مقبض التحكم في المنطقة
حاتم النعيمات
تحليل الوضع في الدول التي تعيش الأزمات في الوطن العربي لا يجب أن يخضع للعواطف والانفعالات، وأركز هنا على الانفعالات. فبداية دمار هذه الدول كانت بتوجيه الحملات الإعلامية لتخاطب العواطف والانفعالات، وعدم القدرة على حل أزمات هذه الدول أساسه ذات العقلية التي تؤمن بالحلول السحرية عبر الفرد الواحد.
البعض يميل -للأسف- إلى الاعتقاد بالفرد وليس بالمؤسسة والتخطيط. ولو تتبعنا نتائج اتِّباع الأفراد الذين يختزلون الأنظمة السياسية في ذواتهم، للاحظنا أن هذا النهج هو الذي أودى بالاستراتيجية العربية وأوصلها إلى ما نراه اليوم. منطقتنا، للأسف، أصبحت ساحة للصراع الدولي والإقليمي باستخدام هذا التوجه الاجتماعي.
من حق الناس أن يعتقدوا بما يريدون، ولكن الركض وراء الشخصيات المتهورة تحول إلى نمط غريب من التفكير يبعدنا عن العمل المؤسسي، وأوصلنا إلى حالة مأساوية.
المُلفت في الموضوع أن القوى الدولية والإقليمية التي تسعى لتنفيذ مخططاتها في المنطقة العربية تدرك هذه الخاصية في الذهنية العامة لأبناء المنطقة. ومن يلاحظ عملية "تضخيم” بعض الشخصيات من قبل تلك الدول يفهم أن هذا التضخم هو المصدر الأهم لخلق الذرائع لتغيير واقع المنطقة.
إذا كانت دول عظمى مثل روسيا والصين تتعامل مع الولايات المتحدة وحلفائها بعقلانية دون تحدٍّ مباشر للمجتمع الدولي، فكيف تستطيع بعض الشخصيات في منطقتنا تحدي العالم دون مقومات تُذكر؟
ما يغذي ظهور هذه الشخصيات كل فترة هو وجود شعبية كبيرة تصفق لها، حتى تحولت هذه الخاصية إلى "مقبض” يمكن تحريك المخططات الخارجية من خلاله. ولو قرأنا سلسلة "الذرائع" التي استخدمتها القوى الدولية والإقليمية للتدخل في المنطقة، لوجدنا أن الفرد السياسي المتهور هو الأساس.
ربما تكون هذه التجارب القاسية التي تمر بها المنطقة درسًا واضحًا للتحول إلى المؤسسية والتخطيط بدلاً من اللجوء إلى الفرد كحل. فلا يمكن ألا تكون هناك مراجعة عميقة بعد كل هذا الدمار الذي حل في المنطقة منذ عام 2011 على الأقل.