السماح بارتداء الحجاب خلال المباريات العالمية لملاكمة الهواة.. هذه البطلة الألمانية وراء القرار
احتفلت الملاكمة الألمانية زينة نصار، ذات الأصول اللبنانية، بتحقيقها انتصاراً تاريخياً، بموافقة الرابطة الدولية لملاكمة الهواة أخيراً على مطلبها وهو السماح بارتداء الحجاب خلال المباريات العالمية.
وقالت نصار على حسابها بموقع إنستغرام إنه: «فوز كبير بالنسبة لي، فوز كبير للنساء حول العالم».
وقال تلفزيون «إر بي بي» البرليني العام إن زينة (21 عاماً)، الفائزة في خريف العام الماضي 2018 ببطولة ألمانيا لوزن الريشة، مقاتلة ليس في الحلبة فحسب.
وغيرت الرابطة الدولية لملاكمة الهواة قواعد اللباس للنزالات النسائية، بعد تقديم الرابطة الألمانية طلباً في هذا الخصوص. واتخذ القرار في اجتماع لمجلس الإدارة في إسطنبول. وليس من الواضح حالياً موعد دخول ذلك قيد التنفيذ.
وذكر التلفزيون الألماني أن زينة بقيت متشبثة بمطلبها، وعملت مع مدربها كاي هوسته ومدير أعمالها بيتر تيم، لتغير الرابطة الدولية للملاكمة قواعد اللباس، واضعة هدفاً نصب عينها هو السماح للفتيات والنساء بالمشاركة في النزالات بمعزل عن الخلفيات الدينية والثقافية. وتلقت الدعم من الرابطة الألمانية لرياضة الملاكمة.
ونشرت زينة صورة لها اليوم الخميس على إنستغرام بالتعاون مع شركة “نايكي” الرياضية الأمريكية التي تقدم إعلانات لها: «لا تتغير لأجل القواعد (بل) غير القواعد».
أول ملاكمة محجبة في ألمانيا
وبات مسموحاً لزينة بارتداء الحجاب في المسابقات الألمانية منذ عام 2013، بعد موافقة الرابطة الألمانية للملاكمة، وتغييرها القواعد في كل أنحاء البلاد لأجلها، جراء سعي قامت به مدربتها، لذا هي أول امرأة في ألمانيا لعبت مباراة ملاكمة وهي ترتدي الحجاب.
ومن المسموح في الولايات المتحدة أيضاً خوض السيدات النزالات بالحجاب. لكن الأمر كان محظوراً عالمياً وهو ما تغير الآن.
وبات بإمكان المتسابقات المحجبات التنافس مستقبلاً على الألقاب أو الميداليات الأولمبية في الصالات الدولية، وهو الأمر الذي تمني زينة نفسها به قائلة في تعليقها على القرار: «النزال في أولمبياد طوكيو هو حلمي الكبير. بات ذلك الآن ممكناً».
وتضيف في تصريح لوكالة الأنباء الألمانية أن هدفها الكبير القادم هو تحقيق البطولات الألمانية في نهاية يوليو/تموز ومطلع آب/أغسطس القادم.
مرتبطة بموطن والديها لبنان.. لكن لا تتصور نفسها تعيش سوى في برلين
وتدرس زينة، التي ترعرعت في حي كريوتزبرغ البرليني، علوم التربية والاجتماع في جامعة بوتسدام، وتلعب دوراً كممثلة هاوية في مسرحية تدعى “مضايقة” على مسرح مكسيم غوركي في برلين، عن النسوية.
وتلعب الشابة المسلمة حالياً في نادي “برلينر تي إس سي” شرق العاصمة برلين.
وقالت زينة في مقابلة سابقة مع “دويتشه فيله” عندما تم سؤالها عن علاقتها باللغة العربية، إنها من مواليد برلين من أبوين لبنانيين،، ودرست ٧ سنوات في مدرسة عربية في العاصمة الألمانية، وكانت تتعلم العربية مدة ساعتين في الأسبوع.
وبينت أن عائلتها الكبيرة في لبنان فخورين بها، وأن الجميع يهنئونها بعد كل انتصار على أدائها، ويريدون صوراً لها، وعندما ترسل والدتها صورة لهم، فترى أن الجميع وضعوها كصورة شخصية على واتساب.
وذكرت صحيفة “تاغزشبيغل” الشهر الماضي أنه يتم تقدير عطاء زينة في لبنان أيضاً، التي تزورها مرة في العام للقاء أقاربها، إلا أن الشابة المرتبطة بشدة ببرلين تقول إنها لا تتصور أبداً أن تعيش في مدينة أخرى.
«البعض لا يفهمون أن بطلة ألمانيا ترتدي الحجاب»
تقول زينة إنها اكتشفت شغفها بالملاكمة عن طريق الصدفة خلال مشاهدتها مع زميلتها مقاطع فيديو لنزالات ملاكمة السيدات، فبحثت عن ناد للنساء وجربت الأمر وأعجبها ذلك، مبينة أن والديها صُدما عندما أخبرتهما بالأمر لأنهما اعتقدا أنها رياضة خطيرة، معتبرين الفكرة جنونية.
وأضافت أنها اصطحبتهما لاحقاً للتدريب وأول نزال لها فباتا متحمسين للأمر، خاصة عندما وجدا التقدم السريع الذي تحرزه، فباتا يقدمان لها الدعم وفخورين بها.
وحصلت زينة على لقب بطلة برلين 5 مرات. تقول إن فوزها ببطولة ألمانيا العام الماضي لم يناسب البعض، مشيرة إلى أن تلقيها نقداً سلبياً وإيجابياً على فوزها.
تقول لـ“تاغزشبيغل” مستغربة أن بعض الناس لا يفهمون إنها بطلة ألمانيا، وأنها كذلك وهي مرتدية الحجاب، الأمر الذي لا تتفهمه، لافتة إلى أنها ولدت في برلين وتحمل الجنسية الألمانية.
تعرضت لمضايقات عنصرية بسبب حجابها
وتحدثت زينة لـ“دويتشه فيله” عن تعرضها لمضايقات في الشارع من نساء ورجال غرباء، وسمعت منهم عبارات “ارحلي إلى بلدك/أنتم لا تنتمون للبلد”، فتستغرب قائلة: «ما الذي يتحدثون عنه أنا ولدت هنا وأعيش منذ 19 عاماً. أنا ألمانيا وأحمل الجنسية».
وأوضحت أنها تواجه أحكاماً مسبقة وكليشيات أيضاً، كشأن الزعم أن المحجبات غير متعلمات وأجبرن على ارتدائه، وليس لديهن أوقات فراغ، فتكافح ذلك لتثبت للناس عكس ذلك، بأنها متعلمة ولديها أوقات فراغ وقررت بنفسها وهي في عمر التاسعة أن ترتدي الحجاب.
وتشير إلى أنها تتجاهل عادة التعليقات ورسائل الكراهية التي تصلها على مواقع التواصل الاجتماعي، وحتى التمنيات بالموت التي تصلها، مستدركة بأن الرسائل الإيجابية تشكل الأغلبية، ما يقويها.
لا تريد اختزالها بالحجاب فحسب
وتؤكد في مقطع ترويجي لشركة “نايكي” نُشر في شهر يناير/كانون الثاني الماضي عنوانه “قاتل لأجل حلمك”، أنها لا ترغب في أن يتم اختزالها بالمظهر الخارجي، أي الحجاب، وأنه ليس من المهم لأي دين تنتمي وتمارس شعائره، بل ما يهم هو الرياضة.
وتضيف أنها لم تكن تعي سابقاً ما قامت به، في إشارة إلى تغيير قواعد لباس الملاكمات في ألمانيا، إلا أنها أصبحت في الأثناء تعرف بأنها باتت تلعب دور قدوة بالنسبة للكثيرين من الأطفال والبالغين.
وتؤكد أنها كانت تريد حقاً الملاكمة في عمر الـ 13 ولم تفكر البتة حينها إن كان سيُسمح لها بممارسة الرياضة بالحجاب أو لا، بل كان الأمر طبيعياً بالنسبة لها، كغيرها من الفتيات والفتيان، كان لديها حلم وأرادت تحقيقه، هذا كل ما في الأمر.
هل تنتقل لعالم ملاكمة المحترفات؟
وكان موقع “فيلت” قد ذكر في شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي أن زينة تفكر في التحول للعب على الصعيد الاحترافي. وأشارت زينة حينها إلى أن بطلة العالم السابقة ريجينا هالميش، التي تعرفها جيداً، نصحتها بذلك.
إلا أنها قالت إنها ستؤجل ذلك إلى ما بعد إنهائها دراستها الجامعية، حيث يتوافر لديها الوقت، لتتعامل مع الموضوع.
أما عن قدوتها في الملاكمة فتقول إنهما محمد علي ومايك تايسون.