مطعم كبار الدبلوماسيين متهم بالجاسوسية داخل أكثر مدن أوروبا ازدحاماً بالعملاء
على مدار 11 عاماً منذ افتتاح مطعمه بالقرب من بناية Berlaymont الكبيرة التي تضم مقرات المفوضية الأوروبية في بروكسل، يفتخر فيليب وينر بأن مطعم ومقهى Meet Meat Steak & Wine House هو المكان المفضل لموظفي الاتحاد الأوروبي الذين تُقدَّمُ إليهم أفضل وجبات الطعام.
حسب تقرير صحيفة The Guardian البريطانية يرتاد المطعم الدبلوماسيون والمسؤولون ذوو البدلات الرسمية المتأنقة، فيدخلون إلى غرفة الطعام المصممة بأسلوب يتبع المدرسة الفنية التبسيطية، وذلك من أجل تناول وجبتي الغداء والعشاء. إذ يُعرف عن دونالد توسك، رئيس المجلس الأوروبي، وفريقه استمتاعهم بما يقدمه المطعم من خيارات اللحوم، التي تقدم على أفضل وجه ناضجة أو مطهوة جيداً.
ولكن في يوم الثلاثاء، عندما كان يرشد ضيوفه إلى الطاولات، كان وينر (39 عاماً)، يدحض المزاعم التي تقول إن منشأته صارت مزاراً لنوع آخر، أكثر شؤماً، من المبعوثين الدبلوماسيين.
حذر الجناح الدبلوماسي الخارجي للاتحاد الأوروبي، وهي دائرة العمل الأوروبي الخارجي (EEAS)، موظفي السفارات في الأسبوع الماضي من وجود حوالي 250 جاسوساً صينياً و 200 جاسوس روسي يتجولون في الشوارع التي تصطف على جانبيها السفارات في العاصمة البلجيكية.
وأشار الخطاب إلى ضرورة تجنب الدبلوماسيين مطعم لحوم ومقهى شهيراً يقع بالقرب من مقرات المفوضية الأوروبية، حسبما جاء في تقرير نُشر في الصحيفة الألمانية Die Welt.
عند زيارته خلال وقت الغداء المزدحم، قال وينر مندهشاً: «أنا مطعم اللحوم الوحيد هنا، لا بد وأنني المقصود. ليس منطقياً، ولكن حسناً، سوف أتحدث إليك لخمس دقائق. ثم سأضطر إلى مهاتفة بوتين».
من شبه المؤكد أن بروكسل محط أنظار وكالات وهيئات الاستخبارات العالمية. إذ إنها تستضيف مؤسسات الاتحاد الأوروبي وكذلك مقرات منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وهو تحالف عسكري غربي.
عام 2003، عُثر على أجهزة تنصت مخبأة في أكشاك المترجمين الفوريين داخل بناية Justus Lipsius التابعة للمجلس الأوروبي، وعام 2014 وضع البرلمان الأوروبي حراس أمن خارج أكثر اجتماعاته حساسية؛ نظراً إلى أن العملاء الروس كان يُعتقد تسللهم للاستماع إلى هذه المناقشات.
وخلال محادثات البريكست التي عُقدت الصيف الماضي، أشارت سابين واياند، نائبة كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبى، إلى أن جهاز الاستخبارات البريطاني قد لا يحمل نوايا حسنة. وقال رئيس جهاز الاستخبارات المحلي في النمسا في يونيو/حزيران إن «بروكسل تجاوزت فيينا» فيما يتعلق بالعدد الكبير من العملاء القادمين «مما يطلق عليها أجهزة الاستخبارات من خارج الاتحاد الأوروبي».
أوضح وينر أنه لم يشك في أن عملاءه لديهم كثير من الأسرار، وأن هناك عملاء سريين في الشوارع. وقال: «لقد لعبت الغولف مرتين مع السفير الأمريكي، الذي كان صديقاً لبوش، وكان لديهم 650 موظفاً في السفارة، ولم يكن جميعهم يعملون في شؤون جوازات السفر».
وأضاف: «لدينا هنا موظفون من المفوضية كل يوم، ودونالد توسك يأتي مرتين أو ثلاث مرات مع فريقه. لكن الناس لا يأتون هنا للعمل. هل ترى هذا الشخص الذي يرتدي قميصاً أبيض هناك؟ إنه يأتي هنا كل يوم. ولا يمارس عمله. ليس في وجود كأسين من النبيذ».
أشار وينر إلى دفتر الحجوزات المكتوب بخط اليد، وقال: «لدي جميع عناوين البريد الإلكتروني، وجميعها عناوين بريد إلكتروني أوروبية [من مؤسسات الاتحاد الأوروبي] ليست عناوين على موقع هوتميل أو جوجل. لم يسبق لي أن رأيت حاسوباً محمولاً هنا. هل ترى أي شخص هنا يحمل أقلاماً؟ لا أعتقد ذلك. إنه من المستحيل وحسب».
وأضاف: «يمكنك التفحص أسفل الطاولات ولن ترى ميكروفونات، ربما ستجد علكة».
وقال وينر إن مطعمه يمتلئ بضباط الأمن قبل زيارات الشخصيات المهمة. وأوضح: «لكن ذلك ليس من أجل أجهزة التنصت، بل أكثرها من أجل المتفجرات».
وأردف قائلاً: «هؤلاء الأشخاص ليسوا أغبياء. كي تعمل في المفوضية الأوروبية عليك أن تكون ذكياً جداً، وأن تحمل دبلومات وكل هذه الأشياء. الأشخاص لا يسربون الأسرار. وإنه ليس مطعماً صاخباً على أي حال، فلن تسمع أي شيء يُقال من الطاولة المجاورة».
وكان مصدر دبلوماسي تابع للاتحاد الأوروبي ومرتبط بإحدى السفارات قد أكد أن مذكرةً أُرسلت إلى الدبلوماسيين حول تهديدات الجاسوسية.
وقال متحدث باسم دائرة العمل الأوروبي الخارجي: «لا تعلق دائرة العمل الأوروبي الخارجي على موضوعات ذات صلة بالمعلومات المسربة. إذ إن دائرة العمل الأوروبي الخارجي، بجانب مؤسسات الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء، تقيم باستمرار التهديدات التي تتعرض لأمنها، بما في ذلك أمن المعلومات».
وأضاف: «دائرة العمل الأوروبي الخارجي لديها تدابير تعمل بها لضمان حماية معلوماتها. وهذه التدابير لا تخضع للنقاشات العامة».