال جلالته امام أعضاء مجلس النواب  وفي لقاء الرمثا  اننا وجدنا أنفسنا في الوضع الذي نحن عليه حيث لم تأخذ الولايات المتحده الاميركيه بنصيحتنا  لكن يجب ان نعلم انه لا يمكننا ان نتجاهل الولايات المتحده للوصول للحل المنشود وسوف نتواصل معها في الفترة المقبله تفادياً لأي فراغ يؤثر على مصلحه الاْردن  ولا بد ان نعمل للتأثير في أي توجه يتعلق بالمنطقه .

   وفِي كلام جلالته هذا أوضح رد لمن يطالبنا بأيقاع عقوبات على الولايات المتحده الامريكيه فهو يقول انه رغم ان ترامب لم يستمع لنصيحتنا وأصدر قراراته فأنه لا زالت خيوط الحل بيدها شئنا ذلك أم ابينا وأننا ورغم اننا نعارض هذه القرارات فأننا لا نستطيع مقاطعتها  واننا يجب ان نستمر في محاورتها ومحاوله تغيير مواقفها مراعين بذلك مصلحه الاْردن .  كما ان أميركا ليست ترامب وادارته فقط وان هناك الكثيرين ممن يعارضون نهجه والذين علينا ان نُسمعهم وجهه نظرنا ونكسب تأييدهم لموقفنا لعلهم يتمكنون هم من تغير موقف الاداره الامريكيه الحاليه او حتى تغيرها .  ولهذا فأن الأردن سوف يستقبل نائب الرئيس الامريكي في جولته القادمه بالمنطقه .

   كما قال جلالته ان موقف الاْردن اتجاه القدس والقضيه الفلسطينيه ثابت وأننا  وسوف ندعم الاشقاء الفلسطينيين وأننا لن  نتنازل عن حقنا وواجبنا المتمثل في الدفاع عن عروبتها  . وان أي  موقف او قرار لن يغير الحقائق القانونيه والتاريخية وحقوق المسلمين والمسيحيين في القدس وان القدس مسؤوليه المجتمع الدولي كاملاً ولا بد ان نتحمل مسؤوليتنا ومنع تهويدها مسلمين ومسيحيين . وان الواقع يملي علينا اليوم ان لانترك الساحه ليستفيد من النزاع خصوم الحل المبني على أساس اقامه الدوله الفلسطينيه المستقله وعاصمتها القدس الشرقيه . وان القدس تمثل قاعده ارتكاز للجهود الدبلوماسيه وان الاْردن استطاع كسب نقاط إضافية في هذا المجال . وأكد جلالته ان مصالحنا الوطنية والقوميه فوق كل اعتبار وسنعمل على خدمتها في حوارنا مع العالم .

 وكلام جلالته واضح وصريح بدعم القضيه الفلسطينيه ومساندتها لغايه اقامه دولتها المستقله وان لا نترك الساحه لأعداء الحل القائم على أساس حل الدولتين وهذا يتطلب عدم قطع جميع الخيوط التي تربطنا بدوله الصهاينه رغم كل مواقفهم وتصرفاتهم وبنفس الوقت ان نتمسك بحقوقنا اتجاههم وذلك بناء على الجهود الدبلوماسيه . ومن الطبيعي ان اَي حل على هذا الأساس لا يمكن ان يتم في حال إلغاء اتفاقيه وادي عربه كما يطالب البعض بذلك ،  وبنفس الوقت عدم تقديم تنازلات لصالح الصهاينه على حساب القضيه الفلسطينيه وعاصمتها القدس الشرقيه ، أو على حساب الاْردن  .

             ودعا جلالته الى التنسيق مع الاشقاء العرب لبلوره موقف بحجم التحديات الجسام التي تواجهها المنطقه بالرغم من قوله ان للدول العربيه أولويات  واستراتيجيات متباينة .

كما قال جلالته عن الازمه السوريه ان الاتفاق الثلاثي الأردني الامريكي الروسي لتحقيق تخفيف التصعيد في الجنوب السوري من شأنه ان يساهم في التوصل الى حل للازمه السوريه وان الاْردن يدعم جميع المبادرات التي تساعد في التوصل لحل سياسي ضمن مسار جنيف وبما يضمن هدوء واستقرار سوريه  واننا ندعم جميع مبادرات الحل السياسي للأزمه السوريه .

   وهذا يعني ان الاْردن لن يسعى لتغيير تحالفاته في الوقت الراهن وانه سوف يحاول العمل على استمرار التنسيق مع الدول العربيه رغم كل الصعوبات والاولويات المختلفه لهذه الدول ، والسعي للوصول الى تفاهمات معها  تخدم القضايا العربيه بما فيها القضيه الفلسطينيه  والقضيه السوريه والتي قال ان الاْردن سوف يستمر بالتعامل معها ضمن إطار التفاهمات القائمه حالياً وبما يخدم هذه القضيه  .

   وبهذا يكون جلاله الملك المعظم قد وضع النقاط على الحروف وانهى الجدل البيزنطي الذي دار حول تغيير التحالفات التي كان من الممكن ان تنقلنا من تحت الدلف الى تحت المزراب وانه في كل خطواته سيعمل بما فيه صالح القضايا العربيه وصالح الأردن .  وانه ورغم كل هذه الظروف ورغم كل هذا الضباب فأنه يرى اسباباً تدعو للتفاؤل خلال هذا العام ٢٠١٨ .//

تابعو جهينة نيوز على google news
 
Email : info [at] johinanews.com
 
تصميم و تطوير