قراءة في دبلوماسية السفير الأمريكي
بقلم : الدكتوره لانا العطيات الفايز
منذ استلام السفير الأمريكي منصبه الدبلوماسي لدى الأردن برز بوصفه نموذجا نشطا لما يعرف بالدبلوماسية العامه وهي التي تتعدى النشاطات والتحركات الرسمية والبيانات السياسية بل امتدّت إلى التواجد الاجتماعي والنشاطات والأحداث الاجتماعيه ومشاركة العشائر الأردنية مناسباتهم والزيارات الميدانية
وقد ظهرت الدبلوماسية العامه للسفير الأمريكي من خلال المشاركة في فعاليات شبابية وثقافية إلى لقاءات وزيارات لبعض الوزارات والمؤسسات الأردنية
هنا يبدو من الواضح ان هنالك توجها امريكياً يعكس النية الامريكيه إلى ضرورة تجاوز القنوات الدبلوماسية التقليدية المتعارف عليها وذلك لضرورة بناء صورة اقرب وأكثر دفئ إلى الناس خاصة في ظل الظروف السياسية الراهنه في المنطقه
وإذا ماحللنا سلوك السفير الدبلوماسي في هذا الإطار فهي جزء من استراتيجية القوة الناعمه في استخدام الثقافه والحضور الاجتماعي والتواصل الإنساني وفتح قنوات غير رسمية مع المجتمع الأردني والتي تهدف إلى تقليل الفجوة النفسية بين الدولة المتمثلة بالسفير والمجتمع المضيف
وعلى الرغم من ذلك إلا ان سياسة الانفتاح هذه تواجه من البعض شئ من الاستغراب واحيانا التشكيك مما أثار تساؤلات في بعض الأوساط حول نشاطاته الاجتماعية
وهو موقف لايرتبط بشخص السفير بقدر مايرتبط بالحاجز النفسي من السياسة الأمريكية في المنطقه وبالتحديد الموقف من القضية الفلسطينيةوغزة بمعنى آخر هنالك تناقض جوهري يكمن بين دبلوماسية اجتماعية نشطة تقابلها ذاكرة سياسية مثقلة بعدم الثقه على الصعيد الاجتماعي
اعتقد ان قراءة دبلوماسية السفير الأمريكي يجب ان تكون قراءة واقعية بعيدة عن الانفعال فهي دبلوماسية نشطة ذكية في أدواتها لكنها تعمل في بيئة سياسية حساسة وفي ظروف واحداث في المنطقة اكثر حساسيه في توقيتها حيث قضايا كبرى إنسانية محفورة في الذاكره الاجتماعية الاردنيه أبرزها العدالة وحقوق الشعوب وهي عوامل حاسمة في تشكيل الوعي والرأي العام
وإذا مانظرنا إلى ملامح الدبلوماسية الأمريكية في الحالة الأردنية فقد انتقلت من دبلوماسية النخب إلى بلوماسية الجمهور حيث يصبح المجتمع المحلي هدفا مباشرًا للرسالة الدبلوماسية وذلك لتقليص الفجوة
ولكي نكون اكثر دقة فإن الهدف الأساسي لايتمثل في تغيير المواقف الشعبية الراسخة بل إلى منع القطيعة الكاملة مع الرأي العام وتخفيف حدة الفجوة مع الحفاظ على قنوات تواصل غير رسمية وهي أهداف يمكن اعتباراها واقعية لكنها تبقى محدودة الأثر مالم تقترن بتغيير ملموس في السياسات الكبرى بمعنى آخر على امريكا ان تعي ان التركيز على النشاطات الاجتماعية والثقافية والرمزية لاتكفي لإعادة الثقة الاجتماعية مالم يتم ربط الخطاب الدبلوماسي والاجتماعي بمواقف سياسية واضحة ومفهومه للرأي العام ففي علم الدبلوماسية فأن الشفافية السياسية شرطا أساسياً لنجاح الدبلوماسية العامة وليس بديلا عنها فالرأي العام لايفصل بين السفير والسياسة التي يمثلها
وبرغم ذلك فان المجتمع الأردني يتميز بالنضج السياسي والاجتماعي حيث تحكمة الاطر الأخلاقية والاجتماعية ويبرز ذلك من مدى الاحترام الاجتماعي في كافة اللقاءات مع السفير الأمريكي والدفئ المتبادل عدا عن شخص السفير الذي امتاز أسلوبه بالحضور المنفتح والتزامه بالثقافة المحلية واحترامة للأعراف والتقاليد الاردنيه وبمهارات التواصل الذكيه مما حضي بمحبة واحترام شريحة واسعة من أفراد المجتمع الأردني مما يشير إلى ادراك الأردنيون للفصل بين السلوك الدبلوماسي الفردي والسياسات التي يمثلها
وتبقى المعادلة الدقيقة هنا والتي يمكن اختصارها بما يلي قبول اجتماعي نسبي يقابله تحفظ سياسي واسع حيث يؤكد ان جوهر الإشكالية لايكمن في أدوات الدبلوماسية بل في مضمون السياسات الأمريكية ذاتها









