300 ألف حساب وهمي تهاجم الأردن: معركة إلكترونية تستهدف عقول المواطنين

خلدون خالد الشقران
تخيّل أنك تستيقظ صباحًا لتجد هاتفك غارقًا في سيلٍ من الأخبار الصادمة، منشورات تتحدث عن أزمات متصاعدة، وأصوات تُشكك في استقرار البلاد… كل ذلك يحدث بسرعة هائلة، ومعظم هذه الأصوات ليست سوى أشباح إلكترونية لا وجود لها في الواقع. هذا هو المشهد الذي واجهه الأردن مؤخرًا، عندما كشفت مصادر عن تعرض البلاد لهجمة إلكترونية ضخمة قادتها نحو 300 ألف حساب وهمي، في محاولة لبث الفوضى وزعزعة الاستقرار.
هذه الحسابات لم تكن مجرد أصوات متناثرة، بل كانت جزءًا من حملة منظمة استهدفت إثارة القلق بين المواطنين، وتشويه صورة المؤسسات الرسمية، والتأثير على الرأي العام من خلال نشر أخبار كاذبة وتضخيم مشكلات غير موجودة. استغلت هذه الحملة قضايا حساسة تتعلق بالاقتصاد والأمن والمعيشة اليومية، في محاولة لضرب ثقة المواطن بدولته وخلق حالة من الفوضى النفسية والاجتماعية.
استهداف الأردن بهذه الحملة لم يكن عشوائيًا، فموقع المملكة الاستراتيجي ومواقفها السياسية المتزنة جعلاها في دائرة استهداف الجهات التي تسعى لإرباك الدول المستقرة. هذه الحملة السيبرانية كشفت أن الهجمات لم تعد تعتمد على السلاح التقليدي وحده، بل باتت المعلومات المضللة سلاحًا فعّالًا في محاولة زعزعة استقرار المجتمعات.
ولمواجهة هذه التهديدات، لا بد من استراتيجية شاملة تبدأ بتعزيز وعي المواطن، فالإدراك السليم هو السلاح الأقوى في التصدي لمثل هذه الحملات. إلى جانب ذلك، يُعد تطوير الأنظمة الأمنية الرقمية أداة رئيسية في كشف الحسابات المزيفة ومنع انتشارها. كما أن الإعلام الرسمي مطالب بلعب دور فاعل في نشر المعلومات الدقيقة بسرعة وشفافية، ما يقلل من تأثير الشائعات ويعزز ثقة المواطنين بالمصادر الموثوقة.
ما حدث في الأردن يُذكّرنا بأن الحروب لم تعد تُخاض بالسلاح فقط، بل أصبحت المعلومات أداة خطيرة في معركة التأثير على العقول. وفي هذه المواجهة، فإن وعي المواطن وتكاتف المؤسسات هو الحصن الأول في وجه الفوضى الرقمية. الأردن الذي صمد أمام تحديات كبرى في الماضي قادر اليوم، بفضل وعي شعبه، على تجاوز هذه المحاولة وحماية استقراره