تنافسية المنتج الوطني وزيادة الطلب محرك رئيسي في نمو الصادرات الوطنية للمنطقة العربية

واستحوذت الصادرات الوطنية إلى منطقة التجارة الحرة العربية على ما نسبته 42 بالمئة، من إجمالي قيمة الصادرات الوطنية خلال العام الماضي، مقارنة بـ 37 بالمئة عام 2023، فيما بلغت قيمة مستوردات المملكة من الدول العربية العام الماضي نحو 5.078 مليار دينار، مقابل 4.693 مليار دينار في 2023، بارتفاع نسبته 8.2 بالمئة.
وقال رئيس غرفتي صناعة الأردن وعمان المهندس فتحي الجغبير لوكالة الأنباء الأردنية (بترا)، إن النمو في الصادرات الوطنية إلى الدول العربية جاء نتيجة لارتفاع الطلب في تلك الأسواق على العديد من المنتجات الوطنية وذلك في ظل ما تمتلكه من ميزة تنافسية عالية وسمعة تتسم بالكفاءة والجودة في تلك الأسواق.
وأضاف أن الجهود التي بذلها الأردن في دفع عجلة الصادرات الأردنية الى عدد من الأسواق المجاورة على رأسها العراق والسعودية، أسهم إيجاباً في ترويج المنتجات الوطنية في مختلف الأسواق العربية.
وأشار إلى أن زيادة الصادرات الوطنية إلى منطقة التجارة العربية يعزى بشكل رئيس الى ارتفاع الصادرات الوطنية الى كل من العراق والسعودية، بما نسبته حوالي 42.5 بالمئة، و14.3 بالمئة على التوالي، حيث وصل حجم الصادرات الوطنية الى العراق نحو 905 ملايين دينار وإلى السعودية نحو 1.1 مليار دينار.
ولفت الجغبير، الى جهود الغرفة ودورها الفاعل في تعزيز وجود المنتجات الوطنية في مختلف الدول العربية وإعادة الزخم للمنتج الوطني في الأسواق المجاورة وعلى وجه الخصوص في السوق السعودي والعراقي، من خلال ما بذلته من جهودٍ حثيثة للترويج للمنتج الأردني ولكفاءته وجودته بالتعاون والشراكة مع جهات مختلفة حكومية وخاصة في تلك الأسواق.
أما على مستوى القطاعات، بين أن أبرز القطاعات التي شهدت ارتفاعاً في صادراتها إلى الدول العربية خلال تلك الفترة تمثلت بمنتجات الصناعات الهندسية كالكابلات والأسلاك، والصناعات الإنشائية كوحدات البناء والمباني الجاهزة، والصناعات الغذائية كالمحضرات الغذائية والشاي والتبغ، إلى جانب العديد من منتجات القطاعات الصناعية كالصناعات الكيماوية والتعبئة والتغليف والبلاستيكية والخشبية والأثاث.
أما على مستوى المنتجات، تمثلت الصادرات الوطنية في الأسمدة ومنتجات التنظيف، فيما كانت المنتجات النفطية واللدائن ومصنوعاتها (اللؤلؤ والمجوهرات) من أبرز المستوردات للأردن.
وأكد الجغبير، أن الأسواق العربية تشكل أهمية كبرى للصادرات الوطنية، حيث تعد الشريك الأبرز إقليميا والمستحوذ على الحصة الأكبر من إجمالي الصادرات الوطنية بما يزيد عن 42 بالمئة، لما تتمتع به المنتجات الوطنية من جودة وكفاءة عالية جعلتها قادرة على المنافسة في مختلف الأسواق العالمية وعلى رأسها الأسواق العربية، إضافةً إلى وجود اتفاقية التجارة الحرة العربية الكبرى التي تعطي ميزة تنافسية إضافية للمنتجات الوطنية في مختلف الأسواق العربية.
وذكر أن القرب الجغرافي للأردن من مختلف الدول العربية، والتشابه في الثقافة والعادات واللغة تعد من أبرز الأسباب التي ضاعفت من انسياب المنتجات الوطنية بشكل أكبر إلى تلك الأسواق والقدرة على تلبية جميع متطلباتها واحتياجاتها.
وأشار إلى أن المنتجات الوطنية وفي ظل الحجم ذاته من الإنتاج ما زالت تملك المزيد من الفرص التصديرية لمختلف الدول العربية، بما يزيد عن 2 مليار دولار وفقاً لخارطة إمكانات التصدير الصادرة عن مركز التجارة العالمي؛ ولعل أبرزها إلى السوق السعودي بحوالي 650 مليون دولار، والإمارات بحوالي 270 مليون، والكويت بما يزيد عن 136 مليون دولار، وقطر بقيمة 135 مليون دولار، إضافةً إلى الفرص التصديرية إلى جمهورية مصر العربية والتي تقدر بحوالي 120 مليون دولار، وغيرها من الدول العربية؛ ما يشكل فرصة قوية لمضاعفة حجم الصادرات لتلك الدول.
ولتعزيز نمو الصادرات الأردنية إلى منطقة التجارة الحرة العربية، بين الجغبير أهمية تبني مجموعة من الخطوات الاستراتيجية التي تسهم في تحقيق هذا الهدف أهمها، العمل على تعزيز التكامل العربي عبر التطبيق الأمثل لاتفاقية التجارة الحرة العربية من خلال إزالة جميع القيود التجارية وتبسيط إجراءات التصدير، ما يسهل تدفق المنتجات الأردنية إلى الأسواق العربية بشكل أكثر سلاسة وكفاءة.
وأشار إلى ضرورة العمل على إيجاد الحلول على مستوى كلف الإنتاج والإسراع في مد المدن الصناعية بالغاز، ما سيسهم بالتخفيف من وطأة كلف الطاقة، الأمر الذي سيعزز من تنافسية المنتجات الصناعية (التنافسية السعرية) محلياً وفي الأسواق العربية والخارجية، إضافة إلى رفع القدرات التصديرية من خلال تنفيذ جملة من الإجراءات للاستفادة من الفرص التصديرية غير المستغلة التي تمتلكها المنتجات الأردنية في الأسواق العربية، خاصة في ظل المتغيرات العالمية المتسارعة.
وشدد الجغبير، على ضرورة أن يكون هناك تكامل عربي حيث أن التجارة العربية البينية تشكل فقط 12 بالمئة من إجمالي حجم التجارة العربية الخارجية، وهذه النسبة ضئيلة، ما يفرض علينا ضرورة تكثيف التعاون بين الدول العربية في مجالات متعددة العمل وإعادة التفكير بمصالحنا.
وأكد أن تطوير مكانة وأداء القطاع الخاص ذات بعد جوهري في التكامل العربي، ويتوجب على دولنا العربية أن تطلق العنان لقدرات القطاع الخاص لبناء التحالفات المطلوبة، دون أي قيود، وإزالة معيقات التجارة البينية التي تحدها معيقات كثيرة، فضلاً عن تسهيل حركة انتقال الأيدي العاملة والاستثمار وعمليات الشحن التجاري بشكل عام.
بدوره، أكد الأمين العام المساعد لاتحاد رجال الأعمال العرب طارق حجازي، أن الأردن يمتلك العديد من الفرص والإمكانيات التي تتيح له الحفاظ على زخم نمو الصادرات الوطنية وتعزيز تنافسية الصناعات المحلية إلى الدول العربية، أبرزها اتفاقيات التجارة الحرة التي تجمعها مع العديد من الدول العربية والتي تتيح للمنتج الأردني الوصول إلى الأسواق العربية والعالمية، والعلاقات الاقتصادية الأخوية التي تجمع بين المملكة والدول العربية، وموقعها الجغرافي المميز والذي يعد حلقة وصل بين الدول العربية في المنطقة.
وأضاف أن المملكة تتمتع باستقرار اقتصادي على الرغم من الاضطرابات الجيوسياسية المحيطة به، إلا أنه يشكل بوابة عبور إلى الدول المجاورة ومركزاً موثوقاً وآمناً للاستثمارات، مشيرا إلى أن بعض الدول في المنطقة شهدت زيادة في الطلب على المنتجات الأردنية، سواء بسبب الظروف الاقتصادية المحيطة في المنطقة وملاءمة منتجاتنا لاحتياجات الأسواق المحلية في الدول العربية.
ولفت إلى ضرورة العمل والسعي لتحفيز الابتكار للاستفادة من الفرص المتاحة وخلق فرص جديدة لتعزيز الترويج والتسويق للمنتجات الوطنية، والانفتاح على الأسواق الخارجية وتعزيز التعاون بين الحكومة والقطاع الخاص في دعم القطاعات التصديرية غير المستغلة لزيادة نمو الصادرات ورفع نسب النمو الاقتصادي وتوليد فرص العمل وتحسين حياة المواطنين.
وتابع، يجب استهداف الأسواق غير التقليدية وتطوير الصناعات الوسيطة، وتعظيم الاستفادة من اتفاقيات التجارة التي تربط المملكة مع العديد من التكتلات الاقتصادية العالمية، خاصة وأن الأردن اليوم يتمتع بطاقات هائلة وكافية في قطاع الخدمات والذي من الممكن أن تعمل على تخفيض العجز التجاري.
وأكد حجازي، ضرورة تقديم التسهيلات للشركات المصدرة من خلال المساعدة التقنية وخطوط ائتمان الصادرات، ومساعدتها على المشاركة في المعارض الدولية لاكتساب الخبرات والتعريف بالمنتجات الأردنية وتوسيع نطاق الأسواق المتاحة للتصدير.
وشدد على أن تحفيز الصادرات إلى الدول العربية يتطلب توفر رؤية منهجية تساهم في استمرار نمو الصادرات عبر تخفيض كلفة المنتجات الأردنية ومساعدتها على ولوج أسواق جديدة للدول العربية، مع الاستمرار في تحسين البنية اللوجستية التي تسمح وتسهل انسياب الصادرات الأردنية وتحسين أداء المعابر الحدودية، وتعزيز التعاون مع الدول الشقيقة والصديقة.
وفي الإطار ذاته، أكد الخبير الاقتصادي الدكتور عدلي قندح، أن أبرز العوامل التي أسهمت في نمو الصادرات الى الدول العربية، زيادة الطلب في الأسواق العربية حيث شهدت بعض الدول العربية نمواً اقتصادياً وزيادة في الاستثمارات، ما عزز الطلب على المنتجات الأردنية، لاسيما في قطاعات الأغذية والأدوية والصناعات الكيماوية، بالإضافة إلى التعافي التدريجي من الأزمات المختلفة إذ أن استعادة النشاط الاقتصادي بعد الجائحة ساهم في تحفيز حركة التجارة بين الأردن والدول الأعضاء في منطقة التجارة العربية.
وأضاف، أن ارتفاع تنافسية المنتجات الأردنية ساهم أيضا في نمو الصادرات، اذ استفادت الصادرات الأردنية من تحسين جودة المنتجات وتنوعها والقدرة على تلبية احتياجات الأسواق العربية وفق المواصفات المطلوبة، إضافة إلى التزام الدول الأعضاء بتطبيق الاتفاقيات التجارية، ما ساهم في تقليل الحواجز الجمركية والقيود التجارية وسهل تدفق السلع الأردنية إلى الأسواق العربية.
وتابع ، أن ارتفاع الأسعار العالمية لبعض المنتجات أدى إلى زيادة الطلب على البدائل الأردنية، خاصة في المواد الغذائية والصناعات التحويلية، إضافة إلى تحسن الخدمات اللوجستية والنقل، حيث عززت جهود تطوير البنية التحتية والطرق البرية والموانئ حركة الصادرات وتحسين الخدمات الجمركية والتسهيلات المقدمة للمصدرين.
وأوضح قندح، أنه لتعزيز الصادرات الوطنية يجب تنويع قاعدة المنتجات المصدرة من خلال تشجيع الابتكار والتوسع في القطاعات التكنولوجية، والخدمات ذات القيمة المضافة العالية وتحسين جودة المنتجات والتوافق مع المواصفات القياسية لتطوير معايير الجودة والشهادات المعتمدة لتعزيز ثقة المستهلك العربي بالمنتجات الأردنية، وتعزيز العلاقات التجارية الثنائية والإقليمية عن طريق العمل على توسيع الاتفاقيات التجارية وتسهيل إجراءات التبادل التجاري مع الدول الأعضاء في المنطقة.
وبين أهمية تحسين البنية التحتية للنقل والتخزين من خلال تطوير الموانئ، وتعزيز الشحن البري والبحري، وتوفير مناطق لوجستية حديثة لدعم حركة الصادرات، وتحفيز الاستثمار في القطاعات التصديرية عن طريق تقديم حوافز ضريبية للمستثمرين في الصناعات التصديرية وتطوير المناطق الصناعية الخاصة بالصادرات.
وأكد قندح، ضرورة توظيف التكنولوجيا والتسويق الرقمي لدعم استخدام المنصات الرقمية والتجارة الإلكترونية لفتح أسواق جديدة في الدول العربية وتعزيز الوصول إلى المستهلكين، وخفض تكاليف الإنتاج والطاقة من خلال توفير دعم حكومي لأسعار الطاقة، وتسهيل وصول الشركات إلى التمويل الميسر، ما يعزز القدرة التنافسية للمنتجات الأردنية، إضافة إلى تحسين الخدمات الجمركية واللوجستية عن طريق تعزيز سرعة وكفاءة الإجراءات الجمركية بين الأردن والدول العربية، بما يضمن تسهيل حركة السلع.
وبين أن هذه الاستراتيجيات إذا تم العمل عليها ستساعد في تحقيق نمو مستدام للصادرات الأردنية وتعزيز حضورها في الأسواق العربية ضمن منطقة التجارة الحرة.
--(بترا)