"أم من العقبة " تدفع ابنها المصاب بمتلازمة داون الى منصات التتويج عربيا
الملك اكرمها بمشروع استثماري
العقبة – طلال الكباريتي
بلباس أنيق مختلف في كل يوم، وابتسامة بريئة يستقبل المصاب ب"متلازمة داون" محمد علي قطيش زواره بوظيفة مراسل في مديرية التربية والتعليم في العقبة .
بتلك الانجازات استطاعت الحاجة الأم أن تعبر بابنها الى بر الأمان بتنمية إدراكه وتفاعله مع الآخرين، وجعلته الأول إدراكا من أقرانه المصابين بهذا المرض على مستوى الوطن العربي .
الذي يدرك بأن المصاب قطيشات قد حظي بمنحة مشروع انتاجي من جلالة الملك و مقابلة جلالة الملكة رانيا خلال السنوات الماضية، يدرك تماما بأن ما وصل إليه كان عنوانه "اهتمام أم" .
في المقابل قد يتساءل البعض كيف وصلت به الى قمة النجاح عربيا من بين أقرانه ؟ لذلك رأت الأنباط أن تروي أم أمجد والدة المصاب بمتلازمة داون جهدها ليجتاز أقرانه نحو القمة عربيا .
تقول والدة المصاب بالمتلازمة محمد أن جهدها في اهتمامها به بعد علمها بأربعين يوما من ولادته خلال مراجعتها للطبيب المختص أنه مصاب بمتلازمة داون .
وأضافت والدته "أم أمجد" للأنباط أنه علمها بإصابته بهذا المرض أجهشت بالبكاء، إلا أنه لم يمنعها من التسليم لقضاء الله، مشيرة الى أن إصابته بداية جهدها ليكون أقرب في إدراكه الى الطبيعي .
وتابعت أم امجد أنها انطلقت بالمتابعة الحثيثة على تعليمه على الأحرف وهو ابن عامين ونصف العام، مضيفة أنه عندما أصبح ذا 5 أعوام ألحقته بمركز الثغر لرعاية ذوي الإعاقة بعدما رفضه مركز خاص مختص بحالته .
وزادت أنها كانت تلزم نفسها خلال تلك الفترة بالحضور الى ذلك المركز لتعليمه مصطلحات الحياة مستعينة بصور توضيحية، وبعد انتهاء تلك المرحلة الحقته بمدرسة التربية الاسلامية .
وأشارت الى أنه في تلك المرحلة كانت تجلب معها الحلويات لزملائه الطلاب في فترة استراحتهم (الفرصة) لتحبيبهم بابنها، والعناية به .
ولفتت الى أنه على الرغم من نجاحه في مرحلته الصف الأول الدراسي، إلا أنها طالبت الإدارة ليعيد تلك المرحلة الدراسية، لتمكينه من تعلم الأحرف والجمع والطرح .
و أوضحت أنه خلال تلك السنوات لجأت الى تعريفه بالعملات النقدية، و دعت معلمته الى أن يحتفظ باستمرار بممسحة اللوح والطباشير في بيته ويحضرها في اليوم التالي الى معلمته، بغرض تقوية رادع الأمانة والمسؤولية لديه .
وزادت أنها بعد أن عرفته بالعملات النقدية، كانت ترسله الى السوق لشراء كميات محددة من خضار، لافتة أنها كانت تراقبه مشيا بعد خروجه الى أن يصل الى السوق، خوفا من اعتداء متسكعين عليه وحماية له .
وقالت أن ابنها محمد حظي بمقابلة جلالة الملكة رانيا العبد الله خلال زيارتها لمدرسته أبو أيوب الأنصاري، بعد فوز مدرسته بمشروع "مدرستي أفضل" بالمنافسة مع مدارس العقبة .
وذكرت أنه بعد أن الحقته بمركز التدريب المهني تخصص، تفوق بحصوله على أعلى درجة من بين زملائه الذين يتمتعون بسلامة الإدراك .
وقالت أنه بعد أن اجتاز تلك المرحلة الدراسية، تمكنت من توظيفه في مديرية تربية العقبة كمراسل في عهد مديرها الدكتور جميل الشقيرات، بعد مقابلة لجنة مختصة، وبعد أن طرقت أبواب كثير من الشركات والمؤسسات لتوظيفه .
وعن الجوائز والتكريم فقد بينت بأنها حظيت بمنحة مشروع انتاجي من جلالة الملك عبد الله الثاني، مشيرة الى أن جلالته خصص لها قطعة أرض بغرض استثمارها، تقديرا لها في رفع مستوى ابنها ادراكيا في حالة تعد الفريدة من نوعها عربيا.
وأضافت بأنها حظيت أيضا بدرع "الأم المثالية" من جامعة الطفيلة، لاجتياز ابنها بحالته الفريدة من نوعها في الإدراك على مستوى الوطن العربي من بين أقرانه، وتكريم بوسام من جمعية العقبة الخيرية عام 2003م، بالاضافة الى جائزة العام الماضي من جمعية الياسمين المختصة بالمصابين بمتلازمة داون .
وثمنت أم أمجد قطيش جهود دعم ابنها خلال مسيرته التعليمية وهم مديرة مركز الثغر لرعاية ذوي الإعاقة سهى شحادة والمعلمة في المركز ميرفت الشيخ ذيب، والمعلمة في مدرسة التربية الاسلامية ناهدة أبو عودة، ومديرة مدرسة خالد بن الوليد اسماء ابو حامدة ومعلماتها فضلياتها، ومدير مركز التدريب المهني آنذاك المهندس عادل القطاطشة ومدير تربية العقبة الأسبق الدكتور جميل الشقيرات والحالي الدكتور خالد الذنيبات،مشيرة الى أن تفوقه ما كان لولا جهودهم بعد الله.
من جهته قال الطبيب العام في مديرية صحة العقبة أنس التميمي أن مرض متلازمة داون سببه اختلال جيني بزيادة كروموسومات المولود، تؤدي الى تغير جيني للمصاب .
وأضاف الطبيب التميمي أن هذه المرض تنقسم انواعه الى تضاعفية وانتقالية و الفسيفسائية مشيرا الى أن النوع الأخير مصاب به الشاب محمد قطيش .
وأوضح أن أبرز أعراض المصابين بهذا المرض، تتمثل بميول فتحة العين، واستقرار مياه في محجر العين الداخلي، وانخفاض مستوى الأذن و قصر الرقبة، والأنف بشكل مسطح، وتضخم اللسان وبروزه الى الخارج، وطية أحادية لليدين، وتباعد الأصبع الكبير للقدم مع باقي أصابع القدم الواحدة .
وفيما يتعلق باندماج المصاب بهذا المرض مع المجتمع فقد أكد الطبيب التميمي أنها تختلف بدرجة الإصابة بالمرض، مشيرا أن تنمية قدرات المصاب تبدأ بالتدريب وليست بالتعليم، كإرشاده بتعبئة مواد في أكياس ولبس ملابسه .//