ترامب ينشط الدبلوماسية الارغامية على الفلسطينيين

حماس تسعى لفك عزلتها وعباس يشتري الوقت بالعفو والانتخابات
ابن سلمان قرر عدم الحضور قبل سويعات من القمة
ابن زايد غاب انتظارًا لعفو عباس
الأردن يستدير داخليًا وسعوديًا
الأنباط- عمر كلاب
منذ لحظة تأجيل القمة أسبوعًا عن موعدها الأول, استشعر العقل الرسمي الأردني أن ثمة خيوط من الصعب ترتيبها, وأن ثمة خطوات تُدار في مكان ما, فرضت التأجيل أسبوعًا, لكنه لم يكن بصورة حدثين رئيسيين كما يقول مصدر أردني , الأولى العفو الذي سيطلقه الرئيس الفلسطيني محمود عباس, لإعادة الخارجين من رحم الحركة وعلى رأسهم القيادي المثير محمد دحلان وفريقه, والخطوة الثانية اللقاء بين حماس ومسؤولين أمريكان, وقد عرف الأردن باللقاء قبل القمة بالمناسبة.
عفو عباس كان اشتراطًا إماراتيًا, عنوانه لا مصالحة مع عباس والسلطة, دون العفو والوحدة الفتحاوية, وسنسرد تاليًا أسبابه, وذكاء عباس وفريقه في الاستجابة على غير العادة, أما لقاء حماس ومسؤولين أمريكان فهو كان صاعقة على كثيرين, بل أنه أفرغ القمة من مضمونها وجعلها تدخل من الباب الخلفي للقضية, ولعل هذا ما دفع لغيابات مؤثرة, على وزن ولي العهد السعودي, الذي قرر عدم حضور القمة قبل سويعات قليلة من انعقادها, حسب مصدر موثوق, وغياب الرئيس الإماراتي الذي كان ينتظر التزام عباس, وخشي من المراوغة كما كل مرة.
تعبير جميل ودقيق استخدمه الدكتور حسن المومني الأكاديمي البارز ورئيس مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية, يمكن توظيفه في معرض تحليل لقاء حماس مع وفد أمريكي, قبل القمة, وهو تعبير الدبلوماسية الارغامية, بمعنى أن ترامب وإدارته, أرغما القمة على الدخول من الباب الخلفي, وإعادة استنهاض مشروع السلام العربي, فالفاعل الحقيقي في المعادلة التي تنعقد من أجلها القمة, وأعني حماس, التقى الراعي الرسمي للسلام والحرب مباشرة, وليس مستبعدًا أن يعقد صفقة دائمة, أو على الأقل صفقة طويلة الأجل, تكفل له الحضور والبقاء في المشهد.
وبالعودة إلى قرار عباس, الذي فاجأ فيه كثير من المجتمعين في القاهرة, فقد كان قرارًا يلامس حواف الذكاء وشراء الوقت,فهو نجح في استباق الانهيار على حد تعبير د المومني أو التغيير, ونجح نسبيًا في الحفاظ على الوضع القائم, فهو من جهة دعا إلى انتخابات رئاسية وتشريعية في العام القادم, ومن جهة أخرى أعاد القوة الفتحاوية في غزة إلى جناحه الفتحاوي الضعيف جدًا في قطاع غزة, قياسًا بجناح القيادي المفصول سابقًا محمد دحلان, أي أعاد لفتح حضورها القوي في غزة دون انشقاقات, وبالتالي هذه الخطوة وحدها القادرة, على تحقيق التوازن السياسي والإداري مع حركة حماس.
وهذا يقودنا إلى طريق التاريخ السابق, حسب الأكاديمي المومني, الذي قال أن هذا سلوك عرفاتي بامتياز, فقد استبق عرفات أحاديث رحيله وبديل منظمة التحرير, التي سادت قبيل أزمة الخليج الثانية وبعدها, بالذهاب إلى أوسلو, وإطلاق العنان لجيل شاب في المنظمة وفتح (عريقات, عشراوي, الحسيني...), وهذا ما التقطه عباس, فقد ساد مؤخرًا أحاديث عن سقوط السلطة, وتراجع دورها حد وصفها بأقذع التهم, وتكلس قيادتها وفساد بنيتها, وبدأت الدعوات إلى منظمة تحرير جديدة أو بديلة, وهنا طرح عباس مبادرته, وأظنها تسعى إلى تأبيد السلطة.
وعندما نقلنا السؤال عن عباس إلى حماس, حول إمكانية أن الحركة التقت الإدارة الأمريكية, لنفس السبب, بعد ارتفاع أصوات غزية تسأل عن ثمن الحرب والدمار, وتراجع حواضن حماس العربية, حتى دولة قطر التي تبنت الحركة باذعان لواشنطن وتل أبيب, كما روى بيان كتيبة قطر للإعلام الخارجي مؤخرًا, ردًا على ما وصفته دولة قطر بتحرش إسرائيلي خشن عليها, بوصفها داعمة للإرهاب الحمساوي, فقررت قطر كشف الأمر بمجمله.
الأردن وأمام هذه الإشارات المقلقة نسبيًا لحركته, والتي تشبه إدارة الظهر له, قرر كما يقول مصدر مقرب من دوائر صنع القرار, الالتفات إلى الشأن الداخلي أكثر, ومحاولة إرضاء تيار, رأى أن الأردن قد تطرف كثيرًا في موقفه حيال غزة وحرب إبادتها