banner
أخبار محلية
banner

اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي ومستقبل العلاقة مع واشنطن

{clean_title}
جهينة نيوز -

خروج من العلاقة أم تحسين شروطها

الأردن يخرج من ثنائية التكيف والاحتواء إلى مثلث المبادرة والاستجابة

المومني: تمكين للسياسي من الأثقال الاقتصادية وليست خروجًا على واشنطن

مراد: العمل على الاتفاقية منذ عام وهي جاذبة لاستثمارات كبرى

الخضرا: ضرورة التحرر من نمط التفكير الذي ينحصر في دوائر الجدل والتسويف

الأنباط – قصي أدهم

تجاوز الأردن مربع الثنائية التقليدية, التكيف والاحتواء, في مواجهة الأخطار والضغوطات السياسية والاقتصادية عليه, وانتقل إلى إكمال المثلث, بضلع الاستجابة والمبادرة, بإعلانه اتفاقية الشراكة الاستراتيجية مع الاتحاد الأوروبي, وتظهير مشروع مرسى زايد على أرض الواقع, بعد أيام قلائل على قرار إدارة ترامب, وقف المساعدات الإنمائية على الأردن, لمراجعتها خلال الأشهر الثلاث القادمة, والمواقيت بحاجة إلى قراءة وتمحيص, فهي ليست صدفة, في بلد لم يرتكن إلى الصدفة في حياته.

مجريات الأيام القليلة الماضية, تقول أن الأردن تحوط جيدًا لمقدم ترامب, ليس من باب التحوط النظري أو التأشيري على مكامن القلق والخطر, بل بإجراءات تمكينية ترفع من صلابة ومناعة الأردن, في المواجهة والتصدي لمشاريع تصفية القضية الفلسطينية على حسابه, وتحويله إلى مستودع لاحتواء اللاجئين قسرًا أو طوعًا, استنادًا إلى حالة الاستقرار الفريدة التي يعيشها في الإقليم, الذي يجري العبث بشيفرته الجغرافية والديمغرافية, لصالح استدامة وتأبيد الكيان الصهيوني.

التحوط الأردني, كان مشروعًا دقيقًا, قاده الملك مباشرة, منذ لحظة إعلان ترامب ترشحه لمقعد الرئاسة, وربما منذ السابع من أكتوبر الماضي, حيث قرأ الملك المشهد الأمريكي بعناية, وهو الخبير بدهاليز صنع القرار هناك, فنشطت المكينة الملكية, لإنتاج وتظهير اتفاقية الشراكة الاستراتيجية مع الاتحاد الأوروبي, الكتلة الوازنة في السياسة الدولية, مسنودًا ذلك بعلاقة بينية مع دول أوروبية موثوقة وثقيلة, فلولا العلاقات البينية مع الأقطار, لما نجح الاتفاق الاستراتيجي مع التكتل الأوروبي.

وبعد ساعات من اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الاوروبي, كان رئيس الوزراء, يضع حجر الأساس, لمشروع استراتيجي, هو تظهير عملي, لاتفاقية استراتيجية مع أهم صندوق سيادي في الإقليم, والذي تقوده دولة الإمارات العربية الشقيقة, في ما يشبه الرد العملي والإجرائي, على تلويح ترامب بوقف المساعدات الإنمائية عن دول من ضمنها الأردن, علمًا بأنه استثنى الكيان الصهيوني ومصر الشقيقة من هذا التوقيف المؤقت, لكن الأردن قرأ التهديد الناعم بوقار وأجاب عليه بمهارة, أو كما قال وزير عامل للأنباط, لدينا البدائل الكثيرة, علمًا بأن وزارته من أكثر الوزارات استفادة من المنح الانمائية, لكنه أجاب بثقة ويقين.

توقيت التوقيع على الاتفاقية وإعلان مشروع مرسى زايد, كان توقيت الضرورة, على حد تعبير رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية, الدكتور حسن المومني, الذي استرسل في شرح ضرورة التوقيت, وأبعاده الثلاثة, فهو جاء في غمرة الاحتفالات بعيد ميلاد الملك الثالث والستين, أي أن أوروبا تثق بهذا القائد وتعتبره شريكًا موثوقًا, والضرورة الثانية أن الأردن الذي يجاور أكثر الدول اشتعالًا, موثوق بقدرته على حفظ أمنه وأمانه واستقراره, بما يدفع إلى الاستثمار فيه وبأرقام ضخمة, وثالثهما أن, تمتين الأردن ليكون المشراف للمنطقة وحائط الصد لمواجهة التطرف والإرهاب وتهريب الأسلحة والمخدرات.

الشراكة الاستراتيجية مع الاتحاد الأوروبي, نقلة نوعية والحديث هنا لرئيس جمعية الأعمال الأردنية الأوروبية, علي حيدر مراد, الذي يؤكد أن الاتفاقية جرى العمل عليها منذ العام 2024, وهو ما يؤكد ما ذهبت إليه الأنباط أنه تحوط للقادم, وتمكين للاقتصاد الأردني لمواجهة المتغيرات على حد تعبير مراد, فالاتفاقية تتحدث عن 3 مليارات يورو على ثلاث سنوات, منها 1,4 يورو استثمارات في قطاعات واعدة, وهذا الرقم قادر على جذب استثمارات مضاعفة من مستثمرين أو من دول أوروبية وغيرها, لأنها دليل على استقرار الأردن ومتانة موقفه وحضوره.

وهذا ما تؤكده الأكاديمية وفاء الخضرا التي أشارت بأن هذه الاتفاقية, تحول استراتيجي يعكس إعادة تموضع الأردن على الخريطة الجيوسياسية، وأن هذه الشراكة تتجاوز البعد التقني، إذ تعكس إدراكًا أوروبيًا متزايدًا لدور الأردن كفاعل محوري في التوازنات الإقليمية، ليس فقط كعامل استقرار، بل كشريك استراتيجي في صياغة المشهد الجيوسياسي للمنطقة, وتضيف, ما يجعل هذه الشراكة استثنائية ليس حجم التمويل فحسب، بل توقيتها ودلالاتها الجيوسياسية, ففي خضم اضطرابات إقليمية متسارعة وإعادة رسم خرائط واهمة، يكرّس الأردن موقعه كلاعب سياسي استباقي، يرفض الانحصار في أطر تقليدية أو اختزال دوره في معادلات ضيقة.

الخطوة الملكية والاستجابة لها هو التحدي الحقيقي الذي يواجهنا اليوم, كما تقول الدكتورة الخضرا, وهو ليس مجرد التعامل مع الضغوط المالية أو السياسية، بل التحرر من نمط التفكير الذي ينحصر في دوائر الجدل والتسويف، والانخراط في توليد الحلول الفعالة والذكية وتصميم الفرص من نبض التحديات, لقد حان الوقت لوقف النزيف الناجم عن التسييس المفرط والانشغال بردود الفعل, آن الأوان للانتقال إلى معادلة جديدة تقوم على الفعل لا الانفعال، وعلى التخطيط الاستراتيجي لا المعالجات الطارئة.

هل يعني ذلك ابتعاد الأردن عن الإدارة الأمريكية, سألنا الدكتور المومني, الذي أجاب بالقطع لا, نحن نتحدث عن تنوع الأوراق وتحسين شروط العلاقة, وليس قطعها, والأردن ماهر في إدارة أزماته بحكم الخبرة الطويلة مع الأزمات, التي عاشها منذ النشأة, وسبق له أن أدار أزماته بكل مهارة, حتى مع إدارة ترامب السابقة, لكن الجديد هو المكنة الاقتصادية التي تحرر السياسي من كثير من الأثقال.

  • {clean_title}
  • {clean_title}
  • {clean_title}
  • {clean_title}
تابعو جهينة نيوز على google news
 
Email : info [at] johinanews.com
 
تصميم و تطوير