فاعلية الاسئلة النيابية بين الرقابة والمصالح
الخصاونة: ضرورة تنظيم العمل الرقابي
حسني: فقدان القيمة الرقابية نتيجة المصالح
الخشمان: أداة رقابية وتشريعية
هميسات: الرقابي لا يعيق الحكومة
العظم: ضعف تنسيق وأسئلة مكررة
العماوي: ضبط ممارسات البعض من خلال النظام الداخلي
الأنباط - الاف تيسير
الأسئلة النيابية إحدى الأدوات الرقابية المهمة التي يمتلكها النائب لمساءلة الحكومة عن أدائها وتوضيح القضايا التي تهمّ الرأي العام، ومع ذلك، تثار العديد من التساؤلات حول مدى فاعلية هذه الأداة، وما إذا كانت تُستخدم لتحقيق الرقابة الحقيقية أم أنها تحولت في بعض الأحيان إلى وسيلة لتحقيق المصالح الخاصة.
وبينما يدعو البعض إلى تنظيم آلية طرح الأسئلة وضبطها في النظام الداخلي للمجلس، يرى آخرون أن هذه الأداة تظل ضرورية لمساءلة الحكومة وتعزيز الشفافية، ما يستوجب العمل على تطويرها لضمان تحقيق أهدافها الرقابية والتشريعية الحقيقية.
النائب الأول لرئيس مجلس النواب د.مصطفى الخصاونة أكد على الدور الهام لمجلس النواب في الرقابة على أداء الحكومة ومتابعة أعمالها والشؤون المناطة بها بموجب الدستور والقوانين والأنظمة والتعليمات، مشددًا ضرورة عدم ترك الحكومة بمكوناتها ووزاراتها ومؤسساتها التابعة بدون رقابة ومساءلة عند الحاجة.
وأوضح الخصاونة أن المشرع الدستوري، في هذا النظام الدستوري القائم على مبدأ الفصل المرن بين السلطات، منح صلاحيات واضحة، وتحدث عن التعاون فيما يتعلق بالجوانب التشريعية والدور الرقابي المتبادل، مشيرًا إلى أن هناك أداة رقابية رئيسية متاحة للسلطة التنفيذية، وهي حل المجلس.
ومع ذلك، مُنحت السلطة التشريعية صلاحيات رقابية، أهمها منح الثقة وطرحها، بالإضافة إلى أدوات أخرى مثل توجيه الأسئلة والاستجوابات والتحقيق مع الوزير عند الاقتضاء، إذا ما كان هناك فعل يشكل جريمة وزارية وفق قانون الجرائم الوزارية.
وبيّن أن الأداة الرقابية الرئيسية التي تُستخدم كثيرًا هي توجيه السؤال، حيث يكون السؤال النيابي بمثابة استفسار عن مسألة غير متاحة للنائب أو لا تستطيع الحكومة تقديم إجابة عنها إلا عبر توجيه سؤال رسمي بموجب النظام الداخلي المستند إلى أحكام الدستور.
وأضاف الخصاونة أن الأسئلة النيابية تعزز الدور الرقابي لمجلس النواب على أداء الحكومة، لافتًا إلى أن هناك إغراقًا في عدد الأسئلة، حيث وُجّه حتى هذه اللحظة نحو 560 سؤالًا، ما يجعل من الصعب على المجلس طرح جميع هذه الأسئلة ضمن جداول أعمال الجلسات المقبلة.
كمراقب وعضو مجلس برلماني وسياسي، نفى الخصاونة وجود إساءة حقيقية تمارس من خلال أسئلة النواب، موضحًا أن توجيه السؤال النيابي حق مكفول، ولكنه محكوم بضوابط النظام الداخلي، منبهًا إلى أن بعض الأسئلة الرقابية تكون مكررة، أو من الممكن الحصول على إجاباتها دون الحاجة إلى طرحها تحت قبة البرلمان.
وأكد أن النظام الداخلي اليوم يمنح للنائب حق توجيه الأسئلة، ولكن عند قراءة نصوص المواد المتعلقة بذلك، نجد أنها تخاطب العضو النائب على أساس فردي، بينما الدولة الأردنية لديها مشروع نهضوي وطني، والمكوّن النيابي أصبح مكوّنًا جمعيًا قائمًا على أسس حزبية وكتلوية.
وبالتالي، يرى الخصاونة أن الخطاب النيابي لا يزال فرديًا رغم أن المجلس النيابي الحالي يعمل ضمن مشروع سياسي كبير قائم على الكتل البرلمانية.
وأشار الخصاونة إلى أن الأصل في النصوص الدستورية أن تكون ضمن الدستور، لكن الدستور لا يمكنه استيعاب جميع القواعد التفسيرية، ولذلك أحال الأمر إلى مجلسي النواب والأعيان لوضع أنظمة تفسيرية،موضحًا أن القواعد الموجودة في النظام الداخلي تُعتبر أعلى مرتبة من القوانين العادية ولكنها أقل من الدستور، لأنها جاءت بموجب تفويض من المشرع الدستوري لذا، يجب إعادة النظر في هذه القواعد لتتيح للمكونات الحزبية والكتلوية ممارسة دورها الرقابي بشكل أكثر فاعلية، سواء من خلال الأسئلة، أو الاستجوابات، أو التحقيقات البرلمانية.
وأكد على وعي الشعب الأردني، واصفًا إياه بالشعب السياسي القادر على التفريق بين الأسئلة "الاستعراضية" التي تستهدف مخاطبة الشعبوية، وبين الأسئلة الجادة التي تهدف إلى الرقابة الحقيقية، وأوضح أن الإعلام الموضوعي قادر أيضًا على تقييم طبيعة هذه الأسئلة.
وفي هذا السياق، أوصى الخصاونة الجهات والهيئات والمراكز الرقابية بضرورة ممارسة دورها في تقييم الأسئلة النيابية من حيث النوعية والكمية، مشيرًا إلى أن هناك كفاءات قادرة على إجراء هذا التقييم، مبينًا أن السباق بين النواب في عدد الأسئلة الموجهة قد أدى إلى طرح بعض الأسئلة غير النوعية، وهو ما يظهر جليًا من خلال اكتفاء النواب بإجابات بعض الأسئلة.
بدوره، يرى الزميل الصحفي والخبير في الشؤون البرلمانية وليد حسني أن الأسئلة النيابية، رغم أهميتها كأداة رقابية، فقدت جزءًا من قيمتها بسبب استخدامها لتحقيق مصالح شخصية أو خدماتية لبعض النواب، موضحًا أن بعض النواب، بمجرد حصولهم على ما يريدون من الحكومة، يسحبون أسئلتهم أو يطلبون عدم مناقشتها، ما يؤدي إلى إجابات حكومية مختصرة وغير وافية، وأحيانًا متأخرة جدًا.
وأضاف، أن الحكومة بدورها لا تأخذ مثل هذه الأسئلة بجدية، إذ أن بعض الأسئلة تبقى لديها لمدة عام كامل رغم أن النظام الداخلي للمجلس يلزمها بالإجابة خلال مدة زمنية قصيرة.
وأشار حسني إلى أن مجلس النواب نفسه لا يعزز الدور الرقابي للأسئلة النيابية، حيث لا يلتزم بإدراجها ضمن جدول الأعمال بانتظام، رغم أن النظام الداخلي ينص على تخصيص جلسة رقابية واحدة مقابل ثلاث جلسات للتشريع.
أما الصحفي الزميل عبد الله العظم فيرى أن عدم التنسيق بين النواب يؤدي إلى تكرار الأسئلة، ما يؤثر على فعاليتها، مشيرًا إلى الجدل الدائر حول مدى جواز السؤال عن أسماء العاملين في المؤسسات العامة وقيمة رواتبهم، حيث يتم اللجوء أحيانًا إلى المحكمة الدستورية للبت في الأمر، لكن الإجابات تكون أحيانًا مُسيسة.
وأضاف العظم أن هناك تراجعًا في الدور الرقابي لمجلس النواب، وأن على الحكومة أن تكون أكثر تجاوبًا في الرد على الأسئلة النيابية، بدلًا من اللجوء إلى المراوغة أو عدم تقديم إجابات واضحة.
من جانبه، أكد النائب مصطفى العماوي أن الأسئلة النيابية يجب أن تكون واضحة ومحددة، مشيرًا إلى أن بعض الأسئلة مكررة ويدخل بها عنصر السرعة، ما يؤدي إلى إجابات حكومية عامة وغير مفيدة، مشددًا على ضرورة معالجة الخلافات حول الشراكات التي تساهم فيها الحكومة بنسبة أقل من 50%، حيث أن ديوان المحاسبة لا يستطيع التدقيق على الشركات التي تقل نسبة مساهمة الحكومة فيها عن هذه النسبة، وهو ما يثير إشكاليات رقابية.
وأوضح العماوي أن بعض النواب يستخدمون الأسئلة لأغراض شخصية أو لإثارة قضايا معينة في مؤسسات محددة، ما يستدعي ضبط هذه الممارسة في النظام الداخلي، لافتًا إلى أن بعض الأسئلة النيابية قد تربك الحكومة، خاصة إذا تطلبت إجابات مطولة تصل إلى مئات الصفحات، ما قد يؤثر على سير عملها.
واتفق النائب زهير الخشمان أن الأسئلة النيابية تُعدّ أداة أساسية للرقابة والتشريع، مشيرًا إلى أن النائب يستخدمها للاستفسار عن المعلومات والبحث عن المعرفة، بالإضافة إلى الرقابة على الحكومة، مضيفًا أن الأسئلة النيابية لا ينبغي أن تُستخدم لأغراض سياسية، مشددًا على ضرورة التركيز على "الأسئلة النوعي" التي تخدم الوطن والمواطن.
بدوره، أكد النائب أحمد هميسات أن من حق النائب توجيه الأسئلة للحكومة، مشيرًا إلى أن ذلك لا يعيق عملها، بل هو جزء من دوره الرقابي والتشريعي مضيفًا أن الأسئلة النيابية تهدف إلى إيصال المعلومات للناس ومساءلة الحكومة عن إنجازاتها، بما يخدم مصلحة الوطن والمواطن