حديث جلالة الملك أمام مجلس الوزراء
جهينة نيوز -مروان العمد
تعددت المقالات والتحليلات على اثر ما قاله جلالة الملك المعظم عند حضوره جانباً من اجتماع مجلس الوزراء يوم امس وما وجهه من نقد للحكومة وتوجيهاً لها والطلب منها ان يلمس تحسناً في ادائها خلال الفترة القادمة ولنهاية هذا العام.
وقد استنتج البعض من ذلك ان جلالة الملك وبالرغم من ملاحظاته على اداء الحكومة فهو يمهلها لنهاية العام لتحسين ادائها ، فيما ذهب آخرون الى تفسير ما قاله جلالة الملك على انه اعلان اقالتها . فيما ذهب آخرون الى القول ان من واجب الحكومة والوزراء اعلان استقالاتهم بعد ما سمعوه عن ادائهم من جلالة الملك وان يفسحوا المجال لغيرهم لمواصلة المسيرة. وقد وضع جميع هؤلاء انفسهم موضع المحللين لما قاله جلالته وفسروه كل حسب ما يرضي رغباتهم ومواقفهم من هذه الحكومة وعدم رضاهم عن ادائها . بل انهم خولوا انفسهم بأن يتحدثوا باسم جلالته ، بل ويملون عليه ما يجب ان يقوم به .
وانا مثلي مثل اغلب المواطنين غير راض عن كثير من القرارات الحكومية ، ولكن هنالك امور يجب ادراكها ومعالجتها قبل ان نطالب بتغيير الحكومة واولها يجب ان ندرس إمكانية الرئيس القادم لان يحدث الفارق في ظل الظروف الحالية التي يعيشها الاردن والمنطقة بغض النظر عن اسم الرئيس الجديد وامكانياتهوحتى لو كان اكثر انسان كفاءة ومقدرة في الاردن ؟ حيث ان احداث الفارق يعتمد على ظروف واوضاع داخلية وخارجية فهل هي متوفرة الآن ؟
وثانيا يجب ان نأخذ بالحسبان عواقب تغيير الوزارة واستقدام غيرها دون ضمانات نجاحها في حل مشاكل البلد والمواطنين الذين باتوا يأملون بأن الحكومة القادمة سيكون بمقدورها محاربة الفساد وتخفيض الضرائب وزيادة الرواتب وتخفيض اثمان الكهرباء والماء والاسعار وحل جميع مشاكلهم ، حتى لو كانت مع موظف في بلدية قريتهم ، لأنه اذا لم يتحقق ذلك او غالبيته فسوف يصاب المواطنون بالمزيد من الاحباط واليأس ؛ مما قد يكون له ردود فعل نسأل الله ان لا نختبرها . وخاصة اننا اصبحنا نُحمل كل أخطاء الحكومات السابقة على كاهل الحكومة الاخيرة . ولعلهذا السبب هو الذي جعلنا نرى في كل حكومة جديدة انها اسوأ من التي سبقتها واصبحنا نقول عنها انها اسوأ حكومة في تاريخ الاردن . وانني ارى ان قدوم حكومة جديدة مع بقاء الظروف والاوضاع المحلية والدولية على حالها لن يُحدث اي تغيير سوى اننا سنحملها لقب اسوأ حكومة بتاريخ الاردن بغض النظر عمن سوف يشكلها .
ان خروج الاردن والمنطقة من هذا الوضع الذي هو فيه اصبح يعتمد على عوامل خارجية اكثر منها داخلية وهذه العوامل سياسية واقتصادية ساهمت اطراف كثيرة في وصولنا الى ما نحن عليه الآن ، وبهدف التحكم بقرارنا وحرماننا من السيطرة عليه ، ولا يمكنناأن نخرج من هذا الحالة الى بإرادة وقرار من هذه القوى وللأسف الشديد .
واعتقد اننا سوف نبقى في قعر الزجاجة الى ان يتم استكمال المخططات السياسية للمنطقة وأهمها صفقة القرن والتي لن تكون في صالحنا . وان هذه القوى الخارجية لن تسمح لنا بالخروج من قعر الزجاجة قبل ان نرفع الراية ونقبل بصفقة القرن ، اذ ان تحسن اوضاعنا سوف يمكننا من رفض الاملاءات المفروضة علينا وهذا ما لن يسمحوا لنا بأن نفعله .ولن يُسمحوا لنا بأن تتوفر لدينا الامكانيات المالية الكافية للنهوض بأوضاعنا وتمكيننا من تسديد ديوننا والتزاماتنا والانطلاق بها نحو المستقبل خاصة واننا نعتمد عل مصادر خارجية للحصول على هذه الاموال.
اعتقد انه وفي حال اقرار صفقة القرن بالصيغة التي يريدونها فأن المنطقة سوف تشهد انفراجة اقتصادية وتحسين الاوضاع المعيشية فيها وحل قسم من مشاكلنا في هذا المجال ولكن ذلك بالتأكيد سيكون على حساب حقوقنا السياسية وعلى حساب كرامتنا .
من الواضح ان جلالة الملك مستاء من عجز الحكومة عن القيام بواجباتها ولكنه من الواضح انه يدرك عبثية اجراء تغيير وزاري الآن ولذا فقد قام جلالته بتوجيه رسائل شديدة اللهجة والوضوح والشدة لهذه الحكومة مع امهالها لنهاية العام الحالي على امل ان يكون قد بان الخيط الابيض من الاسود وخاصة ان طبخة القرن كادت ان تستوي وسيتم سكب قاذوراتها علينا وخيراتها على عدونا . وعندها ستكون الصورة اكثر وضوحاً امام جلالته ويمكنه على ضوءها اتخاذ الإجراءات المناسبة . وعندها ايضاً سيكون قد اقترب الإستحقاق الدستوري بأنتخاب مجلس نواب جديد بغض النظر عن القانون الذي سوف يجري عليه . وسيكون قد حل الإجراء الدستوري بحل الحكومة بحكم القانون . وهذا سبب آخر لعدم تشكيل حكومة جديدة حالياًحيث انها وفي جميع الاحوال لن يكون لديهاالوقت الكافي لعمل اي شيئ او اصلاح اي خلل حتى لو ملكت إمكانية ذلك.
هذا رأي انا وتحليلي لما قاله جلالة الملك قد أكون مصيباً وقد أكون مخطئاً . وقد يتفق معي بذلك البعض وقد يختلف معي الكثيرون لأنهم يريدون ان يروا ما يحلمون به وقد تحقق . ولكن هذا عالم الواقع وليس عالم الأحلام . ويبقى ان جلالة الملك اقدر مني على التحليل ومعرفة الواقع واتخاذ القرار المناسب بالوقت المناسب .