ثقافة الجزء الممتلىء من الكأس
جهينة نيوز -
أ.د.محمد
طالب عبيدات
بالرغم
من التقدم التكنولوجي المذهل في زمن الألفية الثالثة إِلَّا أن أزمة الأخلاق تتفاقم،
فمعظم ما نرى ونسمع ونقرأ وحتى ما يكتبه الكثيرون ينصبّ على الجزء الفارغ من الكأس
وليس الممتلئ؛ ومردّ ذلك للثقافة المجتمعية السلبية التي عززتها وسائل التواصل الإجتماعي
على سبيل مفاهيم خالف تُعرف أو عارض تصل أو انتقد تُحترم أو استخدم العنف للحصول على
المكاسب والمغانم والمُحاصصات أو غيرها من الأساليب الانتهازية والوصولية التي تطفو
على السطح:
1. فحينما نمدح شخصاً ما
فالجميع يصمت بالرغم من قناعتهم بضرورة إظهار محاسنه، بيد أنه عندما نذم شخصاً ما فالجميع
يشارك بالرغم من علمهم بتحمّلهم للسيئات والخطايا جراء ذلك!
2. الناس للأسف تبدأ الحديث
هذه الأيام عن السلبيات قبل الإيجابيات لأي إنسان أو مؤسسة؛ والبعض يُحجم الحديث حتى
عن الإيجابيات وقصص النجاح الواضحة؛ وهذه ثقافة قصور ذهني سلبي تهدف إلى السوداوية
وعدم الإنصاف والمفروض أن يدرك الناس ذلك ويميّزوا الغثّ من السمين.
3. يتغيّر الناس فجأة دون
سابق إنذار؛ إمّا لاعتزالهم التمثيل ومظاهر الدبلوماسية والتجمّل أو لإنتهاء مصالحهم
الخاصة وعزف الأوتار!
4. بعض الأشخاص يظهر أمامك
بلون سياسي ويظهر أمام غيرك بلون سياسي آخر، كمؤشر على عدم الارتكاز على المبادئ؛ وهؤلاء
هم المنافقون المتلونون كالحرباء مع الأسف.
5. يتحدّث الناس عن الجزء
الفارغ من الكأس وإظهار العيوب والسلبيات، بيد أنهم نادراً ما يتحدثون عن الجزء المملوء
منه والإيجابيات وقصص النجاح والإنجازات.
6. حتى الحديث عن الجنة
والنار -بما أننا مُقبلون على العشر الأوائل من ذي الحجة- ينصبّ عند الكثيرين عن النار
أكثر من الجنة كنوع من الترغيب، فالترهيب يسبق الترغيب بل ويغلبه.
7. ظاهرياً الفساد يعم،
والأخلاق تندثر، والضمائر غائبة، والإيمان يخفّ، والليبراليون يطفون على السطح، وغيرها،
ومع ذلك فبذرة الخير والأمل فينا لن تموت فالحق موجود ويعرفه الجميع!
8. في هذه الأيام -وقادمها
من العشر الأوائل من ذي الحجة- نضرع لله تعالى أن يكلأ الأردن برعايته ويغدق العيش
والهناء على كل الناس.
9. مطلوب إنصاف الناس والشخصيات
والمؤسسات الوطنية بإظهار ما لهم أولاً ومحاسنهم وما قدّموه على الأرض من إيجابيات؛
وبالمقابل السعي لإصلاح كل ما هو بحاجة لذلك من خلال النقد الإيجابي الرصين دونما نميمة
أو همز أو لمز.
بصراحة:
نحتاج اليوم قبل الغد عند الحديث عن الأشخاص أو المؤسسات لإظهار إنجازاتهم وإيجابياتهم
ومحاسنهم قبل كل شيء لغايات البناء عليها؛ وبعدها نُظهر السلبيات والسيئات لغايات تصويبها
على سبيل الإصلاح والنقد البناء؛ وهذه الثقافة تُعزز ثقافة الجزء الممتلئ من الكأس
قبل الحديث عن الجزء الفارغ منه.