سلوك النواب تحت القبة
جهينة نيوز -بلال العبويني
المشاجرات النيابية في أغلب برلمانات العالم المتقدم، تشكل ظاهرة صحية عندما يكون سببها خلاف في الرأي على قانون أو أي أمر آخر يدخل في صلب العملية التشريعية.
لذلك، هي غير مستهجنة ومن الممكن أن تطالعنا نشرات الأخبار بمشاجرة برلمانية في برلمان هذه الدولة أو تلك، ولعل الأمر لم يعد يدخل في باب الأخبار المثيرة إلا بمقدار ما تفرزه تلك المشاجرات من مشاهد قد تكون جديدة على المشاهد.
المهم في تلك المشاجرات أن لها سببا مرتبطا بقانون أو ما شابه، غير أن الأمر لدينا مختلف للأسف عندما تشاهد مشاجرة نيابية دون أن نتعرف على السبب الذي أدى إلى اندلاعها.
في كل البرلمانات لدينا تقريبا، ثمة مشاجرة تحدث مبكرا، ويعتقد الكثيرون أن غاية من يثيرها الشهرة أو لفت نظر النواب أو القواعد الانتخابية أو ربما لفت نظر أطراف في الحكومة، ومن الممكن أن تكون المشاجرة مع نهايات عمر المجلس ليترك النائب ذكرى له عند قواعده الانتخابية، كما ومن الممكن أن يستخدم مشاجراته في الدعاية الانتخابية باعتبارها منجزا عظيما.
في الواقع، يعلم الجميع الغايات التي يبتغيها النائب من افتعاله المشاجرات، والأمر لم يعد ينطلي على الناس، بل بات سببا للحكم على مجلس النواب عبر التعبير عن عدم الرضى عما يحدث فيه من سلوكيات مستهجنة في كثير من الأحيان.
هذا السلوك البرلماني، بالتأكيد لا ينتمي إلى سلوكيات برلمانات الدول المتحضرة، بل إنه يثير الاشمئزاز أحيانا عندما ترى ممثلي الشعب يتعاركون لأسباب تافهة أو غير مفهومة ولا ترتبط مطلقا بمصالح الناخبين أو حتى المصالح الكبرى للدولة.
لكن، هذا السلوك الذي اعتاد عليه نواب معدودون على أصابع اليد الواحدة، لا ينساق على غيرهم من النواب أو على المجلس كله، فثمة نواب يستحقون أن يجلسوا تحت القبة ممثلين عن ناخبيهم، وإن كانوا قلة، بما يمارسونه من دور نيابي رقابي وتشريعي يستحق الإشادة والثناء.
مثل هؤلاء النواب يطمح المواطنون أن يمثلوهم تحت القبة، وهذا ما هو مأمول من التعديلات المنتظرة على قانون الانتخاب التي يجب أن تساهم في تجويد مخرجات القانون بنواب قادرين على الرقابة والتشريع منطلقين في ذلك مما يستندون إليه من برامج تخدم الدولة، ودون الالتفات إلى المصالح الضيقة التي لا يمكن أن تنتج حالة سياسية برلمانية صحية.
إن نظرة سريعة إلى بعض مثيري المشاجرات تحت القبة، كفيلة بالحكم عليهم من ناحية عدم امتلاكهم البرامج أو الرؤى السياسية الوازنة، هذا من جانب، ومن آخر فإنها كفيلة للتعرف سريعا إلى الغاية التي يبغيها مفتعل المشاجرات من وراء ما يرتكبه من سلوكيات والتي للأسف غالبا ما تكون في التوقيت الخطأ.
لكن السؤال، هل ينهي قانون انتخاب جديد ظاهرة المشاجرات النيابية؟، الجواب بالتأكيد لا، فإذا كانت تلك المشاجرات ليست بدعة من برلمانات العالم المتحضر كما قلنا سابقا، فإنها بالتأكيد ستظل موجودة، غير أن الفارق أنها ربما ستكون لسبب معلوم ومرتبط بصلب العملية التشريعية وهدفها الصالح العام، لا المصالح الضيقة أو تصفية الحسابات أو البحث عن الشهرة.//