البلطجة بأثر رجعي: في مسألة قنديل
جهينة نيوز -بين عامي 1992- 1996 كان يونس قنديل طالباً في جامعة اليرموك في تخصص اللغة الفرنسية والألمانية، ومنتسباً بجماعة الإخوان المسلمين، ورتبته وصلت إلى مستوى «فرد»، أي أنه كان فرداً ناشطاً في صفوف التيار وحسب، ولم يترق في سلم الحزب، ثم رحل إلى المانيا متمّماً دراسته العليا هناك.
ومعنى هذا أن للرجل خلفية فكرية محترمة وثقافة كبيرة ودارس في جامعات غربية، لكنه للأسف أضاع نفسه بفعلته الأخيرة، وآخرين لم يخرجوا من التيار الإسلامي وكانت لهم مع الأردن وقفات غير إيجابية برغم ابتعاثهم ودراستهم وتعينهم في مؤسسات البلد وهناك من افتى بحلول الدماء والجاهلية، وهناك تطرف ضد البلد من مسؤولين احيانا يسيئون لبلدهم بعد الموقع، أو في الموقع فيفسدون في المال والسلطة. المقصود هنا، أن اساءة قنديل ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، لكنها في التدبير والتصرف تعتبر فريدة وساقطة كراوية وفعل.
لكن الانصاف يقتضي القول: ليس فكر الإخوان ونديتهم اللذان أطاحا بقنديل، وكان يفترض أن تأهيل الرجل فكرياً يجب أن ينعكس على خطابه، لكن ما الذي جعله يفعل ما فعل؟ خاصة وأنه أوهمنا جميعا بأنه ضحية مشروع تصفية جسدية وفكر متشدد.
أعاد يونس الشارع الأردني إلى لحظة اغتيال الكاتب الصحفي الشهيد نهاض حتر، مع فارق الشخصيتين، تجيّش الناس ضد الكراهيات وخطابها، نهضت المنابر للدفاع عن قنديل والحريات، وأطل هو على الإعلام ليتحدث عن المنابر والإسلام السياسي. فكان ذلك أول الشكوك به وبقصته.
قُيد الفعل في بداياته من وجه نظر الشعب بمجهول مغلق الفكر، وكانت الأجهزة الأمنية على يقظة ودراية، والأهم تقرير الطب الشرعي الاحترافي، هنا علينا أن نثق بمؤسساتنا، وان نسمع القصة بكاملها، مع اعترافنا بأننا وقعنا تحت التضليل وقواه.
قلنا في هذه الزاوية أن ما حدث مع قنديل بلطجة، واليوم نقول أن من يقوض أمن بلده ومن يكذب، هو في فعل أكبر من البلطجة، ذلك أن البلطجية عادة ما يكونوا غير متعلمين أو متعهدي عصابات، أما في حالة قنديل فالغرابة أن تجتمع الثقافة العالية والتعليم النوعي مع ما فعل الرجل، وهو يصدق عليه قول الخالق عز وجل» إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ «.
فما حدث مع قنديل هو ذنب مكتسب، فعله بنفسه، وللأسف أنه جعل البعض يتهم الآخرين بأنهم يقفون وراء فعلته بنفسه. والمهم اليوم ان الفكر المعتدل والإسلامي السمح هو الذي يجب أن ينتصر، وأن يبقى، وأن تبقى الإدانة لكل أوجه التطرف، التي لا تصدر عن الخلفيات الإسلامية المتشددة وحسب، بل إنّ هناك تطرفات تصدر عن التيارات العلمانية والتحررية أيضاً.
كان الداعية د. بسام العموش في زمن ظهور قضية قنديل يظهر على شاشة محلية ويتحدث ضمناً عن د.يونس قنديل، وهنا في هذه الزاوية أخذ كاتب المقال على الدكتور العموش ما ذهب إليه، مع نقدنا لفكر قنديل ومؤسسته، ولكن هنا يجب الاعتذار للصديق الأخ د. بسام العموش الذي عاتبني على ما ذهبت إليه.
زاوية اعتذارية أخرى للمحامي صالح العرموطي، الذي وقف ضد من دافع عن د. يونس قنديل في البرلمان وفهمنا لكملة «لازم يقول» انها «لازم يموت»، لكن بعد التحقق ثبت أن د. العرموطي لم يسقط في زلة لسان، وأنه قال كلاما آخر غير الذي فهم، فحق الرجال أن نعتذر لهم إذا اخطأنا فهمهم او مقاصدهم.
الدستور