الخدمات العامة: الجهود الرسمية لمعالجة هروب عاملات المنازل ضرورية ولكنّ تنظيم القطاع هو الحل الأمثل
أبو مرجوب يدعو لاطلاق حوار اجتماعي للتوصل الى عقد جماعي في قطاع العمالة المنزلية
ثمّنت النقابة العامة للعاملين في الخدمات العامة والمهن الحرة والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، الجهود التي تبذلها وزارة العمل بالتعاون مع وزارة الداخلية ومديرية الأمن العام، لضبط العمالة المنزلية الهاربة والمخالفة، مؤكدةً أن هذه الجهود تعكس حرص الحكومة على معالجة الاختلالات المتراكمة في هذا القطاع الحساس.
وأوضحت النقابة، في ورقة موقف اصدرتها اليوم، أن المعطيات التي أعلنتها وزارة العمل، والتي تشير إلى تسجيل نحو 6 آلاف عاملة منزل هاربة منذ عام 2019، تُعد مؤشرا واضحا على عمق الأزمة، وتؤكد أن ظاهرة الهروب ليست مسألة فردية أو عارضة، بل نتيجة مباشرة لاختلالات تنظيمية وتشريعية ورقابية، ما زال القطاع يعاني منها.
وأضافت الورقة، أن النهج القائم على الضبط والتفتيش، رغم أهميته وضرورته، لا يمكن أن يكون حلا كافيا أو مستداما، ما لم يترافق مع تنظيم حقيقي وشامل لقطاع العمالة المنزلية، يضمن حقوق جميع الأطراف، ويُغلق الباب أمام التشوهات والممارسات غير القانونية التي تغذي ظاهرة الهروب.
وأشارت إلى أن، النقابة ترى أن غياب عقد عمل موحد وملزم بصيغة واحدة، وتعدد صيغ العقود المعمول بها حاليا، أسهم في إضعاف العلاقة التعاقدية، وفتح المجال أمام التفسيرات المتباينة، سواء من قبل أصحاب المنازل أو مكاتب الاستقدام أو العاملات أنفسهن، الأمر الذي انعكس سلبا على الاستقرار الوظيفي والحقوق العمالية.
وأكدت النقابة، أن الانتهاكات المرتبطة بالأجور، وساعات العمل، وأيام الراحة، وغياب بيئة العمل الآمنة واللائقة، تُعد من الأسباب الجوهرية لهروب عاملات المنازل، إلى جانب الاستغلال الذي تمارسه بعض مكاتب الاستقدام غير المرخصة، أو شركات تعمل خارج الإطار القانوني تحت مسميات الخدمات والتنظيف أو بنظام المياومة.
وشددت الورقة على أن، المواطن الأردني بات الطرف الأكثر تضررا في ظل الواقع الحالي، إذ يتحمل كلف استقدام مرتفعة، ثم يواجه تبعات هروب العاملة دون وجود آليات عادلة وسريعة لتعويضه أو حماية حقوقه، وهو ما يستدعي تدخلا تشريعيا وتنظيميا أكثر فاعلية.
من جانبه، دعا رئيس النقابة خالد أبو مرجوب، إلى إطلاق حوار اجتماعي جاد يضم وزارة العمل، والنقابات العمالية، ونقابة أصحاب مكاتب الاستقدام، ومنظمات المجتمع المدني، بهدف التوصل إلى عقد عمل جماعي على مستوى القطاع، يُنظم العلاقة التعاقدية، ويحمي حقوق العاملات، ويصون حقوق أصحاب المنازل، ويعالج ظاهرة هروب العاملات بشكل جذري.
وبيّن أبو مرجوب، أن النقابة، بصفتها المظلة القانونية التي تمثل العاملين في القطاع والذي يقترب عددهم من 60 ألف عامل وعاملة، غالبيتهم من النساء العاملات الوافدات، تؤكد أن قانون العمل الأردني لا يميّز بين عامل محلي وآخر وافد، وأن التنظيم النقابي، والمفاوضة الجماعية، وتكامل الأدوار بين الجهات الرسمية والاجتماعية، هي السبيل الأنجع لبناء قطاع منظم، عادل، وآمن للجميع.
وأوضح أبو مرجوب، أن النقابات العمالية تلعب دورا محوريا في تمثيل العاملات المنزليات والدفاع عن حقوقهن، رغم التحديات التي يفرضها الطابع غير المنظّم لهذا القطاع، الأمر الذي جرى التطرق إليه خلال مشاركة النقابة، في أعمال مؤتمر العمل الوطني، "نحو أجندة عادلة وشاملة للمرأة في الأردن" الذي نظمه الاتحاد العام لنقابات عمال الأردن، بالتعاون مع منظمة العمل الدولية، خلال جلسة ناقست آليات النهوض باقتصاد الرعاية، استنادا إلى اتفاقيات منظمة العمل الدولية ذات العلاقة.
وتابع أبو مرجوب، أن النقابات توفر منصة آمنة للعاملات لعرض قضاياهن، إلى جانب تقديم الدعم القانوني والاجتماعي لهن، ورفع مستوى الوعي بحقوقهن وفق التشريعات الوطنية وبما يتوافق مع اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 189 لعام 2011 الخاصة بالعمال المنزليين.
وشدد أبو مرجوب، على أن تعزيز حقوق العاملات في قطاع الرعاية يبدأ بالاعتراف بهذا القطاع كجزء أساسي من منظومة العمل اللائق واقتصاد الرعاية، وتطوير سياسات حماية اجتماعية تكفل الضمان الاجتماعي والرعاية الصحية وإجراءات السلامة المهنية.










