banner
كتّاب جهينة
banner

الأحزاب كما يُريدها الملك

جهينة نيوز -

الأحزاب كما يُريدها الملك

بلال العبويني

في اللقاء الذي جمعنا مجموعة من الكتاب الصحافيين ومدراء أخبار فضائيات أردنية مع جلالة الملك عشية عيد الأضحى الماضي تركزت مداخلتي على محورين أحدهما تعلق بالأحزاب وتطوير الحياة الحزبية وبالتالي السياسية في البلاد.

قلت في حضرة جلالته لدينا ما يزيد على خمسين حزبا ولو سألتنا نحن المراقبين عن أسمائها لما عدد أكثرنا متابعة أسماء ستة أو سبعة منها، وبالتالي لا أحد يلمس أية قيمة مضافة لهذه الأحزاب أو أي تأثير في المشهد السياسي العام.

كرر الملك، ما قاله مرارا أن رؤيته تتمثل في عدد محدود من الأحزاب تمثل مختلف التيارات الموجودة على الساحة الأردنية، وهذا ما كرره يوم أمس الأول في لقائه مع رؤساء تحرير الصحف وكتاب صحفيين وإعلاميات.

في الواقع رؤية الملك دقيقة تماما، ذلك أن المجتمع الأردني على الأخص ليس على علاقة توافقية، إلى حد كبير، مع الأحزاب، فكل التجارب الحزبية على امتداد تاريخ الدولة الأردنية التي يقترب عمرها من المائة عام لم تؤشر إلى تجربة حزبية واحدة اتخذت بعدا جماهيريا واسعا وكانت مؤثرة بشكل حقيقي في المشهد السياسي المحلي.

قد يحتج البعض على ذلك في تأشيره إلى تجربة الإخوان المسلمين ولاحقا إلى حزبها جبهة العمل الإسلامي، وهو محق بعض الشيء في ذلك، غير أن الإخوان المسلمين لم يكونوا حزبا سياسيا قبل العام 1993، بل كانوا يمارسون السياسة عبر جمعية دعوية في أصلها.

ورغم ذك، فإنهم بعد تأسيس حزب الجبهة استطاعوا أن يكونوا حزبا سياسيا له بعد جماهيري، لكن غيره من الأحزاب لم يستطع أن يجاريه في ذلك ولم يستطع أن يثبت قدما على الساحة السياسية المحلية.

في ذلك، يلقي الحزبيون اللوم على الدولة وتضييق أجهزتها على الأحزاب وأنها دعمت في مراحل معينة أحزابا وحاربت أخرى، وهذا صحيح أيضا في بعض جوانبه، لكنه ليس صحيحا بالمطلق إذ إن اللوم الأكبر يقع في ضعف الثقة بالأحزاب على الأحزاب ذاتها وذلك لعدة أسباب منها.

أولا: لم تستطع الأحزاب أن تجترح برامج حزبية تنال ثقة الناس، ولم تستطع التفاعل مع الأحداث السياسية على الساحة المحلية بما يعكس طموحات وآمال وهموم المواطنين بشكل جدي وعلمي مدروس.

ثانيا: لم تستطع الأحزاب أن تؤسس لديمومتها عبر تجديد كوادرها وقيادتها، فأغلب الأحزاب القائمة منذ عودة الحياة الديمقراطية إلى البلاد لم يطرأ عليها أي تغيير على صعيد منصب الأمين العام أو المكتب السياسي إلا في حالة وفاة أي منهم فقط.

ثالثا: لم تستطع الأحزاب أن تكون أحزابا محلية خالصة، بل إن بعضها ظل امتدادا لأحزاب خارجية ومن أولئك جبهة العمل الإسلامي وإن ادعى مدنيته في تنظيم أعضاء مسيحيين إلا أنه ظل أسيرا للتنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين.

رابعا: حتى الأحزاب التي سُميت بـ "الوطنية"، هي في الحقيقة حزب واحد بأهداف واحدة وبرامج واحدة لكن بمسميات مختلفة، وهذه لم تستطع أن تسجل الحضور اللازم ولم تستطع إقناع الناس بطروحاتها فظلت أحزابا دون أثر أو تأثير.

لذلك، ورغم ما لدينا من حالة ضعف ووهن كبير تعاني منه الأحزاب إلا أنها ما زالت تفرخ أحزابا جديدة ولو ظل الوضع على ما هو عليه سنكون في بضع سنوات أمام أكثر من مائة حزب.

في اللقاء الذي جمعنا بجلالة الملك، قلت إن دعم الأحزاب دفع باتجاه فتح أبواب استرزاق جديدة للبعض بتأسيس الأحزاب.

فرد جلالته أن لدى الحكومة تصورا في المرحلة المقبلة تجاه الأحزاب، لذلكخصصت جزءا من مداخلتي أمام رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز في اللقاء الذي جمع كتابا ورؤساء تحرير صحف لمناقشة قانون ضريبة الدخل، عن الهدر الحكومي في دعم الأحزاب فقال إن قانون الأحزاب سيكون مطروحا للنقاش في المرحلة المقبلة.

رؤية الملك في عدد محدود من الأحزاب دقيقة تماما لتطوير الحياة الحزبية والسياسية في البلاد، لذلك أتمنى أن يتحقق ذلك بقانون يشجع الأحزاب على الاندماج وعلى أساسه يكون الدعم لمن كان قادرا على حشد الجماهير حوله ومن كان قادرا على فتح مقرات في المحافظات ومن كان قادرا على تنظيم فعاليات ونشاطات مختلفة، ومن كان قادرا أخيرا على إيصال أعضاء منه إلى المجالس المنتخبة.//

 

 

تابعو جهينة نيوز على google news
 
Email : info [at] johinanews.com
 
تصميم و تطوير