حكاية مخيفة لزوجة ثري، بينما هو في السجن أنفقت ملايين الدولارات على شراء مجوهرات وألبسة وحلويات فاخرة
أنفقت زوجة مصرفي أذربيجاني مسجون ما قيمته 30 ألف جنيه إسترليني (37 ألف دولار أمريكي) في يوم واحد، لشراء أنواع من الشيكولاتة الفاخرة، ضمن عمليات شراء باهظة بلغ إجماليها 16 مليون جنيه إسترليني (20 مليون دولار) في متجر هارودز.
حسب صحيفةThe Telegraphالبريطانية أنفقت زاميرا هاجييفا هذا المبلغ في متجر Godiva للشيكولاتة البلجيكية، الذي يقدم سلالاً من الشيكولاتة الفاخرة بقيمة 6 آلاف إسترليني (7.5 ألف دولار أمريكي) إلى جانب مجموعة من الهدايا التي تصنع حسب الطلب.
وأظهرت وثائق محكمة أنَّ زاميرا قد أنفقت أكثر من 1.6 مليون جنيه إسترليني (مليونا دولار) سنوياً في المتجر في نايتسبريدج، خلال 10 سنوات بين عامي 2006 و2016، بما في ذلك مليون جنيه إسترليني ( 1.3 مليون دولار) في قسم الألعاب، بما في ذلك عملية شراء واحدة لألعاب بقيمة 790 ألف إسترليني (999 ألف دولار)، و5.75 مليون جنيه إسترليني في محلات المجوهرات Boucheron وCartier.
فاتورة عشاء واحد بآلاف الدولارات
وفي يوم واحد فقط في عام 2014، دفعت زاميرا، زوجة المصرفي المسجون جاهنغير هاجييف، فاتورة بقيمة 53200 جنيه إسترليني في مطعم للشطائر، ومقهى افتتحه المصمم البريطاني توم ديكسون ذلك العام، في هارودز، يبيع كذلك قطع أثاث من تصميمه.
ويُعتقد أنَّ ذلك المبلغ دفعته زاميرا لتسوية فاتورة متراكمة كانت تدين بها إلى المقهى على مدار عدة أسابيع.
وكشف إنفاقها الباهظ تحقيقٌ للوكالة الوطنية لمكافحة الجريمة حول مصدر ثروتها، وذلك في أعقاب إدانة زوجها بالفساد.
وباستخدام قانون مكافحة الفساد المسمى «McMafia»، الذي دخل حيز التنفيذ العام الماضي، تريد وكالة مكافحة الجريمة معرفة كيف يمكن للزوجين شراء منزل بقيمة 11.5 مليون جنيه إسترليني في نايتسبريدج، على بُعد دقائق قليلة سيراً على الأقدام من هارودز، ونادي غولف بقيمة 10.5 مليون جنيه إسترليني في بلدة أسكوت بمقاطعة بيركشاير.
وفي إطار أول قانون للثروة غير المبررة في المملكة المتحدة، وجد قاض أنَّ زاميرا، وهي أم لثلاثة أطفال، أنفقت أكثر من 16 مليون جنيه إسترليني في متجر السلع المترفة.
وأظهرت وثائق أصدرتها المحكمة العليا أمس الثلاثاء 28 مايو/أيار، أنَّ زاميرا أنفقت خلال عام 2014 ما مجموعه 167 ألف جنيه إسترليني لدى مطعم ومقهى توم ديكسون، وهو المطعم الذي يتباهى بأنَّه يقدم وجبة بريطانية كلاسيكية خفيفة مع لمسة من «الرقي»، إضافة إلى مجموعة من قطع الأثاث من صنع ديكسون، وقد دفعت فاتورتها على أربع دفعات كل بضعة أشهر.
تتراوح أسعار الشطيرة في المطعم، الذي أغلق منذ ذلك الحين، من 12.90 جنيه إسترليني لـ «London Porker»، وهو لحم خنزير مشوي مع كولسلو التفاح، بينما لفائف جراد البحر المسلوق مع نكهة المانجو بسعر 18.50 جنيه إسترليني.
وأنفقت زاميرا (55 عاماً) أيضاً ما مجموعه 433.389 ألف إسترليني في محل Cartier للمجوهرات في يوم واحد، وذلك خلال فترة عشر سنوات من الإنفاق المسرف.
وخلال الفترة من سبتمبر/أيلول 2006 ويونيو/حزيران 2016، أنفقت ما مجموعه 5.75 مليون جنيه إسترليني في محلات المجوهرات Boucheron وCartier، ودفعت مبالغ من ستة أرقام للتسوق من ماركات الأزياء بما في ذلك Dennis Basso وCeline وFendi وChristian Dior.
وتظهر وثائق المحكمة حجم الإنفاق بحسب القسم الذي جرى الشراء منه، ولا تحتوي على تفاصيل عن الأغراض التي جرى شراؤها، لذلك من الممكن دفع ثمن البضائع في أقسام مختلفة من المتجر.
بعض من المعاملات أكبر، بما في ذلك مبالغ مكونة من ستة أرقام، لا تظهر تفاصيلها على الإطلاق، أو تظهر مصنفة إلى فئات مثل «دولية» أو «خدمات غير تجارية».
يوضح موقع هارودز الإلكتروني أن نظام المكافآت للعملاء المنتمين للدرجة السوداء، وهو تصنيف للعملاء الذين ينفقون أكثر من 10 آلاف جنيه إسترليني سنوياً، يوفر ثلاث نقاط مقابل كل جنيه إسترليني يُنفق، ومع كل 500 نقطة تكسب 5 جنيهات إسترلينية.
لذلك، فإنفاق 16 مليون إسترليني يعني أن زاميرا قد حصدت ما مجموعه 480 ألف إسترليني من نظام المكافآت هذا، وذلك على الرغم من أن رقم 16 مليوناً يتضمن بالفعل 3 ملايين أُنفقت من بطاقات الهدايا والعروض.
تكشف وثائق أخرى أنَّ زاميرا أجرت 38 زيارة إلى صندوق الودائع الآمن في هارودز، بين يناير/كانون الثاني 2011 وأبريل/نيسان 2016، التي لم تستطع أن تحتفظ فيها «بمواد غير قانونية، أو التي من وجهة نظر هارودز قد تُلحق الضرر بسمعة المتجر».
ذكرت الاتفاقية الموقَّعة أنَّها لن تتمكن من تخزين أكثر من 15 ألف يورو (حوالي 13200 جنيه إسترليني) نقداً، وقالت فيها: «أتفهَّم أنَّ هذه الاتفاقية الشرطية تشمل أي عائدات ناتجة عن نشاطات إجرامية في أي مكان في العالم».
ماذا كان يعمل زوجها، ولماذا دخل السجن؟
وكان زوجها رئيساً لبنك أذربيجان الدولي الذي تديره الدولة، وذلك منذ عام 2001 وحتى استقالته عام 2015، وحُكم عليه بعد ذلك بالسجن 15 عاماً بتهمة الاحتيال والاختلاس.
وقد ألزمته المحكمة بدفع حوالي 39 مليون دولار (حوالي 30 مليون جنيه إسترليني) لبنك أذربيجان الدولي، وصادرت ساعته التي تبلغ قيمتها حوالي 50 ألف جنيه إسترليني، ولوحة ذهبية منقوشاً عليها اسمه ومنصبه، وعملة ذهبية.
وتواجه زاميرا، التي مُنحت إذناً بأجل غير مسمى للبقاء في المملكة المتحدة في عام 2015، خطر تسليمها إلى أذربيجان بسبب مزاعم الاختلاس.
وتضمَّن طلب قدَّمته إلى وزارة الداخلية للحصول على «تأشيرة ذهبية» وهي تأشيرة للمستثمرين الأثرياء دليلاً على وجود حساب مصرفي سويسري بأموال مودعة فيه «تزيد قيمتها عن مليون جنيه إسترليني»، مع استثمار ما يزيد قليلاً عن مليون جنيه إسترليني في سندات لحكومة المملكة المتحدة.
واشترت منزل نايتسبريدج مقابل 11.5 مليون جنيه إسترليني في عام 2009 بواسطة شركة مسجلة في جزر فيرجن البريطانية، وتبلغ قيمته الآن 15 مليون جنيه إسترليني.
فيما تم شراء نادي Mill Ride Golf Club مقابل 10.5 مليون جنيه إسترليني في عام 2013 بواسطة شركة مقرها في غيرنسي، لكن المحققين يعتقدون أن كلا العقارين مملوكان في النهاية لزاميرا وزوجها.
القيمة الصافية لثروة هاجييف
جاء في وثيقة صدرت حديثاً تحدد القيمة الصافية لثروة هاجييف في عام 2011 أنَّه كان يملك فيلا بقيمة 15 مليون إسترليني في جزيرة سردينيا الإيطالية، ومنزلاً بقيمة 5 ملايين إسترليني، وشقة بقيمة مليوني إسترليني في باكو.
ويعتقد المحققون أيضاً أنَّ الزوجين كانا يمتلكان طائرة من طراز Gulfstream G550 بقيمة 42.5 مليون دولار (حوالي 33 مليون جنيه إسترليني) اشترتها شركة أخرى ذات صلة بهاجييف.
وفي إفادات شهود، التي قُدمت إلى المحكمة العليا، قالت وكالة مكافحة الجريمة إنَّ زاميرا ربما كانت بحاجة إلى جمع الأموال للحفاظ على أسلوب حياتها بعد اعتقال زوجها، إذ باعت مجوهرات بمبلغ أقل من قيمتها الفعلية التي تبلغ أكثر 1.5 مليون جنيه إسترليني في متجر Christies، بين ديسمبر/كانون الأول 2015 ويونيو/حزيران 2016.
وقد صادرت وكالة مكافحة الجريمة، العام الماضي، خاتم ألماس من Cartier بقيمة 1.1 مليون جنيه إسترليني، بالإضافة إلى 49 قطعة من المجوهرات بقيمة أكثر من 400 ألف جنيه إسترليني.
وحين حاولت زاميرا دون جدوى التخلص من أحد الشكوك المثارة حولها بموجب قانون الثروة غير المبررة في أكتوبر/تشرين الأول، ادعى محاموها أنَّ إدانة زوجها كانت نتيجة «محاكمة صورية»، وأنَّ «إدارة الرئاسة قد حدَّدت بصورة مسبقة» أنه مذنب.
وقالوا: «قرار المحكمة العليا الذي يؤيد خضوع زاميرا لقانون الثروة غير المبررة لا يعني ولا يجب أن يعني ضمناً ارتكاب أي مخالفات، سواء من جانبها أو من جانب زوجها».
وأضافوا أيضاً أنَّ استخدام قانون الثروة غير المبررة كان جزءاً من عملية تحقيق، وليس إجراءً جنائياً، ولم يتضمن اكتشاف أي جريمة جنائية.
وقبلت محكمة الاستئناف طلباً من زاميرا للاستئناف على قرار المحكمة العليا.
ما هو قانون مكافحة الثروة غير المبررة؟
دخل قانون الثروة غير المبررة، المعروف بقانون «McMafia» -أخذت هذه التسمية من مسلسل الجريمة المنظمة الذي أنتجته هيئة الإذاعة البريطانية- حيز التنفيذ في بداية عام 2018.
وينظر إلى هذا القانون على أنَّه وسيلة لتعقب الشخصيات الثرية، مثل الأولغاركيين الروس، والذين يشتبه في قيامهم بأنشطة فسادة لحساب أنماط حياة الرفاهية ببريطانيا.
ويسمح القانون للمحققين بإجبار ما يطلق عليهم بالشخصيات المعرضة للمساءلة السياسية (PEP) على شرح مصدر ثروتهم، ومنح الوكالة الوطنية لمكافحة الجريمة سلطة مصادرة الأصول إذا لم يتمكنوا من ذلك.
المقصود بالشخصيات المعرضة للمساءلة السياسية هنا هو شخص من خارج المنطقة الاقتصادية الأوروبية، في موقع قوة يجعله عرضة للرشوة أو الفساد؛ أو شخص لديه صلات مشتبه فيها بجريمة خطيرة أو منظمة.
صدر أول أمر للمساءلة بموجب قانون الثروة غير المبررة في المملكة المتحدة ضد زاميرا هاجييفا فيما يتعلق بالممتلكات المشتراة بما مجموعه 22 مليون جنيه إسترليني.
وقد نالت هاجييفا انتباه وكالة مكافحة الجريمة، بسبب إنفاقها بواسطة بطاقات الائتمان وامتلاكها منزل نايتسبريدج، الذي تبلغ قيمته الآن 15 مليون جنيه إسترليني، حسبما استمعت المحكمة العليا.
وزعم محامو الوكالة أنَّ زوجها كان موظفاً حكومياً بين عامي 1993 و2015، ولم يكن لديه راتب حكومي كبير بما يكفي لتمويل أسلوب حياتهم هذا.
وفي شهادتها أمام المحكمة العليا، أصرت زاميرا على أنَّ زوجها «بريء»، وقد واجه محاكمة «غير عادلة» في أذربيجان، حيث سُجن لمدة 15 عاماً بتهمة الاحتيال والاختلاس.
وأضافت أنَّه «رجل له وسائله الكثيرة» للكسب، وكان «مستقلاً للغاية» عندما تزوجا في عام 1997، وكان له عدد من المصالح التجارية قبل أن ينضم إلى بنك أذربيجان الدولي.
وقالت إنَّ المنزل اشتراه بعد اختطافها في أذربيجان، وتضمن ذلك «احتجازي في ظروف فظيعة لمدة 28 يوماً»، مضيفة: «بعد ذلك، كنت خائفة من مغادرة المنزل في أذربيجان، ولم أكن سعيدة على الإطلاق، لذلك قرَّرنا كأسرة واحدة أن أذهب إلى لندن مع الأطفال، بينما يواصل زوجي العمل في أذربيجان».