أكاديميّونَ وسياسيّون: الأردنُّ أمامَ فرصةٍ تاريخيّةٍ لإعادةِ بناءِ العلاقاتِ مع سوريا وتعزيزِ دورِه الإستراتيجيِّ في المنطقة
أكاديميّونَ وسياسيّون: الأردنُّ أمامَ فرصةٍ تاريخيّةٍ لإعادةِ بناءِ العلاقاتِ مع سوريا وتعزيزِ دورِه الإستراتيجيِّ في المنطقة
أجمعَ أكاديميّونَ وسياسيّونَ وصحافيّونَ أنّ الأردنَّ أمامَ فرصةٍ استثنائيّةٍ حيالَ الأوضاعِ في سوريا؛ لإعادةِ بناءِ علاقاتٍ إستراتيجيّةٍ سياسيّة، واقتصاديّة، وتجاريّة، إضافةً إلى تعزيزِ مكانتِه الإستراتيجيّةِ في المنطقة.
وجاءَ ذلك أثناءَ ندوةٍ بعنوان: سوريا ما بعدَ الأسد: فرصٌ وتحدّياتٌ "أردنيًّا وإقليميًّا"، نظّمَها مركزُ الدّراساتِ الإستراتيجيّةِ في الجامعةِ الأردنيّة، بمشاركةِ عددٍ من الأكاديميّينَ منَ الجامعاتِ العالميّةِ المختلفة، إلى جانبِ الخبراء، والسّياسيّين، والصّحافيّينَ المهتمّينَ بالشّأنِ العربيّ.
وأشاروا إلى أنّ ما تبذلُهُ السّياسةُ الخارجيّةُ الأردنية حتّى اليوم مبشّرٌ وسبّاق؛ إذْ كان جلالةُ الملكِ عبدِ اللهِ الثّاني أوّلَ زعيمٍ عربيٍّ يتطرّقُ إلى هذا الحدثِ التّاريخيِّ في تصريحاتِه، منوّهًا إلى أنّ "الأردنّ يقفُ إلى جانبِ الأشقّاءِ السّوريّين، ويحترمُ إرادتَهم وخياراتِهم"، مشدّدًا في الوقتِ نفسِه على ضرورةِ تحقيقِ الاستقرارِ في سوريا ومنعِ الفوضى.
وقالَ دولةُ رئيسِ الوزراءِ الأسبق الدكتور عبد الرؤوف الروابدة إنّ الشّعبَيْن؛ الأردنيَّ والسّوريَّ تجمعُهم روابطُ أخوّةٍ متينةٌ وراسخةٌ ضاربةٌ جذورُها في التّاريخ، وتجمعُهم وحدةُ الدّمِ والمصير.
وأضافَ أثناءَ مداخلتِه إنّ السّياسةَ الأردنيّةَ تسيرُ بالاتّجاهِ الصّحيح، مشدّدًا على ضرورةِ توخّي الحذرِ والحرصِ الشّديدَيْن؛ إذْ إنّ الأوضاعَ حتّى اللّحظةِ تعمُّها الفوضى، وتسودُها حالةٌ من عدمِ الاستقرار؛ فالإدارةُ الجديدةُ ما تزالُ قيدَ التّقييم.
وأوضحَ أنّ العلاقاتِ الأردنيّةَ السّوريّةَ أمامَ تحدّيَيْن؛ هما عدمُ استقرارِ النّظامِ الجديد، ووجودُ فصائلَ جهاديّةٍ نشطةٍ ما تزالُ تعملُ على الأرض، وعدمُ توخّي المؤسّسةِ الأمنيّةِ التّوحُّدَ في ظلِّ قيادةٍ واحدة.
ومن جانبِه قال مديرُ مركزِ الدّراساتِ الإستراتيجيّةِ الدكتور حسن المومني إنّ النّظامَ السّوريَّ الجديدَ واعد، ويشكّلُ فرصةَ استقرارٍ سياسيّ، لا سيّما أنّه كان مصدرًا للقلقِ في الأردنّ.
وبين المومني، أثناءَ حديثِه، إنّ الأردنَّ يستطيعُ توظيفَ الدّورِ التّركيّ، والتّأثيرَ فيه فيما يتّصلُ بسوريا؛ فالأردنُّ التًاريخيُّ له علاقاتٌ قويّةٌ مع مكوّناتٍ عراقيّةٍ وسوريّة.
وأضاف أنّ العلاقاتِ الأردنيّةَ التّركيّة، وتطوّراتِها ليست من أجلِ الموضوعِ الأمنيِّ في سوريا حسب، بل لأنّ الاقتصادَ التّركيَّ قويّ، وهذا قد ينعكسُ إيجابًا على الأردنّ.
ومن جانبِه قالَ الدكتور سمير تقي الدين مديرُ عامّ مركزِ الشّرقِ للبحوثِ إنّ مصلحةَ الأردنِّ تقتضي دفعَ عجلةِ الاستقرارِ في سوريا، لا سيّما أنّ لتركيا وأمريكا دورًا بارزًا في سوريا في الوقت الذي ترتبط به الأردنّ، معهما بروابطَ قويّةٍ ومؤثّرة.
وأضاف أنّ سوريا تبدي سعيًا جادًا إلى إعادةِ تموضعِها في المناخِ الاقليميِّ الراهن، وهذا يحتاجُ إلى دعمِ دولِ المنطقةِ لها، ويمكنُ أن يكونَ للأردنِّ دورٌ بارزٌ في هذا السّياق.
ومن جانبِه قال الدكتور آنوش من جامعة درهام في المملكةِ المتّحدةِ إنّ سوريا أساسُ التّحوّلاتِ العميقةِ في المنطقةِ العربيّة، وعلى دولِ المحيطِ أن تدرسَ تاريخَ سقوطِ النّظامِ السّابق؛ لمعرفةِ ما ستؤولُ إليه الأمورُ مستقبلًا.
أستاذُ التّاريخِ الدّوليِّ في جامعةِ كيل الدكتور بولنت غوكي شدّدَ على أنّ القوّةَ الإقليميّةَ عليها مسؤوليّاتٌ جسامٌ أمامَ إعادةِ الاستقرارِ في سوريا، وكفِّ يدِ القوى المستفيدةِ من شقِّ الصّفِّ السّوريّ؛ فإنْ فشلتْ الإدارةُ الجديدة؛ فستعودُ سوريا إلى حربٍ أهليّةٍ من جديد، وعليها النّظرُ بشموليّةٍ وترسيخٍ للدّيموقراطيّة، وإشراكُ الأقليّاتِ في صنعِ القرار.
النّاشطُ السّوريُّ نجيب عضبان قال إنّ الإدارةَ الجديدةَ في سوريا تبدي حرصًا شديدًا على إعادةِ بناءِ العلاقاتِ السّوريّةِ العربيّة، وتركّزُ على الأمنِ الإقليميّ، ومكافحةِ الإرهاب، وتعطي أولويّةً لإعادةِ الإعمار؛ وهذا يبشّرُ بعلاقاتٍ سوريّةٍ عربيّةٍ ذاتِ آفاقٍ مستقبليّةٍ واعدة.
وأضافَ أنّ الإدارةَ الجديدةَ بأمسِّ الحاجةِ إلى الحضنِ العربيّ؛ لمساعدتِها على رفعِ العقوبات، وصعودِ تصنيفِها الأمنيّ، والائتمانيّة.
رئيسُ الدّيوانِ الملكيِّ السّابق، ووزيرُ الخارجيّة، ونائبُ رئيسِ الوزراءِ الأسبقِ الدكتور جواد العناني قال إنّ الإدارةَ السّوريّةَ يمكنُها الاستفادةُ من التّجربةِ الدّيموقراطيّةِ الأردنيّة؛ إذ تقدّمُ أنموذجًا جديدًا في الحكمِ قادرًا على التّعاطي مع المستنداتِ الإقليميّةِ العالميّة، وبناءِ نظامٍ إنتاجيٍّ من الأساسِ لا ريعيّ.
وإلى ذلك قال الصّحافيُّ نضال الفراعنه إنّ على الإدارةِ الجديدةِ الاستفادةَ من تجرِبةِ الأتراكِ الحزبيّةِ والسّياسيّةِ في إعادةِ تنظيمِ البيتِ الدّاخليّ.
وأشارَ مشاركونَ إلى أنّ الأردنَّ أمامَ فرصةٍ لتعزيزِ دورِه الإستراتيجيّ، لا سيّما في ظلِّ الإدارةِ الأمريكيّةِ الجديدة؛ نظرًا لما يتمتّعُ به من علاقاتٍ مؤثِّرةٍ جدًا في السّاحتَيْن؛ السّوريّة، والعراقيّة، إلى جانبِ علاقتِه التّاريخيّةِ مع الدّولةِ التّركيّة.