banner
مقالات مختارة
banner

اليسار التقدمي الديمقراطي الاردني ماذا ينتظر … مهدي منتظر ينقذه قبل أن يحتضر؟

{clean_title}
جهينة نيوز -

د. محمد العزة

كتبتُ، في محطات سابقة ولاحقة، مقالاتٍ عديدة تناولت الشأن الحزبي الأردني عموماً، والتيار اليساري الديمقراطي تحديداً، ذلك التيار البرتقالي الذي اختار لنفسه موقعاً وسطياً داخل خريطة اليسار، بعدما غادر بعض رفاقه أطراف المشهد؛ يخلعون أوتاد خيامهم، ويقيمون جذوع نخلهم في مساحة تمتد من وسط اليسار إلى خطوط التماس مع يسار الوسط.

قرار ولادة هذا التيار جاء حصيلة تفكير عميق وسجال فكري طويل في ممرات الحوار، بحثاً عن أدوات جديدة تعيد لهذا الجناح سيرته الأولى. سيرة ارتبطت بتجذير قيم الرفاه الإنساني: الصحة، التعليم، النقل العام، فرص العمل، وحماية كرامة الإنسان ورغيف عيشه.

لقد كان اليسار، تاريخياً، الأقرب إلى الطبقات الشعبية: في الشارع والأسواق، في المصانع والنقابات والاتحادات العمالية، وفي الحارات والتجمعات متوسطة الدخل أو الفقيرة. ومن هذه القربى اكتسب رمزيته الأممية ومكانته الفكرية. وفي الأردن لعب هذا الجناح أدواراً مؤثرة منذ عهد الإمارة وحتى يومنا هذا في عهد الملكية الرابعة و مئوية الدولة الأردنية الثانية ، ساهم في رسم ملامح الحياة السياسية والمشاركة في مواقع الدولة بمختلف مستوياتها.

مقالات سبقت هذه الرسالة:

اليسار الأردني… خيار الانهيار أو الازدهار

وحدة المسار السياسي داخل اليسار الأردني

روح التجديد ويسار برامجي أردني جديد

اليسار الأردني الديمقراطي الحائر بين الماضي والحاضر

الديمقراطي التقدمي الأردني… المشروع الحزبي المستقبلي

مشروع وطني تقدمي ديمقراطي على الطريق


كانت جميعها رسائل لإيقاظ مارد اليسار، حتى لا تتحول الديمقراطية إلى مجرد "وجهة نظر" تتغنى بها أحزاب لا تمارسها، ولا تُحسن سوى مهارات الجدل و الديالكتيك ، في حديقتها الخلفية.
 رسائل لإعادة وهج اليسار عبر مراجعة صادقة ومصارحة شجاعة وبرامج قابلة للتنفيذ، تضاف إلى إرثه الفلسفي والسياسي والاقتصادي والاجتماعي والعروبي.

الجناح اليساري الديمقراطي تبنّى فلسفة الديمقراطية الاجتماعية، وجعلها قاعدة انطلاق لبناء نموذج حزبي برامجي متماسك، يقدّم نفسه كطريق ثالث، ومرجع لإدارة الدولة وأداة فاعلة داخل السلطة التشريعية والتنفيذية.
ومع ذلك… لا يزال اليسار باهت اللون في الشارع الأردني، حائر البوصلة، عاجزاً عن إشعاع و إشاعة حضوره ، ينتظر من يعلن نعيه و تشييعه ، فهل هذا ما نريد ؟

فماذا ينتظر؟

هل ينتظر هزة تشبه صوت يعقوب زيادين أو ناهض حتر؟
أم صحوة ضمير تجسد سلوك حيدر الزبن في الإدارة؟
أم يحتاج إلى نفحات من تضحية المسيح ليعود قبل أن يحتضر؟
ام استحضار  اشتراكية نبينا محمد صلى :
الإشتراكيون أنت امامهم لولا دعاوى القوم والغلواء

داويت متئدا وداووا صبراً وأخف من بعض الدواء داء

والبر عندك ذمة وفريضة لا منة ممنونة وجباء

جاءت فوحدت الزكاة سبيله لحد قابل الكرماء والبخلاء

أنصفت أهل الفقر من أهل الغنى فالكل فى حق الحياة سواء

ام يبادر في تحضير روح الأممية السادسة تقوده إلى تفعيل تجربة ديمقراطية اجتماعية اردنية .

يحتاج اليسار إلى أن يولد من جديد في جسدٍ شابٍّ يرى السياسة عملاً جمعياً لا فردياً، قلبه ينبض بالتكافل والتضامن، وعقله مبني على فلسفة الديمقراطية الاجتماعية.
يسارٌ يشتبك مع الناس، يتقاسم معهم همومهم، ينمّي وعيهم، يحصّنهم من التضليل، ويساعدهم على قراءة واقعهم السياسي والاقتصادي والاجتماعي.
يسارٌ لديه خطط استراتيجية تطرح حلولاً حقيقية للتحديات، وتجيب عن سؤال المواطن الأبدي: كيف تتحسن شروط وظروفي؟
يسارٌ يؤمن بالعدالة في توزيع عوائد التنمية، بالعمل التشاركي، لا بتقديس الرمزية الشخصية، ولا بـ"القائد الواحد الأحد" المتربع على سرديته السرمدية.

ربما يحتاج هذا الجناح إلى ما هو أكثر من غرف مغلقة وأوراق نقاشية تُطرح كردّة فعل ثم تُنسى.
ربما يحتاج إلى قيادات جريئة، تمتلك الشجاعة والمسؤولية لاتخاذ قرارات كبرى تدفع نحو بناء نموذج حزبي موحد، متماسك، قادر على إثبات نفسه أمام الدولة والمجتمع معاً.

لعل هذا النص…

يدفع  السطور لتلد شيء ما:
فكرة… جسد… حزب… رئة تتنفس شهيقاً وزفيراً جديدين.
فكرٌ برامجي أردنيٌ عبقريا مبكرا مبادرا خلّاق متقدما ناضجا ينهض لحل قضايا وطنه و أمته ، لا ليكون عبئاً عليها.
وإن لم يحدث ذلك… فالأولى التخلي عن البالي العادي السائر الهائم بلا اتجاه.

سُئل طه حسين، وهو يكتب في مقهى فرنسي والعرق يتصبب من جبينه:
ــ لماذا تكتب ولا أحد يقرأ؟
فرفع قلمه وقال:
ــ نحن نكتب للجميع… لعل أحدهم يولد بين السطور.
تابعو جهينة نيوز على google news
 
Email : info [at] johinanews.com
 
تصميم و تطوير