منافع قرار ترامب
جهينة نيوز -بلال العبويني
رب ضارة نافعة، هذا القول ينسجم تماما مع ما نحن بصدده من قضية إعلان ترامب القدس عاصمة لإسرائيل، ويكمن النفع في عدة أمور.
أولها، إظهار مدى الحيز الذي تشغله القدس والقضية الفلسطينية في قائمة اهتمام عدد من الدول على وجه التحديد في المنطقة.
وثانيها، في إعادة الضوء إلى الملف الفلسطيني الذي خفت كثيرا خلال السنوات السبع الماضية.
وثالثها، في عزل إدارة ترامب عن العالم فيما تعلق بالقدس، وأن ما تفكر فيه من حلول للقضية الفلسطينية ليس أكثر من تصفية.
رابعها، وهو الأهم ويكمن في الموقف الأردني الصلب والذي بدا واضحا التناغم الرسمي والشعبي على ذات الموقف الذي عبرت عنه المسيرات الشعبية والتصريحات الرسمية، بالإضافة إلى الحراك الدبلوماسي الأردني النشط خلال الأيام الماضية والذي أسفر عن رفض 14 دولة في مجلس الأمن لقرار ترامب بنقل السفارة من تل أبيب إلى القدس المحتلة.
في النقطة الأولى، أظهر إعلان ترامب أن الحيز الذي تشغله القضية الفلسطينية والقدس تحديدا متدن جدا في قائمة اهتماماتها، ويمكن ملاحظة ذلك بوضوح من مدى تفاعل مسؤولي تلك الدول مع الحدث ونوعية تصريحاتهم التي لم ترتق إلى مستوى التحدي.
أما في الثانية، فإن إعلان ترامب أعاد تصعيد الملف الفلسطيني إلى موقعه الطبيعي في الواجهة، وهو الأصل إذ أن كل ما تعانيه دول المنطقة من تحديات يعتبر تفصيلا أمام قضية فلسطين المركزية والتي يجب أن تبقى كذلك.
أما الثالثة، فإن الإشادة التي حظي بها الأردن فيما تعلق برعايته لملف القدس في مجلس الأمن ورفض 14 دولة لقرار ترامب، وهي الدول التي تعتبر من أوثق حلفاء الولايات المتحدة مثل بريطانيا وفرنسا وألمانيا والسويد وغيرها، يعتبر نصرا للدبلوماسية الأردنية التي نجحت في تشكيل رأي عالمي معارض لخطوة ترامب، هذا من جانب ومن جانب آخر فإنه يعطي كل دولة حجمها، وتحديدا دول المنطقة، فيما يتعلق بالحيز الذي تشكله القدس في أجندتها السياسية.
أما الرابعة، لقد أظهر الأردن، بالحراك الشعبي والرسمي والدبلوماسي، أن القدس قضية أردنية داخلية بامتياز، وأنها لن تقبل بأية مشاريع لتصفية القضية الفلسطينية وأنها جاهزة للوقوف في وجه الإدارة الأمريكية إذا ما تعلق الأمر بالقدس والقضية الفلسطينية.
الأردن، لا شك أنه سيتعرض لضغوط خلال الفترة المقبلة، وقد تكون تلك الضغوط تضغط على عصب المساعدات التي يتلقاها من الولايات المتحدة ودول أخرى في المنطقة تماهت مع إعلان ترامب ولم تبد الحدية المناسبة لقراره، وهذا ما يدركه صانع القرار الذي ذهب بعيدا في الدفاع عن القدس وعن خياره في أن لا حل للقضية الفلسطينية إلا بحل الدولتين.
المطلوب اليوم، أن نستمر على ذات الموقف وأن يستمر الضغط بكل الوسائل سياسية ودبلوماسية وشعبية، للإبقاء على الوضع الراهن في القدس والدفع باتجاه تحقيق اتفاق سلام عادل وشامل ومنع أية مشاريع من شأنها تصفية القضية الفلسطينية من مثل ما يقال عن صفقة القرن.
تنويع الخيارات في بناء حلفاء جدد، يبقى أمرا لازما، وقد أكد على ذلك موقف بعض الدول الحليفة المتدني من ملف القدس، وموقف بعض الدول غير الحليفة والمتقدم في رفض قرار ترامب.
الأردن، أثبت أنه قادر على التحرك وحيدا وخلق رأي عام عالمي، وبالتالي فإن الخروج من الدائرة الضيقة إلى دائرة أوسع من شأنه أن يضعنا في موقعنا الذي نستحق.//