banner
كتّاب جهينة
banner

الرقيب زاهر العجالين.. أيقونة الشجاعة والفداء

جهينة نيوز -
في لحظة تختصر البطولة بكل معانيها اندفع الرقيب الغطاس زاهر العجالين يوم الجمعة الماضي لإنقاذ طفلٍ جرفته السيول في منطقة الأغوار الجنوبية وذلك بعد أن فقدت شقيقته حياتها غرقًا.

لم يتردد العجالين من القفز وسط المياه المتلاطمة لإنقاذ الطفل وبقي لساعات يتفقد السيول الجارفة في المنطقة تحسبًا لاحتمال وجود حالات أخرى بحاجة إلى المساعدة.

ما يجعل هذه البطولة أكثر إلهامًا أن العجالين قام بهذه المهمة وهو صائم حيث لم يمنعه الإرهاق ولا العطش من الاستجابة لنداء الواجب. فالصيام يزيد من تحديات الإنسان الجسدية لكنه لم يزد هذا البطل إلا قوةً وعزيمة وكأن صبره على العطش والجوع زاده صبرًا في مواجهة الخطر. 

لم يتوقف للحظة ليفكر في نفسه بل اندفع نحو المياه العنيفة مدفوعًا بروح الإيثار والمسؤولية في مشهد يجسد أسمى معاني التضحية والفداء.

لم تكن هذه المرة الأولى التي يسجل فيها العجالين اسمه في سجل الأبطال ففي عام 2018 شهدت المملكة كارثة إنسانية كبرى عندما داهمت السيول رحلةً مدرسية إلى البحر الميت وأودت بحياة 22 شخصًا معظمهم من الأطفال.

كان العجالين حينها في إجازة ولم يكن في الموقع بصفته الرسمية بل قادته الصدفة ليكون هناك. لكن البطولة لا تنتظر الأوامر فعندما  رأى الكارثة تتكشف أمام عينيه لم يقف مكتوف الأيدي. لم يكن يحمل عدة الغطس فاستعارها من زملائه في الدفاع المدني العاملين في المنطقة وانطلق إلى المياه الغاضبة بحثًا عن ناجين فتمكن بحمد الله من إنقاذ أربعة أطفال.

في تلك اللحظات العصيبة لم يكن مجرد غطاس أو رجل إنقاذ بل كان رمزًا للإنسانية الحقيقية حيث خاطر بحياته محاولًا انتشال الأطفال من براثن السيل.

البطولة ليست مجرد كلمة بل هي فعل ينبض بالإقدام والتضحية ، وليست  شعورًا عابرًا بل قرار يُتخذ في لحظات حرجة حين يختار الإنسان أن يضع حياة الآخرين قبل حياته.

إن البطولة الحقيقية لا تحتاج إلى شهرة أو تصفيق، بل تظهر في اللحظات الحاسمة عندما يكون الوقت ضيقًا والخطر محدقًا فتترك أثرًا خالدًا في قلوب من شهدوها وتبقى نموذجًا يُحتذى للأجيال القادمة.

عندما يسمع الشباب عن رجال مثل زاهر العجالين الذين يخاطرون بحياتهم لإنقاذ الآخرين ينمو لديهم شعور بالمسؤولية تجاه مجتمعهم فتغرس هذه القصص قيم الإيثار والتضحية وترسّخ روح العمل الجماعي التي تجعل المجتمع أكثر ترابطًا وإنسانية.

رجال الدفاع المدني لا يرون الحوادث مجرد مهام ينفذونها، بل يستشعرون فيها نداء الواجب الإنساني الذي لا يحتمل التأجيل.

على مدى السنواتِ العقود  أثبت الدفاع المدني الأردني كفاءته العالية في مواجهة مختلف الكوارث الطبيعية سواءً  السيول المفاجئة أو حرائق الغابات أو حوادث الإنقاذ الجوي والبري.

في كل مرة يكون هؤلاء النشامى أول الواصلين وأسرع المتدخلين وأكثر العاملين كفاءة مدفوعين بإحساس عالٍ بالمسؤولية وتدريب متقدم يجعلهم على أتم الجاهزية لإنقاذ الأرواح والممتلكات.

لكن ما يميز هؤلاء الأبطال ليس فقط مهاراتهم العالية بل روحهم التي لا تعرف التردد عندما يتعلق الأمر بإنقاذ حياة إنسان. إنهم لا ينظرون إلى عملهم كمجرد واجب وظيفي بل كرسالة إنسانية تستدعي أقصى درجات التضحية والتفاني. وحين يكون في الميدان رجال بحجم زاهر العجالين فإنهم يجسدون أسمى معاني الإيثار حيث لا يبالون بالخطر ولا يتراجعون أمام الصعاب بل يمضون في أداء رسالتهم بكل شجاعة وإخلاص.

في عالم يبحث فيه كثيرون عن البطولة خلف الأضواء هناك رجال يصنعونها على أرض الواقع بعيدًا عن الضجيج الإعلامي يغامرون بحياتهم لإنقاذ غيرهم دون أن ينتظروا شكرًا أو جزاءً.

زاهر العجالين واحد من هؤلاء النشامى الذين لا يعرفون التراجع عندما يناديهم الواجب وهو نموذج مشّرف لكل رجل أمن ودفاع مدني في الأردن.

تحية ملؤها الفخر والاعتزاز إلى كل نشمي ونشمية من رفاق السلاح منسوبي الأمن العام والدفاع المدني وتحية تقدير وإجلال لهذا البطل ولكل غواصٍ ومسعف ورجل إنقاذ يضع حياته على المحك من أجل الآخرين.

أنتم وزملاؤكم في القوات المسلحة الأردنية والأجهزة الأمنية فخر الأردن وصانعو مجده الحقيقي ، بوركت السواعد ولمثلكم ترفع القبعات.

حفظ الله الوطن وقائد الوطن وولي عهده الأمين وأدام علينا نعمة الأمن والاستقرار

اللواء المتقاعد 
محمد بني فارس
تابعو جهينة نيوز على google news
 
Email : info [at] johinanews.com
 
تصميم و تطوير