أسس دعم الخبز.. فن صناعة الأزمات
جهينة نيوز -أسس جديدة لصرف دعم الخبز للمواطنين، أمام مجلس الوزراء خلال الأسبوع الحالي، في وقت يئن فيه قطاع المخابز من تراجع المبيعات بنسب تتراوح بين 30-50 % وفق ما صرح نقيب أصحاب المخابز عبدالاله الحموي منذ القرار الحكومي برفع أسعار الخبز بداية العام الماضي، على وقع تراجع القدرة الشرائية لدى المواطنين.
400 مخبز مهدد بالإغلاق من أًصل 2200 مخبز في المملكة، وهو مؤشر يجب ان تضعه الحكومة نصب أعينها اذا كان هناك ضرورة لمناقشة أسسها الجديدة لصرف دعم الخبز، فالأصل ان ينظر لهذا الملف بجميع جوانبه، المواطن أولا، ثم أصحاب المخابز، انطلاقا من قاعدة الأمن الغذائي في المجتمع الأردني الذي تشكل فيه مادة الخبز قوام المائدة لدى الأسر.
واضح تماما أن اللغة التي تتحدث بها الحكومة حول اعادة النظر بأسس صرف دعم الخبز للمواطنين، تتجه نحو التخفيف من الشرائح التي شملها الدعم العام الماضي، علما بأن المطلوب والمفروض أن تتوسع الحكومة بضم شرائح جديدة من المواطنين بهذه الدعم، فأصل الدعم ان يوجه للأردنيين جميعا وأن يكون استبعاد شرائح معينة في حدودها الدنيا هو الاستثناء، خاصة بعد التجربة المريرة للمواطن وأصحاب المخابز العام الماضي.
قد لا ينعكس تقليص الشرائح المستفيدة من دعم الخبز عبر شروط غريبة من قبيل امتلاك الأسرة عقارات أو سيارات أو غيرها، على تراجع حجم مبيعات المخابز العام الحالي، لكنه بالضرورة لن يساهم بتاتا في تنشيط قطاع مهم مهمته الأساسية حفظ الأمن الغذائي في المجتمع، وسيبقى هذه القطاع يعاني، وسيكون على الحكومة تحمل كلف اضافية في حال خروج أكثر من 20 % من المخابز من القرى والمخيمات والمدن من السوق، ذلك أنها المسؤول الأول عن المواطن وأمنه الغذائي.
أضحت الحكومة حاليا تستخدم مصطلح «تثبيت» أسعار الخبز العام الحالي، وهي ترى أمام أعينها، ما أحدثه قرار رفع الدعم عن هذه السلعة المهمة، فهل كان متوقعا مثلا ان ترفع أسعار الخبز من جديد، وهل «التثبيت» هو انجاز يسجل للحكومة، كما يسجل لها «تثبيت» سعر جرة الغاز شهريا، باعتباره انجازا عظيما.
يجب ان تفهم الحكومة ان الخبز يختلف عن الغاز والكاز والسيارات والملابس وعن أي شيء آخر، وهو أمر يمس الأمن الغذائي ولا يجوز فتح ملفه بين الحين والآخر، فيكفي ما فعلته حكومة الدكتور هاني الملقي المقالة، وليس على أي حكومة أخرى العبث بلقمة الناس البسطاء، وبشروط منح الدعم المقدم لهم.
نحن الآن أبعد ما نكون عن حاجتنا لصناعة أزمات حكومية مع المجتمع، والخبز هو مصدر الأزمات، لذلك فإن على الحكومة عدم استخدام مفردة «الخبز» بتاتا في سياساتها الاقتصادية، وعليها أن تتجه الى تحسين الاقتصاد والاستثمار وتوفير فرص العمل وتحسين مستوى معيشة المواطن بدلا من الركون لمعالجات قاصرة لا توفر حلولا، بل على العكس فإنها تصنع أزمات لا تحتاجها الدولة.
اذا أرادت الحكومة ان تصحح مسارها في هذا الملف «الأمن الغذائي»، عليها ان تكتفي بالدعم الذي قدمته لقطاع المخابز مؤخرا لتعزيز صموده، وأن تستمر في دعمها المقر سابقا للمواطنين واذا كان بالإمكان رفع قيمة الدعم أو ضم شرائح جديدة فهو أفضل، بدلا من الحديث عن «تثبيت أسعار الخبز» و»اعادة النظر بأسس صرف الدعم» و»تغطية الحكومة لفروق ارتفاع أسعار القمح عالميا»، فلسنا بحاجة لصناعة أزمات لا يستفيد منها أحد ولن تسد ولو ثغرة بسيطة في عجز الموازنة.