2025-02-19 - الأربعاء
banner
مقالات مختارة
banner

فقيدنا الجغبير ...

{clean_title}
جهينة نيوز -
بقلم الدكتور عدنان شديفات
في يوم مليء بالحزن والأسى، خيمت الأجواء الحزينة على مقبرة الخندق في مدينة السلط، الجميع صامت ولا ينبس ببنت شفه، قبور وشواهد واسماء تركت الدنيا بما فيها لم يحملوا معهم شئ بل كما جاءو إليها كانت الأحزان تعج بكل مكان حتى أبواب البيوت القديمة ثكلى ، اليوم السلط كانت على موعد مع الغياب، والشوارع حزينةٌ بقدر ، والجموع تملأ ديوان آل الجغبير، بل كان الحزن يعُمّ جميع المحافظات التي مررت بها في طريقي لحضور الدفن بل استسلمت مشاعرنا لوقع الصدمة، جاء الكل من كل بقاع الاردن يحملون الأهات والتعازي وآيات من القرآن ، في واجب العزاء شاهدت هاشم الخالدي وباسل الطراونة وخالد القضاة شاهدت عبدالله النسور والصفدي شاهدت الباشا ابو عكليك وضباط الجمارك شاهدت الكل حزين، لمحت بريق الأسى في عيون كاظم حتى ولم يقوى على رد التعزية، البعض منهم أثر الهروب بعد التعزية والمواساة على المقبرة ولم يطل المكوث في ديوان الجغبير لأن قسمات وجه أبو عون لم تكن كما هي ، يل تعيدك إلى أول مربعات اليُتم ،اليوم كان الوجع سلطياً والحزن أردنيا ً فلم أبرح صمت لعيون وكانت المره الاولى التي أرى فيها هذا الحشد الوطني المحب يواسي ابا عون وأخوته بالمرحوم حمزة، كان حمزة مقبلاً على المستقبل شغوف للحياة والإنجاز عرفته كالوشم الأردني على ثوب سلطي بجمال ولُحمة أهلها ، كالسنديان الذي اعتلى واستند جبالها، عرفته يافعاً حمل معه كل الحب من السلط إلى المفرق وامتزجت هذه المحبة مع مباني وشوارع الجامعة حينما يمم يطلب العلم منها دمث الأخلاق لم تثنه محبة الأردن ومحبة السلط واهتمام العود حسين به أن يكون نشميا ً قد تربى على يديه ليوصية خيراً بالوطن وبسمعة والديه ، فكان له ما أراد ومضت السنوات الأربع ليأتي موعد التخرج وليحمل أبا عون معه الهدايا لموظفي العلاقات العامة آنذاك وانا أحدهم فرحاً بتخرج الشبل الجغبيري، وجلست العائلة في الكرسي الامامي لمدرج الحسين بن علي ، لتلوح للخريج الفقيد على الستيج وهم يهيمون فرحة تخرج هذا النشمي ، وتمضي الأيام ، وجاء شعبان و ليكن الجسد المسجى في مسجد الانيس ، رأيت في عيون حسين فرح تخرج حمزة وحزن وفاته معاً ، وبعد أكثر من خمسة عشر عاماً تخيلو هذا الشاب الذي مرغته الأيام يتيماً، واليوم يسوق كل اليتم في احضان ابا عون ليلملم أشلاء الزمن حيث كان يرعاه يافعاً يخاف عليه من نسمات شارع الستين، ويساعده حتى نضج وأصبح شاباً متميزاً في حياته.
لقد تخرج حمزة من كلية القانون في جامعة آل البيت كأحد الطلاب المتميزين، ثم واصل مسيرته المهنية كأحد ضباط دائرة الجمارك، حيث ترك أثراً طيباً في عمله، اليوم رأيت الحزن في وجوه زملائه رأيتهم يقبلون حسين و الأخ كاظم، كما تصادفت مع وجود اثنين من كبار ضباط الجمارك الذين أثنوا على أخلاق حمزة وسمعته الطيبة لا بل أخبرني أحدهم أن "أبا عون" كان دائم التوصية على حمزة كأنه إبنه.... رحمة الله تعالى عليك يا أبو حسين بقدر ما تركت رجلاً يحافظ على الأمانة، وسبحان الله حينما يكون الأخ الكبير حاملاً لمسؤولية الأبوة تجاه إخوته، ليجد القدر قد خطف منه فلذة كبده في لحظة لا تُصدق، ما أقسى قرصة الموت عندما تأتي بالإخوة، لكني اضطررت معها لأن أواسي نفسي بفقد اخواني أيضاً وفرصة للبكاء وتذكرهم وأحدث نفسي بحزن عميق، وفرصة لنعيد النحيب عليهم ، لله درك يامن تسمى الموت، فكلما أتيت، أخذت الطيبين والأحبة.
أيها الراحل إلى السماء وداعاً ...
نسأل الله أن تكون في عليين ... وأن يربط على قلب أخيك أبو عون ويجبر كسرة، فلنا مع الفقد تجارب و نعلم مدى الحزن الذي يختلج صدره ...و نسأله أن يجعل حمزة من أهل الجنة، عريساً فيها، وأن يربط على قلب أسرته وأحبائه.
تابعو جهينة نيوز على google news
 
Email : info [at] johinanews.com
 
تصميم و تطوير