ترامب والشرق الأوسط.. سياسات متغيرة وآفاق جديدة بالعلاقات الدولية
لا تغيير بنهج الرئيس الامريكي بالتعامل مع المنطقة
"صفقة القرن".. "خيال سينمائي" أكثر من كونها واقعية
الأنباط - محمد شاهين
في حوار موسع مع المحلل السياسي بشار جرار، العضو في الحزب الجمهوري الأمريكي، عبر برنامج قراء المشهد، تم تسليط الضوء على أبرز القرارات والسياسات التي تبنتها إدارة الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب خلال فترته السابقة وبدايته الحالية تجاه الشرق الأوسط.
الحوار تناول العديد من القضايا التي أثرت بشكل كبير على المنطقة، مثل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، التعامل مع اليمين المتطرف، وكذلك تأثير قرارات ترامب على التحولات الاستراتيجية في علاقات الولايات المتحدة مع بعض دول المنطقة.
كما تطرق جرار إلى تأثير تلك السياسات على استقرار المنطقة، والنقد الموجه لها، إضافة إلى مناقشة مواقف الأردن والموقف الفلسطيني إزاء هذه السياسات.
التغيرات والشرق الأوسط
أشار جرار في بداية حديثه إلى أن سياسات إدارة ترامب تجاه الشرق الأوسط شهدت تحولًا لافتًا بالمقارنة مع السياسات السابقة التي كانت تتبعها الإدارات الأمريكية الأخرى، خاصة إدارة الرئيس جورج بوش الابن، كما سلط الضوء على المواقف الحادة التي تضمنتها مذكرات مستشار الأمن القومي السابق جون بولتون، حيث انتقد بشدة سياسات بوش في المنطقة واعتبرها السبب الرئيس وراء الحروب المدمرة، لا سيما الحرب في العراق.
وأضاف أن ترامب جاء بتوجه جديد يختلف جذريًا عن تلك السياسات، مشيرًا إلى أن إدارته كانت تسعى لوضع نهاية لهذا النهج العسير.
وركز جرار على فكرة أن ترامب اتبع سياسة ترتكز على الأمن القومي الأمريكي أولًا، ومن ثم بناء علاقات اقتصادية وتجارية مع الدول الحليفة في المنطقة، إذ كان يعتقد أن الأمن والاستقرار يجب أن يكونا على رأس أولويات الولايات المتحدة إذا أرادت التوصل إلى حلول دائمة وفعالة لمشاكل المنطقة.
الخطاب الأمريكي
وفي معرض الحديث عن النهج الذي اتبعته الولايات المتحدة في خطابها السياسي، أكد جرار أن ترامب قام بتطوير لغة سياسية مغايرة، إذ انتقد الخطاب التقليدي الذي يعتمد على العواطف والصراخ، معتبرًا أن هذا النوع من الخطاب يضر بالمصالح الأمريكية والعالمية على حد سواء.
وأوضح أن الخطاب الهادئ والعقلاني هو الطريق الأنجح لإقامة علاقات استراتيجية فعالة، خصوصًا مع دول الشرق الأوسط.
وشدد على ضرورة الابتعاد عن الانفعالات الحادة والتوجه نحو حلول دبلوماسية مستدامة تعتمد على العقل والحكمة.
التعامل مع اليمين المتطرف
وفي حديثه عن السياسة الأمريكية الداخلية، تطرق جرار إلى قضية اليمين المتطرف في الولايات المتحدة وكيفية تعامل إدارة ترامب مع هذه الظاهرة.
وأشار إلى قرار ترامب بإلغاء العقوبات المفروضة على بعض الجماعات اليمينية المتطرفة، معتبرًا أن هذا القرار كان جزءًا من سياسة أوسع تهدف إلى إعادة ترتيب الأوراق الداخلية في الولايات المتحدة.
ورغم ذلك، شدد على أن إدارة ترامب كانت حازمة في مواجهتها للعنف والإرهاب، حيث تبنى سياسة عدم التسامح مع أي شكل من أشكال العنف، بغض النظر عن توجهات مرتكبيه.
صفقة القرن
واحدة من أبرز القضايا التي تناولها جرار كانت "صفقة القرن" التي طرحتها إدارة ترامب كحل شامل للنزاع الفلسطيني الإسرائيلي.
وقد وصف جرار هذه "الصفقة" بأنها كانت بمثابة "خيال سينمائي" أكثر من كونها خطة واقعية لحل القضية الفلسطينية، موضحًا أن مسمى "صفقة القرن" كان مبنيًا على تصورات غير واقعية تتعلق بتحقيق السلام في الشرق الأوسط من خلال فرض اتفاقات شاملة، دون معالجة جذور المشاكل السياسية التي تسببت في النزاع المستمر.
ورغم ذلك، أكد جرار أن ترامب كان يهدف إلى تغيير الديناميكيات السياسية في المنطقة، ليس من خلال فرض حلول سياسية قسرية، بل عبر التركيز على الأمن أولًا ثم الاقتصاد، وهو ما تجسد في اتفاقات "إبراهيم" التي أبرمت بين الإمارات والمغرب وإسرائيل.
وقد أشار إلى أن هذه الاتفاقات كانت خطوة غير مسبوقة في تعزيز العلاقات بين الدول العربية وإسرائيل، ولكنها في ذات الوقت لم تثمر عن حل حقيقي للنزاع الفلسطيني الإسرائيلي.
الموقف الأردني
فيما يتعلق بالأردن، شدد جرار على الدور المحوري الذي تلعبه المملكة في الحفاظ على الاستقرار الإقليمي، مشيرًا إلى أن الأردن حافظ على موقف ثابت ضد سياسات التوطين وتهجير الفلسطينيين.
ورأى أن الأردن هو جزء أساسي من الأمن الإقليمي، حيث رفض أي محاولات لتغيير الوضع القائم أو إملاء حلول تتعارض مع مصالحه الوطنية.
وفيما يخص علاقات الأردن مع إدارة ترامب، أكد جرار أن المملكة كانت حريصة على الحفاظ على قنوات التواصل مع واشنطن، لكنها كانت أيضًا حريصة على المحافظة على ثوابت المواقف الأردنية تجاه القضية الفلسطينية.
آفاق المستقبل
وفيما يتعلق بإمكانية عودة ترامب إلى الساحة السياسية عبر صفقات جديدة تستهدف الشرق الأوسط، أشار جرار إلى أن ترامب لن يغير من نهجه الأساسي في التعامل مع المنطقة، بل إنه سيواصل التركيز على الأمن أولًا، والاستثمار ثانيًا، باعتبارهما العوامل الرئيسية لتحقيق السلام المستدام. ولفت إلى أن العديد من الدول في المنطقة، بما في ذلك الإمارات والمغرب، كانت قد وافقت على توقيع اتفاقات مع إسرائيل بناءً على هذا المبدأ.
وأضاف أن ترامب كان يرى أن حل القضايا الأمنية هو الأساس لتحقيق استقرار طويل الأمد في المنطقة، وأنه على الرغم من الضغوط التي كانت تمارس عليه من بعض الجهات لتبني سياسات أكثر قسوة، إلا أنه كان يفضل العمل على بناء علاقات أمنية واقتصادية بدلاً من الإصرار على حلول سياسية غير قابلة للتحقيق.
وختم جرار حديثه بأن سياسات إدارة ترامب تجاه الشرق الأوسط قد أدت إلى تحولات استراتيجية في العلاقات الدولية، حيث سعى إلى وضع قواعد جديدة للتعامل مع النزاعات الإقليمية من خلال التركيز على الأمن أولًا، ومن ثم الاقتصاد.
وبالرغم من الانتقادات الواسعة التي واجهتها بعض مواقف ترامب، لا سيما في ما يتعلق بالقضية الفلسطينية، فإن مواقف الإدارة كانت تهدف إلى تقليل المخاطر الأمنية وتعزيز الاستقرار في المنطقة.