هجرة الكفاءات.. حاجة لتحليل السلبيات والإيجابيات
عبيدات: توجّه طلبة الطب للاختصاص في الخارج ميّزة للجامعة الأردنية
خويلة: هجرة الكفاءات الطبّيّة قديمة جديدة وبحاجة تحليل شامل
الأنباط - كارمن أيمن
ظاهرة هجرة الكفاءات وخاصّة الطبيّة تزداد يومًا بعد يوم ما يؤكد الحاجة لتحليلٍ شامل يبيِّن تأثيراتها السلبية والإيجابية على المجتمع المحلي.
فتُسجِّل الإنجازات الطبيّة الأردنيّة في العديد من الدول الغربية يبني تصورًا قويًا للكفاءات الأردنية، وينعكس على مستقبل الوطن في شتّى الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والتعليمية.
ويرى خبراء أن الأردنيين العاملين في الخارج يُمثِّلون الوطن كسُفراء، ما ينعكس إيجابًا على المجمتع والوطن، فضلاً عن دورهم في مساعدة زملائهم من الطلبة المتميزين للتقديم والاختصاص في الدول الداعمة.
وأشار رئيس الجامعة الأردنية الدكتور نذير عبيدات إلى أنَّ السبب الرئيسي حول اختيار طلبة الطب للدراسة بالخارج تعود إلى عدم حصولهم على المعدل الذي يؤهِّلهم لدراسة التخصّص داخل الأردن، موضِّحًا أنَّ ما يقارب الربع مليون طالب يتقدَّم لدراسة الطب في الجامعة الأردنية سنويًّا، إذ يتم انتقاء نحو500 إلى 600 طالب من بينهم.
وأضاف أنَّ عدد خرّيجي الطب في الأردن يفوق العدد المطلوب، ممَّا جعل العمل في الخارج خيارًا واردًا في أذهانهم، لا سيَّما أنَّ سوق العمل أصبح "سوقًا عالميًّا" و"ليس سوقًا لكل بلد".
ولفت إلى أنَّ الثلث من طلبة الطب في الجامعة الأردنية يحظَون بفرصة اختصاص في الولايات المُتَّحدة الأمريكية، وهذه ميزة تُحتسب للجامعة وللأردن، ويرجع ذلك لنتائجهم في الاختبار الأمريكي للأطباء بعد إنهاء سنوات الدراسة للطب العام وِفقًا لقوله.
وأكَّد عبيدات على أنَّ الطلبة الأردنيين العاملين في الخارج يُمثِّلونها كسُفراء، ما ينعكس إيجابًا على المجمتع والوطن، فضلاً عن دورهم في مساعدة زملائهم من الطلبة المتميزين للتقديم والاختصاص في الدول الداعمة.
و نوّه على أنَّ كادر تدريس طلبة الطب في الجامعة الأردنية هم ممَّن اختصّوا وامتازوا بدول غربية، مُوضِّحًا أنَّ مشكلة كلية الطب تكمن في عدم كفاية الأسرّة المتاحة في التدريب بمستشفى الجامعة.
وبيَّن أن الجامعة تهدف للتوسُّع باتِّفاقيات مع مستشفيات القطاع الخاص والخدمات الطبية ووزارة الصحّة ومركز الحسين للسرطان وغيرها، لكن على الرغم من ذلك إلَّا أنَّهم بحاجة لمستشفى تعليمي للتدريب، ولأطباء ذو اختصاصات فرعية.
ولفت إلى أنَّ خريج الجامعة الأردنية عمر الحتاملة يعمل حاليًّا في وكالة ناسا، ما يعني أنَّ الأردن يحتضن الكثير من الكفاءات إلّا أنَّ المشكلة تتمثَّل في التمويل، خاصّة أنَّ تصنيع الدواء الواحد يحتاج مليار دولار، بالإضافة إلى الحاجة لوجود بنية تحتية مُتقدِّمة وأنظمة تشريعية.
وفي السياق، أشار الدكتور المتخصِّص في علم الاجتماع محمد خويلة إلى أنَّ ظاهرة هجرة الكفاءات وخاصّة الطبّيّة تزداد يومًا بعد يوم، فهي ظاهرة قديمة جديدة وتحتاج إلى تحليل شامل يبيِّن تأثيراتها السلبية والإيجابية على المجتمع المحلي، إذ إنَّه يحق لكل شخص تحسين ظروفه المعيشية والحياتية، وتزامنًا مع ذلك، فإنَّه يقع على عاتق الحكومات إنشاء بيئة مشجعّة ومحفِّزة للاهتمام بهذه المواهب واحتضانها وتوفير فرص النمو والتطور بالإضافة إلى توفير فرص عمل مجزية.
وأوضح أنَّ زيادة هجرة الكفاءات العلمية والطبّيّة تعود لأسباب عديدة، تتلخَّص في عدم توفير فرص العمل المناسبة بالإضافة إلى البطالة ومحدودية الرواتب والتهميش، ففي ظل المشكلات التي تعاني منها الأردن، إلَّا أنَّ بعض الدول تتبنّى وتُقدِّم خطط وسياسات ذكية لاجتذاب أصحاب الكفاءات والمهارات الخاصة باعتبارهم ثروة قوية لمؤسساتهم، ويتم ذلك عبر تهيئة البيئة العملية المناسبة لمواصلة البحث والتطوير، فضلاً عن تقديمهم أجور مجزية وضمانات اجتماعية عالية.
وأضاف خويلة أنَّ هجرة الكفاءات تنعكس على مستقبل الوطن في شتّى الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والتعليمية، لافتًا أنَّ للأردن "أولوية" في استثمار عقول أبنائها من طلبة الكليَّات الطبّيّة، بالإضافة إلى الأطباء الأردنيين العاملين في الخارج.
ونوَّه إلى ضرورة تخصيص مؤسسة أو إدارة للتواصل مع الأطباء وطلبة الكلِّيَّات الطبية من خلال توفير قاعدة بيانات تحتوي على المعلومات الأساسيّة المتعلِّقة بهم، بالإضافة إلى تحديد تخصصاتهم وخبراتهم العمليِّة، ويأتي ذلك بالتعاون مع السفارات الأردنية في الخارج لاستقطابهم وإشراكهم في المشاريع الصحية والتنموية وبالاتفاق مع الجامعات للاستفادة من خبراتهم وتجاربهم.
ودعا إلى أهميّة تنظيم الندوات والمؤتمرات العلمية بهدف دمج الكفاءات مع بعضها، خاصّة أنَّ هناك عدد كبير من الأطباء المهاجرين يعملون في مراكز ذات مكانة عالية حيث يمكن الاستفادة منها لخدمة الوطن والمواطنين.
من الجدير ذكره، ظهور ابتكارات جديدة لأطباء وطلبة درسوا وعملوا في الخارج، إذ يُعتبرالطبيب الأردني مأمون الحمادشة نموذجًا يحتذى به في العالمين العربي والغربي، إذ لم يقتصر إبداعه على ابتكار دواء لعلاج اعتلال عضلة القلب النشواني فحسب، بل ابتكر أيضًا لقاحات مفيدة لمرضى السرطان.
كما وأجرت الطبيبة الأردنية دينا الراميني أوَّل عملية زراعة قلب نابض لمريضة تبلغ من العمر 62 في ولاية "كونيتيكت" الأمريكية، وتكلَّلت بالنَّجاح.
الحمادشة والراميني، من الكفاءات البشرية التي حظيت بفرصة استثمار من دول الغرب، ويعود السبب كونهم وجدوا بيئة حاضنة لعقولهم وخبراتهم، لكنّ هناك الآلاف من الشباب الأردنيين الذين لم يحصلوا على فرص مماثلة لإظهار مواهبهم.