الاردن وسط لهيب مشتعل ما المطلوب منه وما هي الامكانيات .
جهينة نيوز -
تعج دول منطقتنا العربية بالحركة في هذه الايام . ولهذه الحركة علاقة بصفقة القرن التي وعد الرئيس ترامب ان يقدمها لهذه الدول بعد عيد الفطر السعيد كهدية من العطايا والحلويات توزع على شعوب هذه المنطقة بهذه المناسبة ولكن بعد ان كان قد دس السم الزعاف في دسمها .
وتشهد هذه الايام تحركات يقوم بها الثلاثي الامريكي جاريد كوشنير مساعد الرئيس الامريكي وكبير مستشارية وصهره واليهودي الديانة . وجيسون غرينبيلات اليهودي الارثوذكسي / الممثل الخاص للرئيس ترامب للمفاوضات الدولية ، وبرايان هوك المبعوث الامريكي الخاص فيما يتعلق بأيران. ومن الواضح ان تحركاتهم هذه تتعلق بصفقة القرن واقتراب اعلانها .
وقد عًقد اجتماعاً عصر يوم امس مابين جلالة الملك المعظم بحضور وزير الخارجية الاردني وشؤون المغتربين ايمن الصفدي ومستشار جلالة الملك للاتصال والتنسيق بشر الخصاونه والسفيرة الاردنية في واشنطن ديما قعوار ، وما بين كوشنير وغرنبيلات والوفد المرافق لهما . وقد اكد جلالة الملك المظم في هذا اللقاء الثوابت الاردنية ، حيث اكد جلالته على ضرورة تكثيف جميع الجهود لتحقيق السلام الشامل والدائم وعلى اساس حل الدولتين الذي يضمن أقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط الرابع من حزيران ٦٧ وعاصمتها القدس الشرقية والتي يجب ان تعيش بأمن وسلام الى جانب دولة اسرائيل وفق قرارات الشرعية الدولية .
وحسب مصادر اعلامية امريكية فأن جلالة الملك وضع خطاً احمراً على الخطة التي من المتوقع ان تكشف عنها ادارة ترامب في محاولة لحل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي .وان جلالة الملك قد اوضح لكوشنير عدم التزامه بحضور ورشة البحرين والتي تمثل الجزء الإقتصادي من خطة السلام الأمريكية . وبهذا فقد اثبت جلالة الملك المعظم بأنه لا يزال مصراً على ثوابته التي من شانها ان تنسف صفقة العصر و تحمل مسؤولية وتبعات هذا الموقف البطولي .
هذا وسوف تكون دول المنطقة مدعوة اليوم لحضور مؤتمر القمة العربي الطارئ في مدينة مكة المكرمة . وغداً ستكون مدعوة لحضور مؤتمرالقمة الاسلامي والتي سوف تعقدفي نفس المكان ، واللتان من الطبيعي ان تكون خطة السلام الامريكية من اهم محاورهما بالاضافة للقضية اليمنية والسورية والليبية والموقف من ايران وصراعها مع الولايات المتحدة الاميركية .
بالاضافة لاستحقاق الورشة الاقتصادية المقرر عقدها في البحرين يومي الخامس والعشرين والسادس والعشرين من شهر حزيران القادم والتي من المقرر ان يطرح فيها الحل الاقتصادي للقضية الفلسطينية على حساب الحل السياسيى . واستبدال المشاريع والمساعدات الاقتصادية للمناطق المحتلة في الضفة الغربية وقطاع غزة بفكرة الدولة الفلسطينية المستقلة ، والإكتفاء بإدارة ذاتية لبعض المناطق في الضفة والقطاع وبشروط .
ورغم الموقف الاردني والفلسطيني الرافضان حتى هذه اللحظة حضور هذه الورشة رغم تهافت الجميع على حضورها ، ورغم تراجع دولة قطر عن انتقادها لهذه الورشة وابلاغ الادارة الامريكية عن استعدادها لحضورها ، وارسال طائرة حكومية الى السعودية تحمل وفداً دبلوماسياً اعلنت بعدها قطر عن مشاركتها في القمة العربية والاسلامية اللتان ستعقدان في مكة اليوم وغداً وان رئيس وزرائها سيمثلها في حضور المؤتمرين مما يمكن اعتباره خطوة لأنهاء النزاع الخليجي الخليجي ضمن حزمة صفقة القرن وخاصة ان الدول الخليجية ستكون الراعي الرسمي والممول الرئيسي لهذه الصفقه التي سوف يتم اعتماد ايران فيها الخطر الحقيقي الذي يهدد المنطقة عوضاً عن حمامة السلام الإسرائيلة ، فأن المستقبل لم يبح بعد بكامل اسراره واحداثه مما يتطلب اندماج الموقف الشعبي الاردني الرافض لحضور كوشنير والرافض لصفقة القرن والرافض للمشاركة الاردن في ورشة البحرين الاقتصادية مع الموقف الرسمي الرافض لهم . ولقد كانت التظاهرة التي اقامها التيارا الديني الاسلامي وانصاره امام السفارة الامريكية فرصة لإسماع هذه السفارة رأي الشعب الاردني بصفقة القرن ورفضه لها الا انها وللاسف حادت عن طريق الصواب عندما وقفت امام السفارة الامريكية ونسيت الهدف الذي حضرت من اجله واخذت تهتف مطالبة باسقاط حكومة الرزاز وهم الذين لم يرفعوا يوماً هذا الشعار في الميادين بالرغم من رفع آخرين له ، مما يجعلني افكر هل هم لم يدركو انه يجب اسقاط حكومة الرزاز لفسادها الا في ذلك اليوم في ركوب لهذه الموجة ، ام هو اتهام لها بأنها وراء دعوة كوشنير للحضور للأردن وانها وراء صفقة القرن مما يتطلب سرعة اسقاطها لافشال هذه الصفقة وهو الامر الذي تشير الاحداث الى عكسه ؟ ثم ما علاقة حكومة الرزاز بحضور كوشنير وهل كان مطلوباً منها رفض حضوره وهل تملك امكانية ذلك واضاعة فرصة الاستماع لما قاله واسماعه ما قاله له جلالة الملك من صريح العبارات ؟
ام اننا لا زلنا لا نؤمن بالتظاهر للاعراب عن الرأي دون ان تكون هتافاتنا تتضمن يسقط او يعيش ؟ ام انها عادت لتلعب دور النمرالذي يرقد على العشب الاخضر ليلمح نقطة ضعف في فريسته لينقض عليها ويلتهما ؟ . لا اقول هذا الكلام دفاعاً عن حكومة الرزاز وليس رفضاً لرحيلها لاساب داخلية ، ولكن المكان والزمان والمناسبة لم يكونوا مناسبين لطرح هذا الشعار ، وكان المطلوب الاعلان عن وقوف الشعب الاردني بكافة اضيافة وراء قيادته ودعمها له لتقوي موقفه السياسي والتفاوضي وهو ما طالبنا وطالب بة الآخرون مراراً وتكراراً خلال الايام الماضية ، وهو ما هو مطلوب في الايام القادمة والتي تتطلب تأجيل التناقض الفرعي لصالح التناقض الرئيسي وخاصة ان الرواية لم تنتهي فصولها بعد بل ان سيناريوهاتها تزداد تعقيداً ونيران الخطورة فيها يزداد لهيبها والتهديدات التي كنا نتعرض لها بالخفاء ستصبح بألعلن لتركيع الارادة الاردنية والموقف الرسمي والشعبي لما يريدون منا فعله ، وخاصة مع اقتراب موعد ورشة البحرين وزيادة الضغوط علينا وعلى الحكومة الفلسطينيه للمشاركة فيها . واحتمال ان تستجيب هذه الحكومة لهذه الضغوط او على الاقل ان يكون هناك اتفاق رسمي او غير رسمي بالاكتفاء بحضور شخصيات مالية واقتصادية فلسطينية لهذه الورشة عوضاً عن الحكومة التي ستواصل رفضها للحضور فيما يتم اقرار المشاريع المنوي عرضها مع القطاع الخاص الفلسطيني الامر الذي سيبقي ان حدث وهو في طريق الحدوث الاردن وحيداً في الساحة في مواجهة القدرة السياسية والاقتصادية والعسكرية الامريكية التي لا قدرة له على مواجهة اي قوة منها حتى لو وقف معه آخرون فكيف وهو سيكون وحيداً في الميدان ؟
وبألرغم من اعلان جلالة الملك عدم التزامه بحضور ورشة البحرين الا ان الامر قد يتطلب في المستقبل استخدام بعض الدبلوماسية السياسية مثل المشاركة فيها على مستوى تمثيل مناسب والإستماع لما يطرح ويقال فيها ونقول نحن ما نريد ان نقول وما قلناه سابقاً ، وننتظر ماذا يمكن ان يحدث بعد ذلك وخاصة مع وجود معيقات أخرى على صفقة القرن قد يكون احداها عدم توفر امكانية تنفيذها او عدم منطقيتها او عدم اجماع العالم عليها او تطورات ما سيحدث في انتخابات الكنيست الإسرائيلي القادمة بعد ان قرر الكنيست اعادتها اثر فشل نتنياهو بإعلان حكومتة الإتتلافية التي يعول ترامب على تشكيها لاعلانه خطته . وان نتظر بعد ذلك وما ستسفر عنها الامور والحكومة الإسرائيلية التي سوف يتم تشكلها وكلها في علم المجهول . ام المطلوب ان نرفض ذلك ونخرج الى الشوارع لنطالب بسقوط فلان وعلان ونطالب بعدم المشاركة والقول اننا نملك اوراقاً تمكنا من ذلك وبهذا نضع المعيقات امام دبلوماسية جلالة الملك والذي يعمل على قيادة السفينة الى بر الأمان وسط هذه الامواج الهائجة ، ومرددين ان الاردن يملك امكانية الرفض والتصدي لهذة الخطة منفرداً وان لدية الكثير من الاوراق ليلعب فيها بما فيها الورقة العسكرية ونقود الاردن الى مصير مجهول ؟ لا بل معلوم ولكنه مدمر ؟ . صحيح ان الاردن عظيم بقيادته وبشعبه اذا وضعا ايديهما معاً لتجاوز هذه الظروف ولكن علينا ان لا ننسى ان الاردن ليس دولة عظمى .