د. أيوب أبودية يكتب:التحالف الإسرائيلي العالمي: دراسة في منهجيته وتطبيقاتها

التحالف الإسرائيلي العالمي: دراسة في منهجيته وتطبيقاتها
د. أيوب أبودية
تهدف هذه المقالة إلى استعراض فكر وأنشطة التحالف الاسرائيلي العالمي الذي تأسس في مطلع النصف الثاني من القرن التاسع عشر، والسعي للتعلم منه للنهوض بالثقافة الإسلامية في الدول المسلمة النامية أو في المجتمعات والأقليات المسلمة في أوروبا والعالم .
تأسس "التحالف الإسرائيلي العالمي" IUA في عام 1860 في فرنسا من قبل مجموعة من اليهود الفرنسيين الذين كان لديهم الموارد اللازمة لمساعدة أقرانهم من اليهود الفقراء. كان الهدف الرئيسي من هذه المنظمة تقديم الدعم السياسي والاجتماعي لليهود في المناطق التي كانوا يعيشون فيها. وتنوعت أنشطتها من تقديم الدعم المالي للأفراد وتيسير الهجرة إلى تأسيس برامج تعليمية لتطوير المجتمعات اليهودية في أوروبا الشرقية، والشرق الأوسط، وشمالي إفريقيا. كما عبر التحالف في عام 1945 عن دعمه للصهيونية السياسية، وفي عام 1946 تولى "مجلس استشاري المنظمات اليهودية" في نيويورك إدارة الأنشطة الدبلوماسية للمنظمة.
أنشطة التحالف الإسرائيلي العالمي:
الدعم الاجتماعي والسياسي: كانت البداية الأساسية للتحالف الإسرائيلي العالمي تقديم الدعم للأفراد اليهود في مختلف أنحاء العالم. كان التحالف يهدف إلى رفع مستوى معيشة هؤلاء الأفراد ودعمهم سياسيًا واجتماعيًا. كما كان يسعى إلى حماية حقوقهم المدنية في أماكن إقامتهم.
الهجرة والمساعدة في الانتقال: عمل التحالف على مساعدة اليهود في الهجرة من الدول التي كانوا يواجهون فيها التمييز العنصري إلى مناطق أكثر أمانًا، لا سيما في أوروبا الشرقية والمناطق التي كانت تحت الهيمنة العثمانية.
البرامج التعليمية: أنشأ التحالف العديد من المؤسسات التعليمية التي كانت تهدف إلى تحسين الوضع التعليمي لليهود في مناطق متعددة. هذا كان يشمل إنشاء مدارس تهتم بتعليم الأطفال اليهود في مجالات مثل اللغة، الرياضيات، العلوم، والتاريخ، مما ساعدهم في مواجهة تحديات العصر الحديث.
الدعم السياسي للصهيونية: في عام 1945، أعرب التحالف عن دعمه للصهيونية السياسية، وهو الموقف الذي كان يهدف إلى إقامة دولة يهودية في فلسطين. من خلال هذا الدعم، تمكن التحالف من التأثير على مجريات الأحداث السياسية في المنطقة.
الأنشطة الدبلوماسية: في عام 1946، تولى "مجلس استشاري المنظمات اليهودية" في نيويورك الإشراف على الأنشطة الدبلوماسية والتحركات السياسية للتحالف، مما منحه قوة تأثير أكبر في الساحة الدولية.
كيفية تطبيق منهجية التحالف الإسرائيلي العالمي على تطوير الثقافة الإسلامية:
من خلال دراسة الأنشطة التي قام بها التحالف الإسرائيلي العالمي، يمكننا استخلاص عدة دروس وتطبيقها في تطوير ثقافة المسلمين في الدول النامية أو في المجتمعات المسلمة في أوروبا والعالم الغربي. فيما يلي بعض المبادئ التي يمكننا تبنيها:
دعم التعليم وتعزيز الوعي الثقافي: يمكن للمجتمعات المسلمة في الدول النامية أو في المجتمعات الأوروبية تعزيز مستوى التعليم الثقافي والديني من خلال إنشاء مدارس ومؤسسات تعليمية متخصصة تهتم بتعليم الأطفال والشباب المسلمين قيم الإسلام الحقيقية ومفاهيمه التي تتماشى مع العصر الحديث. ومن الضروري أيضًا تنظيم برامج تعليمية تهتم بتعليم اللغات والعلوم والتاريخ الإسلامي لتزويد الأجيال الجديدة بالمعرفة التي تمكنهم من مواجهة تحديات العصر.
التعاون المجتمعي: مثلما عمل التحالف الإسرائيلي العالمي على توحيد جهود اليهود حول العالم، يمكن للمجتمعات الإسلامية تعزيز التعاون بين المسلمين في مختلف أنحاء العالم، سواء في الدول النامية أو في الغرب، من خلال إقامة شبكات دعم اجتماعي، اقتصادي، وديني. ويمكن أن تكون هذه الشبكات قادرة على تقديم المساعدة للأفراد المحتاجين، ومواجهة تحديات الهجرة، أو دعم المشاريع الاجتماعية التي تهدف إلى تحسين وضع المسلمين في المجتمعات المضيفة.
التمثيل السياسي والمجتمعي: كما قام التحالف الإسرائيلي العالمي بالتأثير على السياسة في منطقته وفي محافل دولية، يمكن للمجتمعات المسلمة العمل على زيادة تمثيلها السياسي في الدول التي يعيشون فيها، سواء في أوروبا أو في دول أخرى. من خلال هذه الوسائل، يمكن للمسلمين التأثير في السياسات الاجتماعية والدينية بما يتماشى مع مصالحهم وحقوقهم.
مساعدة المهاجرين وتيسير الاندماج: مثلما قدم التحالف الدعم للمهاجرين اليهود، يمكن للمجتمعات المسلمة في أوروبا دعم المهاجرين المسلمين الجدد، وتوفير الدعم اللوجستي والمادي لهم لتيسير اندماجهم في المجتمعات الجديدة. يشمل ذلك توفير المساعدة القانونية، والمساعدة في تعلم اللغة، وأيضًا المساعدة في فهم القوانين المحلية التي قد تكون غريبة عنهم.
النهوض بالهوية الإسلامية: يمكن للمجتمعات المسلمة العمل على تعزيز الهوية الإسلامية بين أفرادها من خلال تنظيم فعاليات ثقافية، ودينية، واجتماعية تسهم في إبراز جوانب الثقافة الإسلامية الغنية وتاريخها العريق في قبول الآخر ونشر ثقافة التسامح. مثل هذه الفعاليات يمكن أن تساعد في رفع الوعي بالثقافة الإسلامية وتشجيع الإفتخار بالهوية الدينية والثقافية، وفي الوقت نفسه الاندماج في المجتمعات الجديدة.
ختاما نقول إنّ تطبيق منهجية التحالف الإسرائيلي العالمي في المجتمعات الإسلامية يمكن أن يسهم بشكل كبير في رفع مستوى الوعي الثقافي والاجتماعي والاقتصادي للمسلمين في الدول النامية والمجتمعات المسلمة في الغرب. فمن خلال التعليم، والتعاون المجتمعي، والتمثيل السياسي، ودعم المهاجرين، يمكن تحقيق تقدّم ملموس في تعزيز الهوية الثقافية الإسلامية في سياقات متنوعة تجعلهم أعضاء أكثر فاعلية واندماجا خارج أوطانهم.