المجلس الوطني لتكنولوجيا المستقبل.. خطوة صوب تعزيز الريادة الرقمية
المجلس الوطني لتكنولوجيا المستقبل.. خطوة صوب تعزيز الريادة الرقمية
د.عدي المعايطة - أستاذ جامعي وخبير تقني
في ظل تطور التكنولوجيا المتسارع، بات من الضروري بناء مؤسسات وطنية ريادية لحشد الجهود، وتوجيهها صوب بناء مستقبل رقمي مزدهر.
وانطلاقاً من هذه الرؤية، جاء التكليف الملكي السامي بتشكيل المجلس الوطني لتكنولوجيا المستقبل، ليشكّل منصة استراتيجية لتعزيز مكانة الأردن دولة رائدة في مجال تكنولوجيا المعلومات والاقتصاد الرقمي.
ولضمان تحقيق أهدافه بكفاءة، يقترح أن يعتمد المجلس هيكلاً تنظيمياً مرناً مرتبطاُ برئيس الوزراء وتحت رئاسته، فيما يسانده نائب من الشخصيات البارزة في قطاع التكنولوجيا. وفي هرمية المجلس أمانة عامة تتولى مهام التنسيق اليومي وإدارة العمليات التنفيذية إلى جانب التشبيك مع الشركاء محليا، إقليميا ودوليا. ولتغطية مختلف جوانب العمل، يمكن تشكيل لجان فرعية مختصّة؛ مثل السياسات والتشريعات التكنولوجية، الابتكار وريادة الأعمال، بناء القدرات الرقمية، الشراكات والتعاون الدولي ولجنة تقييم الأداء.
ولتحقيق أقصى استفادة ممكنة، يُوصى بأن يضم المجلس نخبة من الخبراء المحليين والدوليين، وممثلين عن القطاعين الحكومي والخاص، والأوساط الأكاديمية، ورواد الأعمال الشباب، ليغطي بذلك مجالات متنوعة مثل الذكاء الاصطناعي، الأمن السيبراني وتقنية الـ (Blockchain)، وهي تقنية ثورية تُستخدم لتسجيل البيانات والمعاملات بشكل آمن وشفاف، بحيث يصعب تغييرها أو التلاعب بها، وبالتالي يمكنها احداث "ثورة" في إدارة البيانات وأتمتة العمليات، بشكل آمن في قطاعات الرعاية الصحية والتعليم والاقتصاد.
ويمكن للمجلس أن يضطلع بمهام استراتيجية كوضع استراتيجية وطنية للتكنولوجيا المستقبلية، إطلاق مشاريع نوعية مثل مراكز الابتكار، بناء القدرات البشرية من خلال برامج تدريبية متخصصة، وتعزيز الشراكات مع شركات عالمية ومؤسسات دولية بالإضافة إلى قياس الأداء وإصدار التقارير الدورية.
وفي هذا السياق، يمكن للأردن أن يستفيد من تجارب دولية ناجحة، مثل المملكة المتحدة، سنغافورة، والولايات المتحدة؛ والتي ركزت على دعم الابتكار، إنشاء مراكز متخصصة وتعزيز السياسات الداعمة للاقتصاد الرقمي في أماكن آمنة تسمح للشركات بالتجربة والابتكار في بيئة خاضعة للرّقابة.
ويؤمل في أن يسهم تشكيل المجلس في تحقيق العديد من النتائج الإيجابية، كتطوير اقتصاد رقمي مزدهر، تأمين فرص عمل للشباب، دعم المشاريع الريادية وتعزيز التنافسية العالمية للأردن.
ووفق الرؤية الملكية الثاقبة العابرة للأجيال، يشكل المجلس الوطني لتكنولوجيا المستقبل خطوة جوهرية نحو بناء مستقبل رقمي مستدام وتعزيز مكانة الأردن كمركز إقليمي للتكنولوجيا والاقتصاد الرقمي.